الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الدكتور باهور لبيب.. عاشق اللغة القبطية

الدكتور باهور لبيب
الدكتور باهور لبيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال ماجد كامل، كبير باحثين بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، إن الدكتور باهور لبيب واحد من أشهر علماء القبطيات في مصر والعالم؛ ولقد ورث عشق القبطيات والآثار عموما عن والده العالم الكبير الأستاذ أقلاديوس لبيب ( 1868-1918 ).
وأضاف في تصريحات لـ"البوابة نيوز": أما باهور نفسه فلقد ولد في يوم 19 سبتمبر 1905 في ضاحية عين شمس؛ ولقد تشرب عشق اللغة القبطية منذ طفولته؛ فلقد كان من تقاليد الأسرة منع التحدث بغير اللغة القبطية داخل المنزل حتى يتدربوا جيدا على إتقانها؛ ودرس في مدرسة الأقباط الكبرى التي أنشأها البابا كيرلس الرابع؛ ثم التحق بالمدرسة الخديوية في المرحلة الثانوية حتى حصل على شهادة البكالوريا عام 1925؛ والتحق بعدها بكلية الحقوق ؛ وكان قد قد تم أفتتاح قسم جديد لدراسة الأثار حديثا؛ فقابل باهور لبيب الأستاذ الكبير لطفي السيد والملقب بأستاذ الجيل وأبدي له رغبته في دراسة الأثار بجانب دراسته للحقوق؛ فوافق أستاذ الجيل حيث إنه كان يرغب في تشجيع الدراسة بقسم الأثار. ولكن في يوم أمتحان الليسانس تصادف أن جاء موعد الأمتحانان في نفس الوقت ؛ فأضطر باهور لطلب تأجيل أمتحان الحقوق ؛وأمتحن أمتحان الأثار حتى حصل على الليسانس عام 1930. وكان من بين أساتذته الذين درسوه في هذه الفترة نذكر العالم الروسي جولنشيف (1856- 1947 ) أستاذ فقه اللغة المصرية القديمة ؛ هرمان يونكر ( 1877- 1962 ) وله حفائر مهمة في منطقة الأهرامات بالجيزة اكتشف خلالها مقابر ترجع إلى عصر الدولة القديمة ؛والسير بيرسي نيوبري (1868- 1949 ) أستاذ التاريخ والآثار بالجامعة المصرية..... الخ.
وتابع: ثم سافر في بعثة إلى ألمانيا خلال عامي 1930- 1931 لنيل درجة الدكتوراة ؛وكانت بعثة كبيرة مكونة من مجموعة كبيرة من العلماء قدر لها قيادة الجامعة المصرية في العديد من التخصصات فيما بعد ؛نذكر منهم في مجال الآثار:- عبد المنعم يوسف أبو بكر وأحمد محمد بدوي ؛ كذلك سافر في نفس البعثة الدكتور مراد كامل لدراسة اللغات السامية ؛ كما سافرإلي فرنسا يوسف مراد لدراسة الدكتوراة في علم النفس "وهو رائد دراسات علم النفس التكاملي في مصر " ؛ وعثمان أمين لدراسة الدكتوراة في الفلسفة من فرنسا أيضا ؛ "وهو رائد الفلسفة الجوانية في مصر"... الخ. وفي ألمانيا تتلمذ باهور لبيب على يد مجموعة كبيرة من أساطين علم المصريات مثل هرمان جرابو أكبر عالم للغة الهيروغليفية في العالم ؛ كذلك العالم الأللماني كورت زيتة رئيس قسم الآثار الفرعونية بمتحف برلين ؛ كذلك تتلمذ على يد عميد الأثريين الألمان أدولف إيرمان ؛ وكان موضوع رسالة الدكتوراة هو "الملك أحمس الأول طارد الهكسوس من أرض مصر ومؤسس الأسرة الثامنة عشر" وبالفعل تمكن من إنجاز رسالة الدكتوراة في ظرف أربعة سنوات ؛وكانت بتاريخ 29 نوفمبر 1934 ؛ وكان بذلك أول مصري يحصل على درجة