في الأول من مايو من كل عام نحتفل جميعا بعيد العمل والعمال، ذلك العيد الذى يؤكد على محورية دور العمال في بناء الأوطان. وإذا كان كل عام يكون الاحتفال بهذا العيد أشبه بالاحتفال النمطى، إلا أن هذا العام يجب ان يأخذ الاحتفال طابعا مختلفا في ظل الظروف الطارئة التى يواجهها العالم بأسره بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد الذى كانت له انعكاسات ربما تبدو متناقضة بالنسبة لقضية العمال، ففى الوقت الذى يستوجب لمواجهة هذا الفيروس والحد من انتشاره توقف عجلة الإنتاج أو على الأقل تخفيض حجم التشغيل كما هو الحال في قطاعات مثل السياحة والخدمات الاخرى، وهو ما يعنى تعطل طاقات العمال خاصة الذين يعملون في قطاع الاقتصاد غير الرسمى أو عمال اليومية، وما يترتب على ذلك من تعرضهم لظروف اجتماعية صعبة في كيفية تلبية احتياجاتهم اليومية والأسرية، تعويضا عن فقدانهم لعملهم، وهو ما عالجته كثير من الدول بمنح مساعدات مالية شهرية لهؤلاء العمال حفاظا على حياتهم وحياة اسرتهم، وإن كانت المبادرة المصرية في دعم العمالة المؤقتة نموذجا مهما في كيفية دعم القوى العاملة غير المنتظمة، إلا أن الأمر يستوجب معاونة من جانب القطاع الخاص وأصحاب الأعمال في دعم الدولة في هذا التوجه سواء من خلال تقديم مساعدات أو معونات لهذه العمالة، أو من خلال عدم تسريحهم للعمال حتى في حال تخفيض مستوى العمل أو توقفه لحين الخروج من تلك الازمة.
على الجانب الآخر، تبرز أزمة العمالة في ظل تلك الجائحة من خلال الحاجة إلى أن تستمر نوعية معينة من الأعمال كى لا تتعطل الحياة أو تتزايد الأزمات الاقتصادية وهى العمالة المنتجة سواء في القطاع الزراعى أو الصناعى (صناعة الأغذية والدواء بصورة رئيسية) كذلك العمالة في القطاعات الصحية والنظافة، فتواجد مثل هؤلاء العمال في مواقع العمل يستوجب رعايتهم وحمايتهم من التعرض للإصابة بالفيروس، وهو ما يستوجب بدوره رؤية مغايرة في كيفية الاحتفال بهؤلاء العمال من خلال منحهم مزيد من التعويضات مقابل نزولهم للعمل وكذلك زيادة مستويات التأمين التى تعطيهم الثقة في أنهم حال إصابتهم سيجدون أماكن للعلاج ومصادر للدخل تمكنهم من الإنفاق على اسرهم.
ملخص القول إن الاحتفال بعيد العمال هذا العام يأخذ نمطا مساعدا لفئات منهم وهى الفئات التى توقف عملهم، ونمطا مشجعا لفئات أخرى وهى الفئات التى استوجبت الأزمة مزيد من تشغيلهم لسد الاحتياجات المتزايدة سواء في القطاع الطبى أو الغذائى مع تراجع الاستيراد في ضوء توقف حركة التجارة العالمية.