بعد التقاء قلبى آدم وإيف في غرفة العناية المركزّة بالمستشفى المركزى بالمدينة بعد أن أفاقت إيف من غيبوبتها، وتم رفع أجهزة التنفس الاصطناعى عنها، وبدأ البرنامج العلاجى يُؤتى ثماره، وهو ما أسعد قلب آدم بشفاء حبيبته، التى خرجت من المستشفى بعد أيامٍ قليلة وزارةا آدم في شقتها متسللًا خُفية دون أن يشعر به أحد في المبنى المواجه للمبنى الذى يقطن فيه.
ولكن المشكلة الكبرى التى واجهت آدم وإيف في ذلك اللقاء السرى الذى شهد علاقةً حميمة بينهما، أفاقا بعدها على أن القانون يُحرّم مثل هذه العلاقة بين الروبوت والبشر، سواء كانت مغازلة أو تحرشًا أو لمسًا أو تقبيلًا أو علاقةً حميمة، مقابل حصولهم على حقوقهم في زرع أعضاء بشرية تمكّنهم في الشعور بكل مشاعر الإنسان بما فيها الاشتهاء الجنسى والممارسة الجنسية.
كيف يواجه آدم وإيف العالم من البشر والروبوتات بهذا الحب الوليد، وكيف تقبل الروبوتات ذلك، وبخاصة أن آدم كان موضع إعجاب لعددٍ من الروبوتات من بنات جنسه، وكيف يقبلُ البشر هذا الخرق الواضح للقانون بعلاقةٍ بين روبوت وتلك الفتاة البشرية -فراشة الباليه- التى كانت تمثل حُلمًا جميلًا لشبابٍ كثيرين من عاشقى فن الباليه، علاوةً على عددٍ لا بأس به من راقصى الباليه في الفرقة التى تعمل بها، بل وعددٍ آخر من راقصى الباليه بالفرق العالمية الأخرى.
إن هذا الحب وفقًا لنصوص القانون محكومٌ عليه بالإعدام، لأن عقوبة الروبوت الذى يُقيمُ علاقةً حميمة مع فتاةٍ بشرية هى عقوبةُ الإنهاء Termination، من خلال إنهاء برنامجه الحاسوبى، وعدم ربطه بشبكة التراسل بين الروبوتات بعضها البعض، وبشبكة التراسل بينه وبين البشر، وفقدان برنامجه الوظيفى كطبيب في مستشفى المدينة، ونزع كل الأعضاء البشرية التى تم زرعها له، أما الفتاة البشرية التى تُقيم علاقةً حميمة مع روبوت فعقوبتُها هى الإعدام من خلال حقنها بحقنة مميتة تُشعرها بالألم والعذاب قبل موتها لمدة خمس ساعات عقابًا لها على ما اقترفته من جُرم، وهو الألم الذى يستهدف الكفر بالحب مع ذلك الروبوت اللعين، وهو ما يتم بثه على الهواء مباشرةً لكى تكون عبرة لكثير من البشر الذين قد تُراود مُخيلاتهم ممارسة تلك العلاقة من قبيل التغيير ودرء الملل.
إن هذا العالم غير عادل على الدوام؛ لأنه وقف في تضادٍ وعناد واضحيْن مع الحب بين البشر، بل إن غالبية قصص الحب عبر التاريخ بين البشر تُوجت بالفشل الذريع بسبب عدم الإيمان بالحب، ولعل كليوباترا وأنطونيو وقيس وليلى وروميو وجولييت وتشارلز وديانا من بين مئات قصص الحب التى انتهت نهاياتٍ مفجعة، وكثيرٌ من قصص الحب انتهت نهاياتٍ حزينة بسبب اختلاف الدين أو لتوحد نوع الجنس. ورغم كل ما أحرزته البشرية من تجاوز لمثل هذه العوائق بين المحبين، فإن البشرية كانت ولا تزال في العام 2049 تحاربُ الحب، ولا تعترف بالقرب العاطفى والتلامس بين المحبين إذا كانا ينتميان لفصيليْن مختلفيْن أحدهما روبوت والثانى بشرى.
منذ متى أصبح الحبُ جريمةً يُعَاقَبُ عليها المُحبون، إن هذا الكوكب ما كان ليستمر إذا لم تكن علاقة الحب بين آدم وحواء موجودة، بعد أن طُردا من الجنة وهبطا إلى الأرض، هذا الحب هو الذى جعل إعمار الكون ممكنًا، ومن دونه لم تكن حواء لتنجب لآدم كل هؤلاء الأولاد والبنات الذين قاموا ببدء عمارة الكون ومَن يعلم فإن الحبَ الذى جمع بين قلبى آدم وإيف قد يكون رسالةً للعالم من الله بأن الحبَ في هذا الكوكب لا زال ممكنًا، حتى لو كان يجمع بين قلبى روبوت وفتاةٍ بشرية. ولكن كيف يصارحُ آدم وإيف العالم بهذا الحب، هل يهربان من المدينة بعد الفكاك من الأسوار العالية الإلكترونية المراقبة بآلاف الكاميرات على مدى الساعة؟ هل يقومان بنزع كل ما يحقق التراسل بين الروبوتات بعضها البعض وبين البشر والروبوتات وبين البشر بعضهم البعض لكى لا يتعرف على مكانهما أحد؟ هل يستوليان على مروحية ويعطّلان القيادة الذاتية لها والروبوت الذى يقودها لكى يذهبا بعيدًا بإحدى الغابات ليختفيا فيها إلى الأبد، وينقذان حبهما من قسوة البشر.
وبينما كان آدم وإيف يفكران في هذا كله.. حدث ما لم يكن في الحسبان!