الدكتوراة في الآثار المصرية. ثم عاد إلى مصر وعمل أستاذا للغة القبطية وعلاقتها بالمصرية القديمة ؛ ثم قام بتدريس اللهجات القبطية المختلفة. ولكنه تعرض للظلم والغبن ففصل من الجامعة نتيجة مواجهة مع شخصية ذات نفوذ ؛ وخلال زيارة الملك فاروق للمتحف المصري في أبريل1945 ؛وكان باهور لبيب بين صفوف التشريفة التي قامت بإستقباله ؛ فعرض عليه الظلم الذي تعرض له ؛فـأصدر الملك أمرا بإرجاع باهور لبيب للعمل كأمين في المتحف المصري ؛ثم مديرا للمتاحف الأقليمية. ولكن النقلة الكبرى في حياته جاءت بقرار تعيينه مديرا للمتحف القبطي خلال الفترة من( 1951- 1965 ) وهو بذلك يعتبر ثالث مدير له بعد مرقس باشا سميكة (1864- 1944 ) ؛ الدكتور توجو مينا ( 1906- 1948 ) ولقد زار المتحف خلال مدة رئاسته العديد من رؤساء الدول والشخصيات الرسمية نذكر منهم الأمبراطور هيلاسلاسي أمبراطور إثيوبيا السابق في يوم 28 يونيو 1958 ؛ وزارته ولية عهد الدانمارك في نوفمبر 1962 ) أنظر صورة الزيارة ضمن الصور الملحقة بالمقالة ). ورئيس غانا الراحل نكروما ؛ ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كسينجر ( أنظر صورة الزيارة ضمن الصور الملحقة بالمقالة ). كما تقلد العديد من المناصب الأخري المهمة مثل "عضو بالمجلس القومي للثقافة ؛ومقرر لجنة الآثار بالمجالس القومية المتخصصة – عضو بالمجمع العلمي المصري منذ عام 1960- عضو بمعهد اللآثار الألماني ببرلين – عضو الجمعية الجغرافية الأمريكية – عضو لجنة المتاحف باليونسكو..... الخ ".
وحصل على العديد من النياشين والأوسمة ؛نذكر منها ميدالية ذهبية من الإمبراطور هيلاسلاسي ؛كما حصل على وسام العالم من الدانمارك ؛ووسام الإستحقاق من درجة الصليب الكبير من ألمانيا الغربية ؛ كما حصل أيضا على مفتاح مدينة ميونيخ ؛وشهادت تقدير متنوعة من ألمانيا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا..... الخ. كما نشرت له العديد من الكتب والأبحاث والمقالات في مجال المصريات والقبطيات والإسلاميات باللغات العربية والألمانية والفرنسية ؛نذكر منها كتيب صغير عن الفن القبطي في سلسلة كتابك التي تصدر عن دار المعارف عام 1978 (الكتاب رقم 118 ) ؛ الفن الإسلامي في مصر (باللغة الإنجليزية وصدر عام 1960). كما كتب مقدمة العديد من الكتب نذكر منها كتاب "التربية في العصر القبطي " للدكتور سليمان نسيم ؛موسوعة تاريخ الأقباط " للأستاذ زكي شنودة الجزء الثالث وصدر عام 1966 ؛ وأخيرا كتاب "التصوير في التراث المصري القديم "للدكتور مهندس محمد حماد. كما قام بنشر وتحقيق مكتبة نجع حمادي ؛وهي عبارة عن مجموعة برديات أكتشفت في صعيد مصر وتحديدا في نجع حمادي عام 1945 ؛ بينما كان أحد الفلاحين يبحث عن السماد بمنطقة جبل الطريفي ؛فعثر على قنية من الفخار ؛ فظن في البداية انه بداخلها كنز كبير ؛ فقام بكسرها فوجد بداخلها مجموعة من أوراق البردي ؛وأخذت تنتقل من يد إلى يد حتى وصلت إلى تاجر آثار بلجيكي يدعي " ألبرت أيد " فقام بشرائها وبيعها لأحد المعاهد السويسرية ؛ وعندما كان الدكتور توجو مينا مديرا للمتحف