تخيلى يا سيدتي لو أنك كنتِ زوجة لأحد رجال مصر الفرعونية. كيف كان لها أن تكون حياتك؟. كانت الحياة في مصر القديمة منضبطة، بمعنى أن كل شىء كان له قواعد تحكمه، وتجعله الأفضل، وإن لم تجعله الأفضل فإن ذات الضوابط هى التى تجعل من عقاب مخالفته الأكثر ردعًا. ولأن المبدأ لا يتجزأ. نظر المصرى القديم للزواج بصفته التزام أبدى مقدس. ربما لخص أحد حكماء مصر القديمة هدف الرجل من علاقته بزوجته في عبارات: "أحبب زوجتك كما يليق بها، قدم لها الطعام والملابس، وأسعد قلبها ما حييت"
أحب المصريون القدماء الزواج المبكر، لكنهم حددوا مرحلة سنية للزواج يكون فيه الرجل والمرأة بالغين قادرين على الحياة الزوجية بأعبائها. كان يرون في الزواج تكوينًا لخلية أسرية جديدة تحقق الترابط الأسرى الذى دعمه المصريون القدماء بكل طاقتهم. وكان الزواج أحاديًا لزوجة واحدة. حتى الملوك الذى ورد أنهم قد عددوا الزوجات كان يجب أن يتخذ كل منهم زوجة ملكية واحدة. وكأن من سواها كن جوراى بالنسبة لها. وأطلق المصرى قديما ألفاظا مختلفة على علاقة الزواج، من بينها "إر- حمت (اتخاذ زوجة)"، كما أطلق على الزوجة اسم "مريت (الحبيبة)" و"نبت-بر (سيدة المنزل)"، ومن أشهر الكلمات أيضا "سنت (أخت)"، و"حمت (زوجة)".
كان إعلان الزواج يعتمد على الأعراف في مصر القديمة، ولم يعرف التوثيق قبل فترة العصر المتأخر (القرن 11 إلى القرن الرابع قبل الميلاد)، بحسب تقسيم عصور تاريخ مصر القديم. يعود أقدم نص يمكن الاطلاع عليه إلى عام 590 قبل الميلاد، كما عثر على عقد زواج مكتوب بالخط الهيراطيقى في جزيرة الفنتين جنوبى مصر،ويتضمن العقد بنودا تصل أحيانا إلى نحو 20 بندا، تحدد شكل العلاقة بين الزوجين تفصيلا مثل: التاريخ، الإعلان (الإشهار)، وطرفى عقد الزواج، وهدية الزوج (المهر)، والمعيشة، والضمان، والانفصال، وحماية الأطفال، والقسم (التعهد)، ومتعلقات شاركت بها الزوجة في المنزل، والمتعلقات المشتركة بين الزوجين، وممتلكات من الوالدين من ميراث، والرهن، والتعويض في حالة الانفصال، والإقرار الختامى، وكاتب العقد، والشهود.
إذن مثل عقد الزواج اتفاقًا شاملًا أعطى الضوء للعالم في الأزمان التى أتت بعده لطريقة عقد القران، حتى أنه شمل "القايمة" وما أدراك ما "القايمة" في هيئة متعلقات الزوجين. تخيل أن هذا العقد كان يلزم الزوج بأن يتعهد بتقديم مقدار من القمح كل صباح، ومقدارا من الزيت شهريا، وراتبا شهريا، فضلا عن نفقات سنوية للعناية بزينتها وجمالها.
إن عقد الزواج السابق يظهر أن المرأة كانت تتقاضى راتبًا شهريًا من زوجها لا يدخل في نفقتها السنوية. وهو أمر فريد وله إمارات متعددة تشير لطريقة الحياة بينهما. كانت كل الوصايا تأمر الزوج بأن يسعد زوجته كهدف سامٍ له. انظر لما قاله "آنى" من قدماء المصريين"من كلمات أظنها علاج لكثير من المشكلات اليوم، إذ قال: "لا تصدر أوامر كثيرة إلى زوجتك في منزلها، إذا كنت تعلم أنها إمرأة ماهرة في عملها، لا تسألها عن شىء أين موضعه؟ ولا تقل أحضريه، إذا كانت قد وضعته في مكانه المعتاد. لاحظ بعينيك والزم الصمت حتى تدرك محاسنها، يالها من سعادة عندما تضم يدك إلى يدها. تعلم كيف تدرء أسباب الشقاق في بيتك، ولا يوجد مبرر لخلق نزاعات في المنزل، كل رجل قادر على أن يتجنب إثارة الشقاق في بيته، إذا تحكم سريعا في نزعات نفسه".
تكررت الوصايا من الحكماء بأن يشترى الرجل العطر لزوجته، في رفع لشأن العطر في إسعاد الزوجة ومن ثم سلامة الأسرة، وتشير الكثير من الدراسات الحديثة لأهمية العطر في تهيئة الحالات العصبية المختلفة للإنسان.
علمت مصر العالم كل شىء حتى طقوس الزواج، وحب الزوجة، والحياة الجميلة، فالأولى بأحفاد المصريين القدماء أن يقدموا صورًا جميلة لما بناه أجدادهم.