تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
صباح الغد ستغير عاداتك في أيام العيد لأول مرة في حياتك وستضطر للمكوث في منزلك مكتفيا بمتعة مشاهدة القنوات الفضائية والترفيهية.. يجب أن تستمتع بالعيد ولا تسرف في تعذيب ذاتك بسبب تغير عاداتك الاجتماعية التى اضطرتك إليها «الكورونا» اللعينة.
في صباح الغد يجب أن تفرح بما أنعم الله به عليك بإتمام صيام الشهر الكريم وبلوغك عيد الفطر المبارك وتحمد الله الذى وفقك للصيام والقيام والدعاء في أيامه ولياليه المباركات.
يجب أن تفرح بالعيد المبارك لأن رسولنا الكريم أكد لنا أن للصائم فرحتين فرحة بإفطاره وفرحة بلقاء ربه ودخوله الجنة.
يجب أن تفرح بعيدك رغم إقامتك في منزلك مضطرا خوفا وهلعا من الفيروس الخفى اللعين.. فمثلك مثل معظم ملايين شعبنا الطيب لم يكن يملك رفاهية قضاء عيده في القرى السياحية أو الفنادق الفخمة أو حتى على شواطئ الساحل الشمالى ولم تتغير كثيرا من عادات معظم أهلنا الطيبين.
استمتع بالعيد لأن مكوثك في منزلك يقيك شر وبال الوباء ويحميك من جائحة عواقبها فادحة.. ويغنيك عن طرق أبواب المشافى والعيادات ويحصنك من الفواجع في النفس والأهل والأحباب.
استمتع بعيدك راضيا مرضيا لأن البلاد والعباد في حاجة لتقليص حدة الوباء فقد رأينا أن مريض الكورونا عندما يفترسه الفيروس اللعين يندم على كل تصرف استهتر فيه بالمرض والعدوى وهو يعانى الحمى وحرارة جسمه التى تستعصى على أى علاج.
عيدك سيتضاعف عندما تحتاط لنفسك ولغيرك وتلزم بيتك في رضا وقناعة وتتخير الأوقات والأماكن التى لا يزدحم فيها الرواد والزوار وتتسع فيها الساحات وتختفى منها مسببات الأمراض والعدوي.
استمتع بعيدك لأن غضبك وضيق صدرك لن ينفعاك بل عاقبتهما عليك ضررا ومرضا، وعدم رضاك لن يحقق لك اختيارا أفضل مما أنت فيه.
هذا عيد يختلف عما عهدت لكنه ليس الأسوأ كما تظن فالأيام القادمة حافلة بما لا تعرف وربما كان واقعك الحالى أفضل من مستقبلك الذى لا يعلمه إلا خالقك وهو وحده القادر أن ينجى البلاد والعباد مما ابتلاهم به لعلة لا يعلمها غيره جل وعلا.
اعلم أنك لست الوحيد الذى يعانى فالكون كله حاله من حالك فأنت للمرة الأولى تقضى فيها العيد كما يقضيه الملوك والرؤساء والأثرياء، هم مثلك تماما ماكثون في بيوتهم يتوارون خلف جدران أربع لا تميزهم عنك مزية ولا يترقون عنك درجة.. فكلكم في هم الوباء سواسية.
هذا عيد يفتح لك آفاقا من الإبداع لأنه هذه المرة يأتى جديدا حتى وإن كان جديدة غير سعيد وتكذب قول الشاعر الذى لم ير في عيده جديدا وأنشد يقول «عيد بأية حال عدت يا عيد..». هذا الشاعر الذى لم يكن عيده مقيدا بالوباء كان يرى عيده غير سعيد لأنه أتى بغير جديد حتى وإن كان جديدة غير سعيد كما يرى الشاعر. أما أنت فعيدك قد يحسدك عليه هذا الشاعر الملول الذى كان يؤمل نفسه بجديد أى جديد.. وأنت يا عزيزى عيدك تجربة جديدة استمتع بها مهما كانت مرارتها.
استقبل عيدك بأمل ورجاء فربما يفتح الله على عبد من عباده بسر الترياق العنيد الذى يخفف من وطأة الوباء والبلاء ويجعل العباد في مأمن من غائلة لا ندرى طريق الخروج من متاهتها التى تتسع مساربها يوما بعد يوم ويضيق بنا منها أفق الرجاء كلما اكتشفنا خيبة أملنا في علاج مزعوم.
استمتع بعيدك واعلم أن الكون كله حاله يشبه حالك وبلاده تشبه بلادك وعوارضه لا تختلف عما يعتريك من عوارض ويصدق فيه قول أبى العلاء «وهل يأبق الإنسان من حكم ربه.. فيخرج من أرض له وسماء!؟» كل ما في الكون يشبه ما أنت فيه فلا مفر لك إلا أن تحصن نفسك بنفسك وتثق في قدر ربك وترضى به قانعا سعيدا محتاطا بما أوتيت من سبل النجاة، لكى يكون غدنا أفضل من يومنا بمشيئة الله.