الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

محمد نبيل غنايم: المراقبة وإتقان العمل من ثمرات الصوم الحقيقي

الدكتور محمد نبيل
الدكتور محمد نبيل غنايم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقيمت مساء يوم الاثنين 4/ 5 / 2020م الحلقة الحادية عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وجاءت بعنوان: " رمضان شهر المراقبة وإتقان العمل "، وحاضر فيها كل من: الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، والدكتور عبد الخالق صلاح إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، وقدم للملتقى الإعلامي حسن الشاذلي المذيع بقناة النيل الثقافية. 
جاء ذلك برعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح، ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
وفي بداية كلمته أكد الدكتور محمد نبيل غنايم أن المراقبة وإتقان العمل ثمرة من ثمرات الصوم الحقيقي، وهي من أهم القيم السامية والأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فهي طريق الإخلاص الذي هو أساس قبول العمل عند الله (عز وجل)، والحق سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، مشيرًا إلى أن الله (عز وجل) حثنا على مراقبته في كل أحوالنا وتصرفاتنا، فقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
كما أكد أن المراقبة هي استشعار العبد معية الله سبحانه وتعالى، وهي متحققة في جميع العبادات، وفي الصيام بالدرجة الأولى ؛ لأنه لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا ما فسره الحديث الشريف: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي"، فالصيام يربي النفس على مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن، حيث يغرس في نفس الصائم الصبر على طاعة الله سبحانه، ويعلمه قوة الإرادة، وضبط النفس، ففي كثير من الأوقات يكون الطعام والشراب بين يدي الصائم بعيدًا عن أنظار الناس، ومع ذلك يمتنع عن تناولهما خوفًا من الله (عز وجل) وخشية منه سبحانه، وعلمه بأن الله تعالى يراه، ومطلع عليه في سره وعلانيته.
وكما غنايم إلى أن المراقبة عبادة مستمرة في كل قول أو فعل، وهي في كل العبادات يجب أن تتحقق، ففي الصلاة بإتمام أركانها وشروط صحتها وسننها، وفي الزكاة كذلك فلا يُخرج الإنسان زكاة ماله رياء، أو ليقال أنه جواد وصاحب عطاء وبذل، بل يخرجها ابتغاء وجه الله (عز وجل)، وكذلك في الحج، حيث يستحضر الحاج مراقبة الله (عز وجل) في كل المناسك والشعائر، موضحا أن المراقبة كما تكون في العبادات، تكون أيضًا في الأقوال، قال تعالى: " مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"، ومن ثم فيجب علينا جميعا ونحن في شهر الصوم أن نستشعر مراقبة الله تعالى في السر والعلن، فلا ينتظر أحدنا رقابة البشر، بل يراقب كل منا ربه فيما ولاه عليه، لتحيا قلوبنا، وتستيقظ أرواحنا، وتستقيم حياتنا، فتنهض الأمة وترتقي، فإن سعادة المجتمع وتقدمه مرهونة بيقظة ضمائر أبنائه ومراقبتهم لله (عز وجل). 
وفي ختام كلمته أكد أن الصيام لا يمنع إتقان العمل، وليس فيه أي نوع من أنواع التكاسل، فرمضان هو شهر الجد والنشاط ؛ لأنه وقع فيه أعظم الانتصارات، يوم بدر، وفتح مكة، وعين جالوت، والعاشر من رمضان، مما يدل على أن الصيام سبيل القوة مع الله (عز وجل)، ومع الأعمال. والله سبحانه وتعالى قد ربط بين العبادات وبين المعاملات في إتقان العمل، فالمراقبة سبيل رئيس للإتقان في العمل؛ حتى يعود أثر ذلك على الاقتصاد والتنمية، وتحقيق المصلحة العامة، فحين يستحضر الإنسان قيمة المراقبة، فإنها تؤدي به إلى الإتقان في العمل، وهذا ما أكّده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث قال: " إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "، وهكذا فلا بد من تمثل الأخلاق المحمودة في العمل ؛ لنجد إنتاجًا قويًّا ثريًّا يدفع الاقتصاد، ويترتب عليه التنمية، مشيرًا إلى أننا في أشد الحاجة إلى أن نؤصل لإعلاء قيمة العمل ومراقبة النفس، فإتقان العمل ينقل الأمر من إفساد يرفضه الكون إلى صلاح يحبه الكون.
وقال الدكتور عبد الخالق صلاح إن الصوم تهذيب للنفس وتربية لها على السلوك القويم، وشهر رمضان مدرسةٌ عظيمةٌ تربي في المسلم مراقبة الله (عز وجل) في السر والعلن ؛ لأن الصيام بين العبد وربه، وأخص ما فيه المراقبة لله (عز وجل)، مصداقًا لقوله (صلى الله عليه وسلم): " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وقد حفل القرآن الكريم بالآيات التي تدل على مراقبة الله للعبد، كما أنها اسم من أسماء الله الحسنى.