تميزت مصر منذ فجر التاريخ بالعمارة، إذا خلفت العمارة المصرية القديمة العديد من الآثار التى تدل على حرفية وإتقان الفنان المصرى عبر العصور، وقدرته الفائقة على تشييد القصور.
كشفت الحفريات في مدينة تل العمرانة، والأقصر عن عدد كبير من القصور، واستمر الوضع عبر العصور والحضارات المتعاقبة على مصر فمرورًا بالعصر البيزنطى، والقبطى، والإسلامى، وحتى الدولة العلوية، فبدأت القصور في مصر تأخذ العديد من الطرز المعمارية، وفى هذه السلسلة من الحلقات والتى تستمر على مدى شهر رمضان الكريم سنتعرف على أهم القصور في مصر المحروسة.
أطلق عليه «تحفة القصور» أو «السرايا الكبرى» إنه قصر الطاهرة والذى تم تشييده في عام ١٩٤١، فلما ضاق قصر القبة على الملك فاروق استهواه قصر صغير قد ورثه محمد طاهر باشا عن والدته أمينة هانم إسماعيل، فقام بشرائه بمبلغ ٤٠ ألف جنيه، وكتب باسم الملكة فريدة، وكانت تبلغ مساحته ١٣٠٠ متر مربع تشمل المبانى الحرملك والسلاملك، والجراج، وجناح الخدم، وفى عام ١٩٤٢ قام بشراء الفيلا المجاورة بمبلغ ١٦ ألف جنيه وكانت مساحتها ٦١٢٦ مترًا مربعًا، وتم ضمها للقصر.
وبعد ذلك قام بضم الأراضى المجاورة له حتى بلغت مساحته نحو ٨ أفدنة، وحينما اشتد الخلاف بينه وبين الملكة فريدة قام فاروق باسترداد القصر في مقابل وقف في الشرقية يبلغ ١٧٠٠٠ فدان.
ويُعد قصر الطاهرة على رغم صغره من أفخم القصور في العالم، كما يحتوى على مجموعة نادرة من التحف الرائعة كطاولة البلياردو المصنوعة من الأبنوس المطعم بالذهب وكرسى عرش محمد على والمطعم بالذهب أيضًا.
ويوجد بحديقة القصر نافورة تعلوها تماثيل ربة البحر الإغريقية القديمة، وتبلغ مساحة الحديقة ١٨٣٨١ مترا وتحتوى على أجمل وأروع الزهور، وقد سُمى هذا القصر بـ «الطاهرة» نسبة إلى الملكة صافيناز ذو الفقار، والتى لقبت بالملكة فريدة لأنها كانت ملكة مع إيقاف التنفيذ، ولم تعرف الملكة سوى اللقب، وقد تزوجت من الملك فاروق عام ١٩٣٨، ورزقت بثلاث فتيات هن فريـال، وفوزية، وفادية، وفى عام ١٩٤٨ تم توقيع الطلاق، بعد أن ظلت الملكة أحد عشر عامًا.
وتُعد الملكة فريدة هى الملكة الوحيد التى خرج لها الشعب يهتف منددًا من طلاق الملك لزوجته مع العلم أنها تنبأت بالثورة واتهمها الملك فاروق بالجنون.
وهى الملكة الوحيدة التى أمر الرئيس جمال عبد الناصر بحرية سفرها وتنقلها، كما وافق على طلبها بدفن جثمان الملك فاروق في مصر، كما قام الرئيس السادات بدعوتها إلى مصر، أما الرئيس محمد حسنى مبارك فقد قام بتخصيص معاش شهرى لها ووفر لها إقامة بالمعادى، كما قام بمنحها جواز سفر دبلوماسي، ورحلت الملكة فريدة وهى تحب مصر.
وقد قام ببناء القصر المعمارى الإيطالى أنطونيو لاشياك للأميرة ابنة الخديو إسماعيل والدة محمد طاهر باشا، وقد تم بناؤه على الطراز الإيطالي، ويظهر ذلك جليًا في السلالم الرخام والسقوف المرمر الرائعة.
وقد استطاع لاشياك ببراعة استغلال المساحة الصغيرة لقصر الطاهرة نسبيًا بالقياس لباقى القصور الملكية، في تصميم مبنى القصر بتوازن وجاذبية في الشكل. ويحيط بالقصر حديقة بديعة، مكونًا علاقة متناسقة بين المبنى والطبيعة الخلابة المحيطة به، كما وزعت التحف وقطع الأثاث داخل الغرف بتناسق وجمال ينم عن ذوق رفيع.
