ما شهدته الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ودول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا، وبريطانيا، وبعض الدول الأخرى فى أوروبا والشرقين الأدنى والأقصى وأفريقيا ودول عربية، فى إجراءات فيروس «كورونا« أثبت بكل جدية أن النظام الصحى العالمى والمحلى فى العديد من الدول به الكثير من العورات.
بل وباعتراف مسئولين عن الصحة فى العديد من الدول يؤكد أن هناك مأزقا كبيرا يواجه القطاع الصحى فى العالم، ويحتاج إلى إعادة النظر فى مختلف جوانب الأنظمة الصحية، لأن ما يتم الإعلان عنه من إجراءات والواقع يؤكد أن هناك اختلافا جذريا.
ومن قبل حدث جدل شديد بين بريطانيا وفرنسا بشأن إجراءات الحجر الصحى على الوافدين لكلا الدولتين، حيث أعلنت الحكومة البريطانية فرض حجر صحي لمدة 14 يوما على الوافدين من الخارج للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو ما ردت عليه فرنسا بالقول إنها ستتعامل بالمثل.
ومن المقرر دخول التدبير حيّز التنفيذ اعتبارا من 8 يونيو، وسيتم تقييمه كل ثلاثة أسابيع، ضمن برنامج لإعادة فتح تدريجية لبريطانيا اعتبارًا من الأول من يونيو تحت دعوى بأن مكافحة فيروس كورونا يسير بشكل جيد، إلا أن وزارة الداخلية الفرنسية أبدت «أسفها» لهذا القرار، و«استعدادها لاتّخاذ تدبير معاملة بالمثل».
ويكشف هذا مدى الخلل فى معايير وأسس المكافحة، وعدم دقة ما يتم، فقد ذكرت وزيرة الداخلية البريطانية «بريتى باتل» «فى حين بدأ العالم الخروج ممّا نأمل أن يكون أسوأ ما فى الجائحة، علينا أن ننظر إلى المستقبل وأن نحمى البريطانيين عبر تقليص عدد الحالات التى يمكن أن تدخل عبر حدودنا».
وقبل ذلك قال مدير اللجنة الوطنية الصحية فى الصين «لى بين» «إن وباء كورونا اختبار كبير كشف نقاط ضعف نظام الرعاية الصحية العامة فى بلاده»، وهذا يمثل تأكيدا على العوارات فى النظام الصحي، حيث اعترف بأن الصين ستعمل على تحسين سبل الوقاية من الأمراض ونظام الرعاية الصحية العامة وآلية جمع البيانات.
والأخطر ما قاله لى للصحفيين «إن الوباء كان تحديًا مهمًا للإدارة فى الصين وإنه كشف الحلقات الضعيفة فى كيفية مواجهة وباء رئيسى ونظام الرعاية الصحية العامة»، ليؤكد حجم العوارات التى تعانى منها أنظمة الصحة العالمية، بغض النظر عن اتهامات من الاتحاد الأوروبى للصين بنشر معلومات مضللة بشأن الأزمة.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية قالت الخبيرة الصحية وطبيبة الأطفال الأمريكية، «مارجريت فلاورز»، إن انتشار الفيروس التاجى كشف عن ثلاث مشكلات رئيسية فى نظام الرعاية الصحية فى أمريكا، ساهمت فى تفاقم انتشار الفيروس وجعلت البلاد تحتل المرتبة الأولى فى قائمة إصابات وضحايا الفيروس التاج، وقالت لـ RT:ِ «أولا، ليس لدينا نظام رعاية صحية شامل فى الولايات المتحدة الأمريكية، ويعيش عشرات الملايين من الناس بدون تأمين صحي»، و«ثانيا، اتضح أنه ليس لدينا فى أمريكا نظام رعاية صحية مركزي»، و«ثالثا، لا يقوم نظام الرعاية الصحية فى أمريكا على مبدأ مساعدة الناس ومعالجتهم وإنقاذ حياتهم، بل على تحقيق الربح».
ويتواصل كشف العوارات وهذه المرة فى بريطانيا، فقد كشف أطباء بريطانيون عن عجز كبير تعانيه المنظومة الصحية فى بريطانيا، فى مواجهة كورونا ما قد يضطرهم إلى عدم تقديم الرعاية الصحيّة المنقذة للحياة إلى الحالات الميؤس منها ومنح الأولوية لمن فرصهم أكبر فى النجاة.
وقال الدكتور جورج بريستلي، الطبيب بالعناية المركزة فى مدينة يوركشاير شمالى إنجلترا، لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إنَّ البلاد تعانى من نقص فى أجهزة التنفس الاصطناعى وأسرة الرعاية المركزة المكتظة، مما يجبر الأطباء على شراء كماماتهم الخاصة وأغطية الرأس، كما لم يحصلوا على أجهزة تنفس صناعى جديدة لإنقاذ المرضى «وينتهى الأمر بالموت»، مضيفًا «لا أريد إثارة المخاوف، لكن أريد أن يولى أحد اهتماما للأمر».
هذا هو الوضع فى دول متقدمة، فما بالنا فى دول منطقتنا، الواقع يقول أن هناك أزمات طاحنة، وإهمالا جسيما، وانهيارا فى المنظومة الطبية، فقد قالت الأمم المتحدة إنه من المعتقد أن فيروس كورونا ينتشر فى أنحاء اليمن حيث «انهار» نظام الرعاية الصحية بها «فعليا»، مضيفة أنها تسعى لجمع تمويل عاجل لإنقاذ اليمن.
..والسؤال ما حالنا فى ظل هذا الوضع العالمي، زيارة واحدة لمستشفى من مستشفيات العزل الحكومية تجيبك بوضوح،.. وهذا ما ستناوله فى مقال قادم.