للأسف فوجئنا بالمزايدة واتهام الشعب المصرى بعدم الوعى دون أى دليل سوى بعض الصور المتفرقة بسبب التزاحم في الأسواق أو تجمعات النقل الجماعى وفى مناسبات اجتماعية وفى بعض القرى وتم استخدام تلك الصور للحكم على مجموع وكل الشعب المصرى بعدم الوعى بسبب كورونا وقد توسع الاتهام للشعب المصرى إلى حد الجهالة.
وللأسف تم ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التليفزيونية والصحف.
وتم التوسع والمزايدة بالاتهام الخطير والذى من شأنه أن يمس سلبيا بقدرات الجبهة الداخلية بالتشكيك بسبب هذا الاتهام.
ومما يؤسف له أن الاتهام للمصريين بعدم الوعى والجهالة جاء بشكل باطل ولم يستند إلى دراسة علمية تعتمد على المعلومات والأبحاث للقيام بتحليلها للوصول إلى نتائج باتهام الشعب المصرى بعدم الوعي.
برغم أن قديما قالوا "إن المرء عدو ما يجهله" وهنا نؤكد على الآتى:
• لا توجد أى أرقام أو معلومات رسمية منشورة حول حجم الإصابات بالمحافظات ولكل محافظة على حدة توضح أعداد الإصابات "السلبى – الإيجابى – المتعافين وحالات الوفيات" حيث كل ما ينشر عبر المتحدث الرسمى لوزارة الصحة المصرية أرقام إجمالية مصمتة وانفراد منظمة الصحة العالمية ولأول مرة كان آخرها إحصاء منسوب لها في ٣ مايو الجارى ٢٠٢٠ وكانت المعلومة عبارة عن رسم بيانى يكشف ترتيب المحافظات وفق أعداد الإصابات دون أى تحليل لنوعية تلك الإصابات وهو الذى نشر لأول مرة من قبل المنظمة عن المحافظات المصرية.
• إن المعلومات حول فيروس كورونا والإصابات هو حق أصيل للشعب المصرى ليكون مشاركًا في مواجهة الأزمة ومعرفة الحقائق والتعامل معها باعتباره المستفيد الأول لمواجهة الجائحة في إطار من المصارحة والشفافية.
• إن إعمال مبادئ الدستور والقانون من أجل إرساء مبادئ حرية تداول المعلومات وأعمال الشفافية والمكاشفة والمصارحة للشعب هى حقائق أولية ومن هنا نتساءل عن دور لجنة الصحة بمجلس النواب ولجنة الإدارة المحلية المعنية بالمحافظات؟ وقد قدمنا في هذا الإطار طلب إحاطة وبيان عاجل عن ذلك للسيد الدكتور رئيس مجلس النواب.
• إن المشككين والمتهمين للشعب المصرى بعدم الوعى يتجاهلون تاريخه الوطنى والاجتماعي في مواجهة الأعداء والغزاة عبر تاريخ طويل مشهود بوعى المصريين منذ العصور الفرعونية – اليونانية – الرومانية مرورا بالعصر القبطى إلى الفتح الإسلامى والدولة الفاطمية إلى عصر محمد على ومقاومة الحملة الفرنسية والإنجليز والعدوان الثلاثى وحتى مقاومة العدو الإسرائيلى والانتصار عليهم.
• كما تناسى من يتهم الشعب المصرى بعدم الوعى وقدرة المصريين على احتواء لكل التحديات والتى تجلت في مقاومة المتاجرين بالدين ورفعوا شعار يسقط يسقط حكم المرشد رغم ما يتمتع به الشعب المصرى مسلمين وأقباط من تدين عميق.
• ولعل ذلك يتجلى مع قدرات الشعب المصرى في مواجهة المحن والأزمات والمشكلات الاجتماعية القديمة والحديثة ويتغلب عليه بقدراته الواعية.
• ولعل من يراجع تراث الشعب المصرى من أمثال شعبية وإنتاج بشرى للمفكرين والأدباء والمبدعين يتأكد من مميزات وعى الشعب المصرى وما يملكه من قوة ناعمة متميزة في كل القدرات البشرية التى تمتلكها مصر.
وبعد.. إن التحديات الحقيقية التى تكشف بطلان اتهام المصريين بعدم الوعى لا بد أن يتأكد مجددًا عن طريق:-
• ضرورة نشر المعلومات وتداولها بحيث تعكس ثقة الحكومة في الشعب بالمصارحة والمكاشفة والشفافية وإعمال مبادئ الحكم الرشيد الذى أكد عليها الدستور بنصوصه وروحه المتقدمة.
ومن هنا تتجلى ضرورة إعادة النظر في دور الإعلام بتغيير فلسفته نحو برامج أفضل تهم المواطنين بشكل عميق وتبتعد عن السطحية وضرورة احترام عقلية المواطنين.
إن إعلاء قيم الديمقراطية وتطبيقها باحترام الرأى الآخر والتعددية أصبح أمرًا ضروريا مع مصر التى نريدها دولة مدنية وطنية ديمقراطية حديثة خصوصًا ونحن نتطلع إلى مستقبل أفضل وما بعد جائحة كورونا حيث البقاء للأقوى والأفضل إنتاجية وعمليًا.
وتكفى الإشادة بأهمية الاستفادة من دراسات معهد التخطيط والمقتطفات التنموية التى ينشرها مركز معلومات مجلس الوزراء ونتائج استطلاع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ونأمل لمصرنا كل خير.