السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اغتصبوا الميراث فحُرموا الذرية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دأب بعض المستشرقين وغيرهم ممن يحاولون طعن الإسلام على السعى لالتقاط بعض الأمور المغلوطة أو غير المفهومة في الشريعة الإسلامية للتشكيك فيها، ومن أكثر الأشياء التى انتقدونها "الميراث".. فتهكموا على توريث الذكر ضعف الأنثى، أو توريث الأعمام في حالة عدم وجود ابن ذكر، وغيرها من حالات اعتبروها انتقاصا من حقوق المرأة!.. رغم إغفالهم أن الله تعالى قد جعل نصيب المرأة ضعف الرجل في حالات أخرى، وحتى الحالات التى منح الله تعالى فيها للرجل حق يفوق المرأة، فقد وضع أمام هذا الحق واجب أكبر تجاهها، لأن الإسلام يكلف هؤلاء الوارثين بتحمل المسئولية المادية والمعنوية.. وبالتالى فكل حق أمامه واجب، وليس ذنب الشرع أن البعض يعرف حقوقه ويتناسى واجباته.. وبالتأكيد التقصير في ذلك أو الجور على الحقوق لا يغفل عنه رب العباد، بل يحاسب من يتجرأ على ذلك أشد الحساب، في الدنيا والآخرة..وقد استوقفتنى بعض الأمثلة في مسألة الميراث، والتى كانت بمثابة آيات من الله تعالى كى يتعظ عباده، وينصاعون لما شرعه الله، وخاصة في تلك الأمور التى تتعلق بحقوق الناس أو حرمانهم منها في حالة رفض التقسيم الشرعى.. ورغم أننى لست من المخول لهم الحديث في الأمور الشرعية، إلا أننى قررت الكتابة في هذا الموضوع من زاوية إنسانية، كى نتأمل كيف يدبر الله تعالى أمور خلقه، وكيف يعاقب من يعتدى في الدنيا والآخرة.. إحدى الأمثلة التى استوقفتى حكاية في إحدى القرى، لأب أغناه الله تعالى من سعة، ورزقه ولد وثلاث بنات، ومثل كثيرين في ذلك الوقت، منح الأب كل ممتلكاته لابنه، وكانت البنات ما زلن صغارا، وتوفى الأب وهو مطمئن على بناته الذى تركهن في عهدة ابنه وزوجته، والتى كانت تتقرب من الأب في قوته، مما جعل ثقته فيها بلا حدود.. وعشن البنات مع الأخ الكبير، وزوجته التى أصبحت تعد عليهن أنفاسهن، وتستكثر عليهن حياة الرخاء، فقد كانت تعتبر تلك الأموال ملكا لزوجها، رغم أنه من المفترض ليس سوى حارسا لميراث شقيقاته الصغيرات.. مرت حياة البنات بثقل، في ظل تسلط زوجة الأخ، التى فرضت سيطرتها عليه وعليهن، وتزوجت الواحدة تلو الأخرى، وكان الأخ كما هو متعارف عليه، يتكفل بمصاريف زواجهن، من أموال والدهم وما تركه من أراض وأعمال تجارية، ولكن أقنعته زوجته أن ما صرف عليهن يفوق ميراثهن.. فاعتبر أنه أدى كل ما عليه تجاههن وأكثر!!.. ورفض إعطاءهن أى حقوق أخرى، وإنقطعت صلة الأخ بشقيقاته.. وكان قد أنجب قبلها بنتا ثم ولدا، ومع الزمن مرض الشقيق وفقد كل ما جمعه هو ووالده، وتوفاه الله وهو لا يملك شيئا، عدا القصر الكبير الذى يسكنونه.. فباعت زوجته القصر بمبلغ كبير، وبالطبع لم تعط شقيقات زوجها شيئا!.. وقررت توزيعه بالتساوى على الولد والبنت، وكأنها أخذت على نفسها عهدا بمعاندة شرع الله في الميراث!.. مرت سنوات وأكرمها الله في أبنائها، وعملوا في وظائف مرموقة، حتى ظنت أنها وزوجها على حق، وأن الله عوضهما عن السنوات القليلة التى عاشاها في شقاء، فانطبق عليها قول الله: " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ".. وعاشت وهي مرتاحة البال والضمير، رغم ما اقترفته هي وزوجها من سلب لحقوق الشقيقات!..
ولكن كان ينغصها عدم زواج ابنتها، وزاد من ضيقها زواج الإبن رغم أنه الأصغر، وكانت تبكى طويلا حزنا على ابنتها التى تخطت الشباب دون أن يتقدم أحد للزواج منها.. ومع الأيام استسلمت وكان كل أملها أن تحمل بين يديها أطفال للابن، ولكن أبا الله تعالى أن يمنحه ذرية، فقد فشل في عدة زيجات، واتضح أنه عقيم!!.. وظلت تعيش مع الولد والبنت، دون أمل في حفيد يحمل اسم زوجها، ويدعو لهما بعد الوفاة.. وفى نفس الوقت كانت شقيقات الزوج، قد أنجبن وصار لهن أحفاد!.. حتى تدور الدائرة، وتعود الحقوق إلى أصحابها، ويرث أحفاد البنات تركة أبناء شقيقهم الذى حرمهم الميراث!!.. فكان هذا مصير من يتحدى إرادة الله وإدارته لشئون خلقه !