يمر العالم بفترة من أصعب الفترات التى مر بها على مدى قرن من الزمان.. بسبب انتشار وباء كورونا.. فلا يوجد شخص فى العالم لا يعانى منه.. سواء أصيب به أو لم يصب به.. فالقلق والخوف يكادان أن يقضيا على جميع البشر.. فمن لم يصب.. أصيب له صديق أو قريب.. أو فقد عزيز لديه.. وأصحاب الأعمال تضررت أعمالهم.. وتكبدوا خسائر فادحة.. وكثير من العمال فقدوا مصادر رزقهم.. وحكومات الدول تركت معظم مهامها.. وتفرغت لمواجهة الوباء.. الذى يبدو أنه سيظل جاثمًا على أنفاسنا.. لفترة قد تطول بعض الشيء.. فى ظل عدم اكتشاف علاج له.. وانشغال كل دولة بنفسها.. وتفرغ القوى الكبرى لمهاجمة بعضها البعض.. واتهام كل منها للأخرى.. بأنها سبب انتشار الفيروس.
معاناة العالم لم تبدأ مع انتشار فيروس كورونا.. ولكنها بدأت مع العقد الأخير من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.. فمنذ الغزو العراقى للكويت فى 2 أغسطس 1990.. وإعلان تفكك الاتحاد السوفيتى فى 26 ديسمبر 1991.. ثم أحداث سبتمبر 2001.. وعدوان الولايات المتحدة على أفغانستان.. ثم الاعتداء على العراق واحتلاله فى مارس 2003.. والتدخل الأمريكى فى منطقة الخليج.. ومشروع الشرق الأوسط الكبير.. وإطلاق خطة الفوضى الخلاقة.. التى توجت بما عرف بالربيع العربى عام 2011.. وما تلاه من سقوط أنظمة.. ووقوع انقسامات.. ونشوب حروب وصراعات فى العديد من الدول العربية.
ساعدت هذه الأحداث فى وقوع الأزمة المالية العالمية.. التى بدأت فى الولايات المتحدة عام 2007 وانفجرت فى 2008 وامتدت إلى باقى دول العالم.. واعتبرت الأسوأ بعد الكساد الكبير الذى أصاب العالم عام 1929 واستمر حتى 1933.. ومنذ وقوع الأزمة الاقتصادية الأخيرة وحتى نهاية العام الماضي.. ظل الاقتصاد العالمى فى تراجع.. وتوقعت المؤسسات الاقتصادية العالمية.. وقوع كساد عالمى جديد عام 2020.. حتى قبل ظهور فيروس كورونا وانتشاره.. وجاء هذا الوباء ليزيد من معاناة العالم اقتصاديًا وصحيًا ومعيشيًا.
كل الدلائل تؤكد أننا نعيش فترة تحول جذرى على كل المستويات.. وأن عالم ما بعد كورونا.. لن يكون كعالم ما قبل كورونا.. فاقتصاد العالم الراكد سيزداد ركودًا.. والإنتاج سينخفض.. والاستثمار سيتراجع والديون ستتفاقم والبطالة ستتضاعف.. والمصانع ستتوقف والشركات ستغلق أبوابها والبنوك ستفلس.. وستنهار قوى اقتصادية كبيرة وتصعد بدلاً منها كيانات أخرى.. وستتفكك تكتلات وتظهر تحالفات سياسية واقتصادية جديدة.. بل قد يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك.. بقيام حرب عالمية ثالثة.. تقضى على البقية الباقية الناجية من المرض والفقر.. فى ظل ما يشهده العالم من تبادل اتهامات وصراع بين القوى الكبرى وانشغال كل منها بنفسها وانغلاقها نحو الداخل.
وبما أن كل شعب مشغول بنفسه.. أتمنى أن ننشغل بأنفسنا ونخاف على حياتنا.. فعندما كنا خائفين وملتزمين فى البداية.. لم يتخط عدد الإصابات حاجز المائة إصابة.. الآن قارب العدد على ألف إصابة يوميًا.. بسبب استهتارنا وعدم التزامنا.. وإذا لم نعد إلى الالتزام بقواعد الحماية والوقاية.. فسنتخطى النسبة الآمنة من الإصابات وتقع الكارثة.