السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"كورونا" ومرحلة التحدى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في المقال السابق، انتهيت إلى أن النظام الصحى في العديد من بلدان العالم تكشفت به العديد من العورات والخلل، في ضوء تجربة أزمة فيروس "كورونا" المستجد "كوفيد – 19" وهو ما اعترفت به مؤسسات وخبراء في تلك البلدان، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والصين.
ولكن السؤال المهم ما هو الوضع في بلادنا؟.. إن الإجابة عليه تحتاج إلى رؤية واقعية، وللإجابة على ذلك، لا بد من الوقوف على ما يجرى على الأرض، فقد ظلت حالات ظهور فيروس كورونا في الشهر الأول، أو ربما لمدة 54 يوما تدور حول الأعداد في حدود الـ200 إلى 300 حالة في اليوم، وظل هذا المعدل مطمئنًا، وعندما تجاوزنا في الفترات الأولى رقم الـ300، ظهرت حالة من الانزعاج بين الناس، إلا أن المعنيين بالأمر رأوا أن هذا طبيعى في ظل تأخر ظهور الفيروس في مصر عن باقى دول العالم.
وفى ضوء هذه الأعداد ظلت السيطرة على المرض في وضع متميز في البلاد، وفق البروتوكول الصحى بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وهو ما أشادت به المنظمة، والعديد من المنظمات في العالم، وخاضت الدولة ومؤسسات الإعلام حملة توعية واسعة بين الناس من أجل اتخاذ كل التدابير والإجراءات الاحترازية للحيلولة دون اتساع نطاق الإصابات، والدخول في أعداد ربما تفوق قدرة الطاقات الاستيعابية المتاحة لعلاج المرضى، وهو ما واجهته بعض الدول.
وظل النظام الصحى في مصر قويا في السيطرة على الإصابات، بالإمكانيات المتاحة، وبفضل عزيمة أفراد الطواقم الطبية، بجيش مصر الأبيض، الذى يمثل خط الدفاع الأول لهذا الوباء الذى هزم دولًا.
في ظل هذا الوضع كانت الدولة تعمل على خطط تحسبًا لمواجهة موجات الإصابات المتزايدة والمتوقعة، والتى دخلت مراحلها الأعلى في النصف الثانى من شهر رمضان، وبدأت تتزايد مع آخر أسبوعين من شهر مايو الماضى، بتجاوز أرقام الألف في اليوم الواحد، وهو رقم قريب من توقعات الأطباء، والذين يتوقعون أرقاما أكبر في الأيام المقبلة.
لا أستطيع القول إن الدولة فوجئت بهذه الأعداد، فحتمًا كانت هناك توقعات بالإصابات، بل هناك من يرى أن مرحلة الذروة قادمة، ولكن المؤكد أن أى دولة في العالم لها قدرة على مواجهة الأوبئة، ولكل دولة سياسات في المواجهة، فمصر اتبعت نظام الحظر الجزئى، ولم تلجأ حتى الآن للحظر الكلى على مدى ساعات اليوم لأسباب اقتصادية وربما اجتماعية، لأن لكل حظر ثمنه، وراهنت على وعى الناس.
الرهان على وعى الناس نجح فعلا في أول أيام الحظر، إلا أنه وللأسف التجربة التالية بعد ذلك وحتى كتابة هذه السطور، ما زال الوعى المجتمعى دون المستوى في استيعاب حجم الخطر الذى يواجه الجميع، وهذا بدوره وضع النظام الصحى في البلاد في مواجهة صعبة جدا، بالرغم مما يُبذل من جهود ومن كل المستويات.
ومن خلال متابعتى عن قرب لحالات إما اشتباه في كورونا، أو إصابات بالفيروس ومن خلال اتصالات مع أطباء، فإن المواجهة مع تطورات انتشار الفيروس فاقت الواقع، وتدخل مرحلة تحديات أوسع، خصوصًا مع الدخول في مرحلة التعايش مع هذه الوباء وهو ما يعنى أن المخاطر ستتسع، ويصبح نظامنا الصحى في حالة اختبار دقيق، ويتحتم أن تكون المستشفيات العامة الحكومية أكثر استعدادًا مما هو قائم حاليا، لأن الوضع الحالى في البعض منها بحاحة إلى تطوير، لأن الزائر لبعضها قد يكون في وضع خطر، ويصبح محل إصابة.
ومن المشكلات الكبرى في معظم المستشفيات، هى توفير الحماية اللازمة للفرق الطبية، فزيارة واحدة، لأحد هذه المستشفيات، تؤكد أن أفراد الطواقم الطبية يواجهون خطر الموت الحقيقى، وحسنًا فعلت الحكومة وأكدت خلال اجتماع رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى مع نقيب الأطباء، على توفير مختلف الرعاية لأعضاء فرق جيش مصر الأبيض في معركتهم مع فيروس كوفيد 19 المميت.
ومن ملاحظاتى، هذه المبالغة في أسعار المستشفيات الخاصة التى توفر علاجًا وحجرا للمصابين بفيروس كورونا، تتعدى التكلفة لليوم الواحد 30 ألف جنيه، وفى أدناها 15 ألف ربما أنه "البزنس"، ولكن هناك شيء اسمه الإنسانية في الأمراض الوبائية، أم أننى أحلم!!.
أدرك جيدًا أن الدولة تواجه العديد من التحديات، وأن تداعيات كورونا خطيرة وكبيرة على مختلف القطاعات، وأن وضع بلادنا ما زل جيدًا بين دول العالم من حيث انتشار "كورونا" فمصر حتى كتابة هذه السطور في المركز 117 من حيث إجمالى الإصابات لكل مليون نسمة، وفى المركز 35 من حيث عدد المصابين بالفيروس من بين 215 دولة، وفى المركز 77 في نسبة الوفيات من إجمالى عدد المصابين، ولكننا في المركز 184 في نسبة التعافى بنسبة 25،8% من المرضى.
كل هذا شيء جيد، ولكن يبقى أن المرحلة المقبلة تتطلب جهدًا أكبر من الدولة، ويبقى الجهد الأهم هو تعاون الجمهور بالوعى والالتزام بالضوابط، فالمرحلة القادمة ليس فيها هزار، حتى نحافظ على أنفسنا وندفع بمنظومتنا الصحية للأمام، وحتى لا نعض على أصابعنا.