القبطي ؛ قام بإقناع المسئولين بضرورة شراء هذه المخطوطات التي خرجت من مصر ؛ ولكن نتيجة وفاة الدكتور توجو مينا المفاجئة في عام 1949 ؛ تعثرت الإجراءات قليلا ؛ إلى أن جاء عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ؛وكان وقتها وزيرا للمعارف ؛ فأهتم بهذا الاكتشاف كثيرا ؛فكون لجنة لإصدار قانون خاص لحماية الآثار ؛نتج عنه احتفاظ الحكومة المصرية بهذه المخطوطات ؛ فأنتقلت ملكيتها للمتحف القبطي عام 1952 ؛وكان الدكتور باهور لبيب وقتها يعمل مديرا للمتحف ؛ فقام بنشر صور لمخطوطات هذه المكتبة عام 1956 ؛ثم تأسست لجنة تحت رئاسة اليونسكو لفحص ودراسة هذه المخطوطات من مجموعة من كبار القبطيات '> علماء القبطيات في العالم ؛ نذكر منهم مارتن كراوس ؛ بويك ؛جويسبل ؛روبنسون.... الخ. حتى خرجت ترجمتها الكاملة إلى اللغات الحية المختلفة عام 1976 خلال مؤتمر القبطيات الأول والذي عقد في مدينة القاهرة خلال فترة وزارة الدكتور جمال العطيفي للثقافة ؛ وكان رئيس هيئة الآثار وقتها الدكتور جمال الدين مختار. وفيه تأسست الجمعية الدولية للدراسات القبطية International Association for Coptic Studies ويعرف اختصارا بـــ ( IACS ). واختير الدكتور باهور لبيب رئسا فخريا Honorary President لها.
ومن الأعمال الأخري التي قام بها الدكتور باهور لبيب أنه كان عضوا في لجنة تقصي الحقائق حول الحفريات الإسرائيلية التي قام بها الأسرائيليون في منطقة دير سانت كاترين عقب عدوان 1956 ؛ وكانت اللجنة مكونة من الدكتور باهور مندوبا عن مصلحة الآثار ؛الأستاذ فؤاد السيد مندوبا عن دار الكتب (وهو بالمناسبة والد الدكتور أيمن فؤاد سيد عالم المخطوطات الإسلامية ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية حاليا ) والمهندس نجيب سلامة والمصور بولس فرج من موظفي المتحف القبطي. وتوجهت البعثة إلى دير سانت كاترين بتاريخ 17 يونيو 1957. وأثبتت أن الأثريين الإسرائيلين قد قاموا بعمل حفائر خارج أسوار الدير. كما شارك في القيام بحفائر في منطقة أبو مينا الأثرية بصحراء مريوط في عام 1951. كما كان رئيس لجنة التنقيب عن آثار كنيسة السيدة العذراء بأتريب بمدينة بنها محافظة القليلوبية وكان ذلك عام 1969. كما كان عضو اللجنة البابوية التي شكلها قداسة البابا شنودة الثالث - نيح الله نفسه في فردوس النعيم – لتقصي الحقائق حول صحة نبأ اكتشاف رفات يوحنا المعمدان ( المعروف في القرآن بأسم سيدنا يحيي ) بدير القديس أبو مقار بوادي النطرون ؛وكان ذلك خلال عام 1978. وأخيرا وبعد رحلة حافلة بالعطاء والإنجاز رحل العالم الكبير الدكتور باهور لبيب عن عالمنا يوم 7 مايو 1994 عن عمر يناهز 89 عاما تقريبا ؛ودفن في مقابر الأسرة في الجبل الأحمر. ولقد أهتم بتسجيل سيرة حياته نجله الدكتور أحمس لبيب باهور لبيب في كتاب رائع مدعم بعشرات الصور والوثائق فضلا عن الذكريات الشخصية التي سردها المؤلف عن والده ( ولقد استفدنا منه كثيرا في كتابة هذا المقال )؛رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما خدم العلم والتراث المصري من خدمة كبرى.