من المؤكد أن من أكبر التحديات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن هى مشكلة سد النهضة الإثيوبى نظرا لما تمثله المياه من أهمية كبيرة لاستمرار الحياة والنشاط الإنسانى من زراعة وصناعة فضلا عن الاستخدام المنزلى اليومى.
ولذلك فإن من الأهمية أن نبحث عن موارد جديدة للمياه تصلح للزراعة والصناعة والاستخدام المنزلى لمواجهة تحدى الفقر المائى الذى يواجه مصر الآن وربما تزداد حدة هذا الفقر أمام التوسع فى استصلاح الأراضى الجديدة وكذلك التوسع فى المجال الصناعى فضلا عن تضاعف عدد السكان الذى يزداد ويتضاعف عاما بعد آخر.فضلا عن المؤامرات الدولية التى تحاول تعطيش مصر وخنق شريان الحياة فيها وهو نهر النيل.
وكان البحث عن أفكار مبدعة أمرا ملحا وضروريا لمواجهة ما يمكن أن يصيب البلاد من عطش والأرض من بوار.وكانت مياه البحار البديل المتاح خاصة أن مصر تعتبر واحدة من الدول الفقيرة فى كميات الأمطار كما أن مخزون المياه الجوفية لا يتجدد بسهولة وإن كان يمكن أن يكفى البلاد لسنوات عديدة يمكن أن تتجاوز المائة عام بحسب تقديرات علماء على رأسهم الدكتور فاروق الباز.ولكن الاقتراب من هذا المخزون يجب أن يكون حذرا إلا فى حالة الضرورة القصوى.
واللجوء للبحر ليس فقط لمجرد تحلية مياهه واستخدام ما يمكن منها فى الصناعات التى تتناسب مع ملوحته فما زالت تكلفة تحلية مياه البحر عالية بالقياس إلى مياه النهر التى تأتينا دون كلفة تذكراو مياه الأمطار التى تتساقط من السماء على البشر والحجر والسهول والجبال دون حول منهم ولا قوة.
وهنا استطاع العلماء أن يجعلوا من مياه البحر المالحة مياه قادرة على أن تحيى الأرض الموات وتنتج المحاصيل الزراعية التى تسد جوع البشر وتغذى الحيوان والنبات وهو ما استطاع أن يفعله فى تجربة ناجحة العالم المصرى الدكتور أشرف عمران الذى نجح فى زراعة الأرز والقمح على مياه البحار المالحة وبجودة عالية وإنتاجية وفيرة.
وتجربة الدكتور أشرف عمران كانت بداياتها فى مملكة البحرين وقد اطلعت على هذه التجربة من الدكتور أشرف نفسه منذ أكثر من عشر سنوات وطلبت منه تنفيذها فى بلادنا وقد وعدنى الرجل بعزمه على تنفيذ تجربته بشكل شخصى فى مزرعته فى مصر.
وقد حبانا الله بشواطئ طويلة من البحرين المتوسط والأحمر فضلا عن عدد كبير من البحيرات المالحة المتجددة التى تنتشر فى مصر خاصة فى الوجه البحرى وسيناء.يمكنها أن توسع عملية الزراعة فى مناطق شاسعة من الأراضى المنتشرة حولها.
ونموذج الدكتور عمران المبدع فى مجاله قادر على التغلب على مشكلات الفقر المائى الذى نعانيه منذ عقود ومن المتوقع أن تتفاقم المعاناة منه مستقبلا إذا لم نتحسب له ونستعد بما يكفى من سلاح العلم والمعرفة والوعى بأهمية المياه والاقتصاد فى استخدامها دون تبذير وإسراف.
ومستقبل المياه العذبة فى مصر يتطلب أن نستفيد من عمليات إعادة تدوير مياه الصرف الصحى وهى عملية تحقق أهدافا عدة منها المحافظة على البيئة البحرية التى نصب فيها هذه المياه أو البيئة البرية والصحراوية فى حالة صب هذه المياه فيها دون معالجة لتفادى التلوث البيئى الناتج عنها، فضلا عما يحققه إعادة تدوير هذه المياه من فائدة للزراعة وغيرها.خاصة أن تكنولوجيا معالجة مياه الصرف الصحى وإعادة تدويرها شهدت تقدما أتاح الاقتصاد من تكلفة تدويرها كما يفيد فى تعظيم الاستفادة منها لدرجة إعادة استخدامها فى الشرب بشكل آمن.
العلم هو سلاحنا الأول نحو تفكيك عقد الحياة وتسهيل ما تعسر منها فما زالت لدينا ملايين النعم التى تنتظر منا أن نكتشفها بالعلم والعمل.