الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المتاحف والإرهاب.. (مجرد فكرة)!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يأتى اليوم العالمى للمتاحف هذا العام والموافق الثامن عشر من مايو، في غمرة الأزمة العالمية لكورونا، التى غطت على العديد من حوادث الأيام بحكم آنية الثانية واستمرارية متابعة الأولى. بيد أنه بالنسبة لبر المحروسة لا تزال يد الإرهاب المسمومة تنال من أبنائنا الأبرار في مواجهات محمومة تؤكد قدرة أبنائنا الأبطال على دحر هذا التنين وتقليم أظافره مهما نال منهم. ومن ثم باتت المتابعة راصدة لخطرين داهمين أو بالأحرى وباءين باتا على الوطن قدرًا مقدورًا. وإذا كانت جائحة الكورونا همًا عالميًا؛ فإن ما يواجهه حماة الوطن في سيناء تحديدًا يظل همًا قوميًا في المقام الأول، ومن ثم فقد جالت بخاطرى عند تناولى لموضوع المقال طرح فكرة إنشاء متحف عن الإرهاب. ومنطلق هذه الفكرة يكمن في أمرين، أولهما يرتبط بمفهوم المتحف بعامة وتبنى شعاراته السنوية في يوم المتاحف العالمى، والثانى يخص ذاكرة الوطن وإيداع شواهد مادية تكفل الإنعاش الدائم لتلك الذاكرة القومية بتخليد التضحيات التى قدمها أبناء الوطن في تلك المواجهة.

ولكى نقترب أكثر من بؤرة إيضاح الفكرة يجب علينا بداية أن نُعرف المتحف بكونه تلك المؤسسة التى تضم شواهد تاريخية تلقى بها الضوء على موضوع بعينه. ومن هنا جاء مفهوم المتاحف النوعية أو التخصصية أو ذات الطبيعة الشمولية، وهى جميعها تمثل تنظيمًا للنزعة الإنسانية الفطرية للاقتناء واستعادة الذكريات. بحيث أصبحت المتاحف أحد المفردات المؤسسية الأساسية في كثير من المنشآت الرسمية والأهلية. الأمر الذى رفع من نسبة الوعى العام بقيمتها وكذا الإحساس بالتاريخ، بل وبأهمية التراث الذى يأتى يومه العالمى سابقًا بشهر بالتمام عن يوم المتاحف. ولقد أدرك المعنيون بالأمر أن قضية المتاحف بعامة باتت من النضج بحيث يمكن استثمارها في خطط التنمية والبرامج السياحية، بل وأصبحت تلقى اهتمامًا أكبر لدراستها كعلم منفرد بعدما كانت تختزل أهميتها الأكاديمية في علم الآثار والدراسات السياحية.

إن اقتراحنا يهدف إلى تكريس الكراهية لوباء حل بنا لظروف تاريخية غاية في التعقيد، وقطف من شجرة المستقبل بعضًا من خيرة ثمارها. وعندما ننادى بأهمية إنشاء مثل هذا النوع من المتاحف، إنما نكمل منظومة الرؤية الشمولية لمهمة العسكرية المصرية، التى تجابه أنواعًا متباينة من أعداء الوطن وكيف أنها كانت ولا تزال كفيلة بالقضاء عليهم. وإذا كانت المتاحف العسكرية قد غطت جوانب من المواجهات أمام جيوش نظامية عبر التاريخ، فإن خصوصية المواجهات والتحديات في هذه المرحلة ستجعل لهذه النوعية من المتاحف التى ننادى بها سبقًا رياديًا من جانب، فضلًا عن إبقاء هذه المواجهة حية في ذاكرة الأمة. ذلك أن الجيوش وإن تأسست في المبتدأ من أجل الحرب النظامية عبر العصور؛ فإن «حرب الإرهاب» بمواقعها وأسلحتها وخططها وشخوصها القيادية تستحق منا توجهًا متفردًا، يخلد تضحيات الوطن البشرية والمادية من جانب ويعرض بالأدلة التقنية الحديثة سواء المادية منها أو الشواهد السمعية والبصرية كيف كانت المواجهة الشرسة. لا سيما أنها مهما طالت فستظل قصيرة الأمد مما يستوجب إبقاء ذكراها حية لمصلحة الأجيال القادمة التى لا بد وأن تدرك كيف أن هذا الوطن لم يتعامل معه من سبقهم من الأجداد والآباء إرثًا، بل تمثلوه قرضًا منهم أعادوه لهم سالمًا معافًا بعدما استُثمرت فيه أهم قيمة وهى التضحية. وأن لزامًا عليهم الحفاظ عليه متمثلين سير الأولين الحاضرة بشواهدها المادية والمعنوية.