الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الثانوية العامة والأزمة.. تجربة للمعايشة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يختلف اثنان على أن الرهان الرسمى على وعى الشعب في أزمة كورونا الحالية لم يأت بثماره المرجوة بحكم التباين الشاسع في البنية الثقافية لدى مجتمعاتنا الصغيرة، فضلًا عن الظروف الاقتصادية الطاحنة مثالًا لا حصرًا. وبالتالى بدأت نبرة التعايش مع الوضع تزداد ارتفاعًا، بحيث تصبح المسئولية الفعلية ملقاة على عاتق المواطن بنسبة كبيرة، على أن تتولى الدولة التدابير اللوجستية التى ليس للمواطن دخل فيها. ولقد جالت بخاطرى فكرة ترتبط بالوضع القائم مع اقتراب اختبار الثانوية العامة، عسانا نستطيع توظيف ظرف الامتحان للخروج بنتيجة إيجابية قد تنعكس على سلوك هذا الجيل الواعد في قابل الأيام.

فما من شك أن مسألة تقليل أعداد الطلاب داخل اللجان لأمر محمود التزامًا بالمسافة الآمنة بين الأفراد، ويبقى أن لا يسمح لأى طالب - وبالطبع المراقبين والمسئولين- بدخول اللجنة دون ارتدائه للكمامة والقفازات، على أن توفر الوزارة بكل لجنة بعضًا منها، فضلًا عن المطهرات الأساسية والتعقيم الدورى. ذلك أن هذه اللجان قد تكون بؤرًا للاختلاط السلبى بين الطلاب الذى قد يزيد من خطورته مسالة استلام وتوزيع أوراق الأسئلة والإجابة وتداول المظاريف وغيرها من الأمور التقليدية المتبعة عبر أجيال تعليمية. كما ينبغى فتح أبواب اللجان من الصباح الباكر حتى لا يتكدس الطلاب وذووهم أمام البوابة الرئيسية للجنة، مع تيسير عملية الدخول والخروج بالشكل الذى يحفظ التباعد قدر المستطاع. وأحسب أن العادة المتوارثة بشأن بقاء بعض الأهالى أمام لجان الاختبار عليها أن تنتهى مهما كانت دوافعها فيما يتصورونه من دعم معنوى لأبنائهم، وذلك لسببين؛ أولهما وقتى ويخص ظرف الأزمة الكورونية وعلاقته بالتزاحم، وثانيهما مستدام حيث يتيح فرصة منح الثقة للأبناء لمواجهة أمورهم المستقبلية بأنفسهم. فلكم كنت أندهش قبيل كل عام دراسى في الجامعة وأنا أرى جموع المقبولين وقد وقفوا بذويهم أمام شئون الطلاب لاستكمال أوراق القبول، وقد ترك الأهل أعمالهم للقيام بالمهمة. لأتساءل عن هذا التناقض من جيل تعود منذ نعومة أظافره على ترويض الأجهزة الإلكترونية، ومع ذلك يقف عاجزًا أمام بضعة إجراءات روتينية حيال إنهاء التقدم للكلية التى رشحه لها مكتب التنسيق (العتيق) الذى لا بد وأن يكون لنا معه وقفة ضمن الخطوات الإجرائية للقبول بالمرحلة الجامعية وتلك قضية أخرى.

وتأسيسًا على ما سبق، تصبح مسئولية الطالب الكاملة حيال التعامل مع مجريات الاختبار التنظيمية، طالما نجح القائمون على الأمر في اتخاذ الإجراءات الاحترازية كاف حيال معايشة الأزمة خلال الاختبار. ويا حبذا لو تم وضع لافتات تذكيرية بالإجراءات في كل لجنة أو طبعها على ورقة الأسئلة أو الإجابة إن كان في الوقت متسع، بعدما فاتت على المعنيين بالأمر مسألة طبع التعليمات الاحترازية على أرقام الجلوس.

وما من شك، فإن العائد الإيجابى حال نجاح التجربة سوف يتركز بالأساس في قدرة هذا الجيل الواعد على الالتزام بمفردات مواجهة الأزمة مما يعلى من درجة وعيه وإحساسه بالمسئولية. وهو ما سينسحب بالضرورة على سلوكياته في الجامعة حال استمرار الوضع – لا قدر الله -، أو حين عودة الأمور سيرتها الأولى ليصبح هذا التعامل بمثابة أول دروسه العملية في فهم الأزمات وأسلوب مواجهتها. ولعل قاعدة (رب ضارة نافعة) تتجلى في قدرة هذا الجيل الواعد على التعامل مع الأزمة التى فرضت عليه. ولن أكون مغاليًا في التناول أو مراهنًا في غير مجاله إذا ما تمنيت أن يتم تعويض أجزاء المنهج الملغاة بحكم ظروف الأزمة بأى شكل، لكونها إحدى أساسيات بنيته المعرفية التى لا بد محتاجها فيما قد يتأسس عليها من تحصيل في المرحلة الجامعية. إنه التحدى الذى سيظل معلقًا لارتباطه بالوعى المعرفى الذى تتطلب مواجهته مسئولية فردية تمثل امتدادا للمعايشة المأمولة حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولًا.