السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماجدة منير في «الاختيار» الصعب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حضور صاخب فى مشهد واحد استطاعت من خلاله الفنانة ماجدة منير أن تقول لمشاهديها هكذا يكون التمثيل.. ماجدة منير فى مسلسل الاختيار الذى يعرض حاليًا وتقدم فيه دور البدوية والدة الإرهابى فى شمال سيناء هى رحلة طويلة من شقاء المسرح والتليفزيون.. رحلة يعرف كل من تابعها لم تأت مصادفة ولكنها جاءت مشحونة بالموهبة التى تزداد توهجا يوما بعد يوم.
تأخرت فى الكتابة عن ماجدة منير سنوات طوال.. بالتحديد عندما قامت بدور الأم فى مسلسل سجن النسا لفتحية العسال وكاملة أبوذكرى ومريم نعومى ونيللى كريم.. فى هذا المسلسل قدمت ماجدة دورا فى غاية الصعوبة توقفت أمامه كثيرا لكى أكتب عنه ولكننى لم أفعل.. انقسام مشاعر الأم بين ابنتيها واحدة لعوب نزيلة بسجن النساء قامت بدورها الفنانة درة.. والأخرى مغسولة بالبراءة وحلم المستقبل.. كيف تعاملت الأم ماجدة منير معهما.. ترفض مصير الأولى ولكنها ابنتها.. تقيم جدارا عازلا حول الثانية بروح مشتتة قلقة ولكنها حاسمة.. تلك الصعوبة لا يستطيع اجتيازها إلا عمق الموهبة.
عندما أطلت علينا الأسبوع الماضى فى مسلسل الاختيار وهى تواجه امير كرارة- أحمد المنسى- فى مشهد وصفه البعض بـ«العالمى».. هى أم ولكن خاب مصير ابنها التكفيرى بين المطرقة والسندان كانت البدوية ماجدة منير.. كلمات قليلة واجهت بها كرارة وصمت بليغ واجهت به العالم.. خطفت الكاميرا ولا أظن أن كرارة كان غاصبا من ذلك.. وسجلت اسمها فى سجل الحضور الدائم لتجلس مع الكبار محترفى الأدوار المركبة.
قلت إن مسيرة ماجدة منير لم تأت مصادفة فهى المثقفة صاحبة الانحياز الاجتماعى الواضح.. وهى المعجونة فى عائلة فنية، حيث شقيقها هو المخرج مراد منير الذى أهدانا قبل سنوات طوال مسرحية «الملك هو الملك» بطولة الكنج محمد منير والراحلة فايزة كمال.. فى هذه المسرحية تألقت ماجدة منير، ولكن غاب النقد الفنى وسكت عنها ومع الغياب تجرى مياه كثيرة فى النهر.. هى متمسكة بحلمها ومؤمنة بموهبتها لذلك لم يكن غريبًا عليها أن تنفجر شلالا مبدعا فى السنوات الأخيرة..
الموهوبة التى جاءت من محافظة بورسعيد إلى حى شبرا ومنه إلى المسرح الذى عاشت عليه طويلا لم تشك يوما من تجاهل الإعلام ولم تحمل للآخرين إلا حبا مطلقا.. لذلك عندما يعود لها جزء من حقها لا بد أن أطمئن وأن أحتفل بها فى مقالى هذا لنؤكد معا على القيمة ولكى نعرف أن توهج ماجدة منير واحتفاء المتابعين بها إنما هو احتفاء بجيل كامل ورد اعتبار لمواهب مصرية طحنتها سنوات الرخاوة فى الثمانينيات والتسعينيات.. منهم من مات كمدا ومنهم من اعتزل ومنهم من قاوم وكانت ماجدة من ذلك الفريق الذى قاوم وانتصر..
والعتاب موصول فى الوسط والمحيط الثقافى والواقع السياسى إذا لم تتنبه المؤسسات إلى أهمية وخطورة قوة مصر الناعمة سوف يتواصل النزيف والموت والاعتزال.. ليست كل المواهب فى صلابة ماجدة منير التى واجهت الإحباط وعاشت راضية نلقاها فى ميادين مصر فى المواقف الفاصلة ونفرح بها وهى فى طرقة المستشفى تقابل أحمد المنسى هو يتسلم جثمان أيمن شويقة الجندى البطل الذى احتضن الإرهابى وحزامه الناسف بينما البدوية ماجدة منير تتلصص على جثمان ابنها الإرهابى مقتنعة بأنه مجرم وكلها ثقة أنها أمه.. فتخلط المشاعر بوعى لتترك المساحة لأحمد المنسى لكى نتذكره ولا ننسى البدوية ماجدة منير.