شَّهر رمضان فرصة لا تُتاح كل عام إلا مرة واحدة؛ فرمضان ليس فرصة للصيام وفقط، بل تتعدد فيه أبواب المنافسة، وفرص العبادة كثيرة، والأجور مضاعفة، فالصلاة باب، ونوافل الصلوات باب، وصلاة الضحى باب، وقيام الليل باب، والصدقات باب، والذكر باب، والقرآن باب، وإفطار الصائمين باب، وقضاء حوائج المحتاجين باب، وقيام الليل باب، وإطعام الطعام باب، والإحسان إلى الناس باب، فعلى الإنسان أن يغنَّم كل أوقات الشهر الفضيل بأنواع متعددة من العبادات، فرمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلَّقُ فيه أبوب النيران، وطرق الانتفاع بشهر الخير تنادي على الراغبين في صنوف الخيرات؛ فعلينا أن نغتنَّم نفحات شهر رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة"(رواه الترمذي)؛ فهذا الشَّهر يرغِّب في أعمال الخير وخاصَّةً عند أصحابها؛ لما فيه من الأسباب الَّتي تعينه على ذلك؛ فأقبلوا على الله وعلى طاعته، "ويا باغي الشَّر أقصر"، أي: أمسك عنه وامتنع؛ فإنَّه وقت ترق فيه القلوب للتَّوبة.
قال الإمام محمد الغزالي: "من الخطأ تصور الاستعداد بأنه تدبير النفقات، وتجهيز الولائم للأضياف، إن هذا الشهر شُرع للإقبال على الله، والاجتهاد في مرضاته، وتدبر القرآن، وجعل تلاوته معراج ارتقاء وتزكية، إنه سباق في الخيرات يظفر فيه من ينشط ويتحمس"؛ فعلينا جميعا بالعودة إلى الله، ونتيقن بأن باب التوبة مفتوح وأن الله تعالى لايقنط أحدا من رحمته مهما كان ذنبه أو معصيته قال الله تعالي: {قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم} (سورة : الزمر)، ويتأكد أمر التوبة في مثل هذه الأزمان الفاضلة لشرفها وعظم أجر الأعمال الصالحة فيها فعليه أن يجدد العهد مع الله تعالى بتوبة صادقة، لأن الذنوب والمعاصي من أعظم أسباب حرمان العبد من الخير والإقبال على الله تعالي؛ فقد جاء رجل الى الحسن البصري رحمه الله فقال يا أبا سعيد إني أحضر طهوري وأستعد لقيام الليل فلا أستطيع فما السبب ؟ قال "قيدتك ذنوبك"؛ فالمسلم يحتاجُ إلى غنيمة هذا الشهر من شتى أبواب المنافسة، وعليه أن يكون مخطّطاً لكيفيّة قضاء أيّامه ولياليه.
وللحديث بقية طالما في العمر بقية.