يُعد شَّهر رمضان أفضل منحة ربانية للأمة المحمدية، فلقد فضّله الله على سائر الشهور، وفضّل عشره الأخير على سائر الليالي، وفضّل ليلة القدر على ألف شهر؛ فهو فرصة ربانية عظيمة لكسب الكثير من العادات الحسنة والابتعاد عن الكثير من العادات السيئة، والصيام عبادة عظيمة تُطهّر النّفس وتزكّيها، وفُرصة لتكفير الذّنوب والخطايا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الصَّلواتُ الخمسُ، والجمُعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ" (رواه مسلم)، فإن الله تعالى هيأ لنا المناسبات العظيمة التي تصقل الإيمان في القلوب؛ فانتهزوا الفرصة ولا تترددوا، واستغلّوا رمضان في الصيام وصلاة الفريضة والنوافل، وقراءة القرآن، وذكر الله بالاستغفار والتسبيح والتهليل، والصدقة، وسائر أعمال الخير، وحفظ اللسان حفظاً تاماً عن كل كذبٍ أو غيبةٍ أو محرمٍ، وادعو الله سبحانه وتعالي أن يتقبل ويسجيب.
شَّهر رمضان من أعظم المواسم للعبادة؛ حيث يعد بمثابة فرصة لا تعوض لنا جميعاً في أن نتقرب إلى الله أكثر، ونعوض ما فاتنا، وللتزود من الطاعة؛ لذا انتبه لنفسك حتى لا تذهب عليك هذه الفرصة، واستغلّها بكل ما تحمل هذه الجملة (استغلّ) وقم بكل عمل يكون سبباً لمغفرة الذنوب ولدخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رغم أَنفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ ، ورغم أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثمَّ انسلخ قبل أن يُغفر له ، ورغم أنفُ رجلٍ أدرك عنده أبواهُ الكبر فلم يُدخلاهُ الجنَّة" (رواه مسلم)، ومعنى رغم أنف رجل: أي خاب وخسر وذلَّ وعجز ولصق أنفه بالتراب، فانتبه لصيامك، وحافظ عليه أشدّ المحافظة، وتجنّب كل شيء يفسد الصوم أو فيه شبهة، أو يذهب بثواب الصوم، أو يكون طريقاً إلى إضاعة الوقت، وكذلك ليلة القدر فرصة لا تعوض، فقد قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (القدر: 3)، فليلة واحدة أفضل من ألف شهر، فهل بعد ذلك منحة؟!
وللحديث بقية طالما في العمر بقية.
* واعظ بمجمع البحوث الإسلامية
عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
