ضاقت صدور المصريين.. وأصابهم الملل والضجر.. بعد مرور ما يقرب من شهرين على بدء حظر التجول الجزئي.. ومكوثهم فى بيوتهم وتقييد حركتهم.. خاصة فى شهر رمضان المبارك.. ذلك الشهر الذى تعتبر لياليه.. أجمل ليالى المصريين.. فكل أنشطتهم فى رمضان.. تبدأ بعد المغرب وتستمر حتى الفجر.. وهى الفترة التى يقع معظمها فى ساعات الحظر الجزئي.. فلا خروج بعد الإفطار.. ولا تزاور ولا سحور خارج المنزل.. ولا سهر ولا صلاة تراويح.. ولا أى نشاط أو مظهر من أنشطة ومظاهر الشهر الفضيل.
اعتقد البعض أن الأمر لن يطول عن شهر.. أو شهرين على أكثر تقدير.. ولكن فيروس كورونا المستجد.. مستمر فى الانتشار.. ولم يتم اكتشاف علاج للوقاية أو الشفاء منه حتى الآن.. وما يتم الإعلان عنه من أدوية.. ما هى إلا تجارب ومحاولات.. لأن فهم طبيعة وتكوين الفيروس واكتشاف مضاد له وتجريبه.. يستغرق وقتا طويلا.. وإلى أن يأتى هذا الوقت.. يواصل وباء القرن.. حصد أرواح البشر فى جميع أنحاء العالم.. وتتضاعف أعداد ضحاياه يوما بعد يوم.. مما يؤكد أنه مستمر معنا لبعض الوقت.. ولن يزول خطره فى القريب العاجل.. خاصة فى ظل انشغال كل دولة بنفسها.. وعدم التعاون مع غيرها.
وبالنسبة لمصر.. فقد قامت بواجبها خارجيا وداخليا.. لم تتأخر فى مد يد العون والمساعدة للعديد من الدول.. وأرسلت المساعدات الطبية للصين وإيطاليا والولايات المتحدة وغيرها من الدول.. وداخليا اتخذت حزمة من الإجراءات الوقائية.. ورصدت مبالغ طائلة لمواجهة الفيروس القاتل.. ونظمت العديد من برامج التوجيه والتوعية.. وفرضت حظر التجول الجزئي.. إلا أن عدد الإصابات بالفيروس والوفاة بسببه فى ازدياد يوما بعد يوم.. وذلك ليس تقصيرا من الدولة.. ولكن بسبب استهانة المواطنين بالخطر المحيط بهم والقريب منهم.. وعدم التزامهم بتعليمات الوقاية وإجراءات السلامة.
وفى ظل هذا الوضع.. يجب على الدولة أن تغير خطتها لمواجهة ومكافحة الفيروس.. بعد أن فشلت الإجراءات الوقائية والحظر الجزئى فى وقف انتشار الفيروس.. فحظر التجول الجزئى تم فرضه يوم 24 مارس الماضي.. وكان عدد المصابين فى ذلك الوقت 442 مصابا و21 متوفيا.. واليوم وصل عدد الضحايا إلى نحو 10 آلاف مصاب ونحو 600 متوفى بسبب الفيروس.. أى أن الحظر الجزئى والإجراءات الوقائية.. لم تمنع انتشار المرض.. وفى نفس الوقت.. تعطلت الكثير من الأنشطة والأعمال.. مما أثر سلبا على حركة العمل والإنتاج.. وأصبح الاقتصاد الوطنى مهددا بالانتكاس.. بعد أن بدأ فى التعافى بشكل جيد فى الفترة التى سبقت الوباء.
وبما أن الحظر الجزئى لم يؤد إلى النتائج المرجوة منه.. وفرض الحظر الكلى يصعب تطبيقه.. لأنه يزيد من معاناة الدولة ويهدد النشاط الاقتصادى بالشلل التام.. فليس أمامنا سوى عودة الحياة إلى طبيعتها والتعايش مع الوضع الراهن بضوابط مشددة وقوية.. مع الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعى والتعقيم والنظافة.. لأننا ما زلنا فى بداية الطريق.. وأمامنا معركة طويلة مع الفيروس.. خاصة أن العديد من الدول خففت الإجراءات ورفعت القيود على الحركة والتجارة وجميع الأنشطة بعد أن تأثر اقتصادها بسبب تلك القيود والإجراءات.. وعلى كل فرد أن يتحمل مسئولية نفسه بنفسه.