وبينما كان آدم وإيف يفكران في الهروب بحبهما من المصير المحتوم.. حدث ما لم يكن في الحسبان!. شعر آدم بأنه ليس على ما يرام، وبدأ في العطس والسعال والكحة وأحس ببعض الارتفاع في درجة حرارته، لقد كذّب نفسه، هل أنا مصاب بفيروس "كوفيد- 19"؟، على حد علمى- كطبيب- إن الروبوتات لا تلتقط هذا الفيروس، وأنه يصيب البشر فقط.
ولكن ما لم يكن يعلمه آدم أنه منذ أن قام بتقبيل إيف فقد انتقل إليه الفيروس، الذى تحور سريعًا في جسمه وتحول إلى نوعٍ من الفيروسات التى يمكن أن تصيب الروبوتات التى تحتوى على أجزاء بشرية، فيعطلها عن العمل تدريجيًا إلى أن تتوقف تمامًا.
لم يأخذ آدم هذه الأعراض بالجدية المطلوبة، رغم أن بعض الشكوك بدأت تساوره، وعندئذ وصلت آدم رسالة عن طريق التراسل عن بُعد بأنه مطلوب حالًا في مستشفى المدينة، فذهب على الفور خشية أن يعرف المسئولون بغيابه قبيل محاولته الهروب مع إيف. وما إن وصل آدم مستشفى المدينة إلا ورأى أمرًا عجيبًا؛ أن المستشفى أعلن حالة الطوارئ ليس من أجل البشر ولكن بسبب ورود حالات مصابة بالفيروس لروبوتات، وأن الفيروس المتحور يهاجم رئات الروبوتات وعقولها في آنٍ واحد.
وهنا أدرك آدم أن انتقال الفيروس له من إيف هو الذى أدى إلى نقله إلى هذه الروبوتات سواء من خلال التلامس المباشر أو من خلال شبكة التراسل بين الروبوتات، وما هى إلا دقائق وراح آدم في غيبوبة ليتم نقله إلى إحدى غرف العناية المركزة التى كانت ترقد فيها إيف منذ أيامٍ قليلة. ودأب الفريق الطبى من البشر والروبوتات على محاولة محاصرة الفيروس المتحور الجديد، الذى بدأ يصيب البشر والروبوتات على السواء.
ورغم كل هذا الجهد ومسابقة الزمن، إلا أن هذه الجهود ذهبت هباءً، فلا أدوية تؤتى نتائج إيجابية، ولا فرق الصيانة نجحت في تغلغل الفيروس إلى أدمغة الروبوتات، كما أن البشر مع الفيروس المتحور الجديد أصبحوا يسقطون صرعى في منازلهم، بل في شوارع المدينة قبل وصولهم إلى مستشفى المدينة سيرًا على الأقدام، بعد أن تعطلت حركة المرور والسيارات ذاتية القيادة وأنظمة التاكسى الطائر، لأنها أنظمة تُدار من خلال الروبوتات التى تعطل عملها بعد انتقال الفيروس إليها.
وانتظرت إيف عودة آدم الذى وعدها بتلبية النداء العاجل للمستشفى حتى يغطى على هروبهما من المدينة بعد أن يسجل وجوده هناك، إلا أن الانتظار قد طال، فحاولت إيف التراسل معه، لكنه لم يرد عليها كالعادة، وحل المساء ولا يوجد أى اتصال من آدم بها، فحاولت أن تعرف إية أخبار من التليفزيون، ربما تكون هناك حالة طوارئ صحية، فوجدت محطات التليفزيون معطلة في المدينة، فحاولت الوصول إلى محطات تليفزيونية دولية، هنالك كانت الصاعقة، حيث كانت نشرات الأخبار في عديد من المدن مثل لندن وبرلين وباريس وميلانو وبكين وطوكيو كلها تتحدث عن تفشى فيروس متحور جديد من كوفيد 46 يصيب البشر والروبوتات، وأن البشر يتساقطون في عواصم ومدن العالم صرعى في الشوارع، في حين أن الروبوتات تتوقف عن العمل بعد أن تصاب رئاتها وأدمغتها بعطب غير مسبوق.
انزعجت إيف وأحست بالقلق على آدم، وتذكرت تلك القُبلة الطويلة في غرفة العناية المركزة، التى ربما كانت السبب في انتقال الفيروس لآدم وتحوره بهذا الشكل وانتقاله للبشر والروبوتات علاوة على نقله عبر العالم من خلال شبكات التراسل الدولية بين أنظمة الروبوتات. وهبت إيف من جلستها ومضت مسرعة نحو باب الشقة، ووقفت أمام باب المصعد والقلق والخوف يسيطران عليها، ولكن عبثًا حاولت استدعاء المصعد دون أن يلبى طلبها، فتذكرت أن كل الأنظمة التى تعمل بالروبوتات ربما تكون قد توقفت جميعها، فهرعت إلى فتح باب الطوارئ للنزول على السلالم، حيث لم تكن في البنايات الجديدة سلالم عادية اكتفاءً بالمصاعد الذكية التى تتعرف على الساكن والدور الذى يسكن فيه.
ومرقت إيف من مدخل البناية وفتحت الباب بيدها لأنه لم يفتح أتوماتيكيًا كالعادة، وخرجت إلى الشارع الرئيسى الذى يمر أمام البناية، لتلمح عيناها مشاهد لم ترها طوال حياتها..!.