كثير من الجدل أثاره مسلسل «الاختيار»، الذى يعرض فى سباق مسلسلات رمضان الحالى، من بطولة النجم أميركرارة، عن قصة بطل الصاعقة المصرية الشهيد أحمد المنسى، والسبب كان محاولة القائمين على العمل الفنى إقحام الدين بلا مبرر فى المشهد الدرامى، ومحاولة المسلسل تبرئة «ابن تيمية» من جرائم الجماعة وتوابعهم ومن تخرجوا على أيديهم.
وإلى السادة الذين أقحموا «ابن تيمية» عنوة فى مسلسل عن بطولة الصاعقة المصرية، من أجل حفنة دنانير أو ريـالات تأتى من التوزيع الخارجى، نتساءل مع الكاتب والمفكر ثروت الخرباوى، عن أسباب توارى فلسفة ابن رشد التنويرية وانتشار فقه ابن تيمية التكفيرى.
يقول الخرباوى، وقد كان من كبار قيادات الجماعة إياها: إذا نظرنا إلى نظرية القتل عند ابن تيمية، فسنجد أن أى شخص عند «ابن تيمية» مقتول فى كل شىء، وأى هفوة، ولكن من المفارقة أن ابن تيمية لم يقل ذلك وحده.
أما الباحث الكبير محمود حسنى رضوان، فهو يصف أتباع «ابن تيمية» بأنهم مثل القطعان، وقد أخذت هذه القطعان عن معبودهم كراهيته للعلم، وعدائه للعقل، وتمسكه بكل قديم، ومحاربته لأى جديد، واعتباره أن الجديد بدعة.
عندما شرح ابن تيمية الحديث النبوى «اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع»، فقد قسم العلم إلى نوعين: أحدهما علم قال عنه أنه ينفع، وعلم آخر وصفه بأنه لا ينفع.. فأما العلم الذى ينفع فهو - حسب ابن تيمية - العلم الدينى وحده، الذى يتصل مباشرة بالقرآن والفقه والشريعة الإسلامية، وأما كل ما عدا ذلك من علوم مثل (الحساب، والجبر، والهندسة، والطب، والفلك، والفلسفة، والمنطق، والفيزياء،.. إلخ)، فقد حرمها ابن تيمية كلها تحريما تاما، ووصفها بأنها «علم لا ينفع»، وقال إنها علوم دنيوية ظنية كاذبة، وأن أصحابها كفار!! وهاجم معظم علماء المسلمين وفلاسفتهم واتهمهم بالكفر والإلحاد والزندقة والسحر، مثل: ابن سينا، والفارابى، والكندى، واليعقوبى، والرازى، والإدريسى، والخوارزمى، والعسقلانى، والحسن بن الهيثم، والتوحيدى، ولسان الدين الخطيب، والأصفهانى، والجاحظ، والمتنبى، والمعرى، وابن الفارض، وابن طفيل، وابن المقفع.. إلخ.
ونتيجة لهذا الفكر، فقد كان طبيعيا أن يتم حرق كتب حامد الغزالى، وابن رشد، والأصفهانى، وأن تقطع أصابع ابن المقفع وتشوى على النار أمامه ويتم إرغامه أن يأكلها، وأن يتم التضحية بالجعد بن درهم وذبحه، ويتم خنق لسان الدين الخطيب وحرق جثته، وأن تفصل رأس أحمد بن نصر، ثم الطواف بها فى الشوارع والأزقة، وأن تنتهى حياة جابر بن حيان فى السجن، وأن يموت الطبرى مقتولا، وأما المتصوف الإسلامى الحلاج فقد اتهم بالكفر، وتم الحكم عليه بالجلد 1000 سوط ثم قطعت يداه ورجلاه ورأسه وأحرقت جثته، وألقى ما تبقى منها فى نهر دجلة، وأما الشيخ المتصوف السهروردى فقد مات بنفس طريقة الحلاج فى عصر صلاح الدين الأيوبى.. إلخ.
ومن ذلك الفكر تخرج المدعو سيد قطب صاحب دستور الجماعة فى تكفير الحكام استنادا إلى تعاليم شيخه، بل تجاوزه ومن بعده إلى تكفير المجتمع نفسه، عدا طبعا تلك «الفئة الناجية»، ومن هؤلاء خريجى مدرسة شيخ الإسلام، وأبرزهم: محمد عبد السلام فرج المفكر والمنظر والأمير الحقيقى لتنظيم الجهاد، وهو الشخص الذى وضع أول سطر فى شهادة مقتل السادات قبل اغتياله بعدة أعوام، وذلك بمؤلفه الصغير الحجم والذى حمل عنوان «الفريضة الغائبة».
وكان أيضا أسامة بن لادن مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة؛ وهو تنظيم إرهابى مسلح أُنشئ فى أفغانستان سنة 1988، وقام بالهجوم على أهداف مدنية وعسكرية فى العديد من البلدان، أبرزها هجمات 11 سبتمبر، وتفجيرات لندن 7 يوليو 2005، وتفجيرات مدريد 2004.... وغيرها.
وكان أبو مصعب الزرقاوى أبرز قيادات تنظيم القاعدة فى العراق، ومؤسس ما سمى بتنظيم «التوحيد والجهاد» فى التسعينيات، والمسئول عن تفجيرات انتحارية وإعدام رهائن، وعرف لاحقًا بزعيم تنظيم ما يسمى «قاعدة الجهاد فى بلاد الرافدين».
والعدد فى الليمون لكن المساحة لا تسمح.