السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فن البقاء وصناعة العدو (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الوقت الذى تتعاون فيه الصين وتمد يد المساعدة لدول العالم لمواجهة فيروس كورونا المستجد، تقف أمريكا لتزيد الضغوط على الصين وتكيل لها الاتهامات ويستمر ترمب في إِشعال حرب باردة. العدو خيار سياسى كما هو معروف في العلوم العسكرية، ولطالما نظرت أمريكا إلى الصين كعدو ضرورى ولا يمكن تصنيفها في خانة الأعداء علنا، ولا يمكن تصنيفها كحليف استراتيجى أسيوى، بل احتفظت بهذه المكانة لليابان وكوريا الجنوبية. 
كنت طرحت معكم سؤالًا حول رؤية هيلارى كلينتون للعلاقات الأمريكية الصينية، فرضًا إذا ما كانت على سدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية الآن، وهو ما أعادنى لقراءة مذكراتها «خيارات صعبة» في ظل تصريحاتها وانتقاداتها لسياسة ترمب في التعامل مع أزمة كورونا، وإعلانها مساندتها للمرشح المنافس له في الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر المقبل جو بايدن وكتبت في تغريدة لها «ادعموا صوت العقل والمرونة»، فهل كانت لتتعامل مع الصين بمرونة؟ الحق أننى أتذكر كيف كانت تضع الصين تحت ضغط الرأى العام العالمى في قضايا حقوق الإنسان، والمرأة، وحرية التعبير، وتغير المناخ كأكبر مصدر للغازات المسببة للانبعاث الحرارى، وقضية التبت والنزاعات جنوب بحر الصين. 
كانت هيلارى تعى دوما أن أمريكا يجب أن تتعامل مع الصين بحذر في ظل قوتها المتنامية اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا، فهى كسياسية مخضرمة تعى أنه لا ظهور لقوى جديدة دون تصادم. فقبل أعوام أربعة لم تكن الصين بقوتها الصاعدة الآن، وكانت أمريكا ندا قويا، أما الآن فالوضع مختلف ومختلف كثيرا عن تعامل أمريكا مع الصين باعتبارها الاتحاد السوفيتى سابقا، والصين التى لا تخفى قدراتها على كل الأصعدة يمكنها أن تجهز على سيادة العالم بكل أريحية. 
ربما كانت هيلارى كلينتون ستجد صيغة لضبط النفس مع الصين دون تحويلها لفزاعة حرب عالمية جديدة، وربما كانت لتحذو حذو الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، الذى استشرف مستقبل الصين وقام بزيارتها عام 1972، وتشيد هيلارى بسياسته الخارجية في كتابها. 
من جانبها الصين ملتزمة بالعمل في صمت مع رد دفاعى أحيانا وهجومى أحيانا، لكنه ليس حادا ويحكمه صوت العقل والحكمة، واكتفت بالرد على الانتقادات الدولية لطريقة تعاطيها مع وباء كورونا معلقة على اتهامات الأمريكان بأنها أكاذيب مكشوفة لستر فشلهم في أزمة الوباء، ورفضت التحقيق في اتهامها بتسرب الفيروس من مختبر ووهان. واتهمت الجنود الأمريكيين بنقل الفيروس لووهان في دورة الألعاب العسكرية 2019.
ترامب مستمر في التصعيد ويدعمه وزير خارجيته مايك بومبيو، معتبرا الصين مصدر تهديد للعالم، مطالبين الحزب الشيوعى الصينى بتحمل المسئولية وإخبار العالم عن كيفية خروج هذا الوباء من الصين وانتشاره في جميع أنحاء العالم!! 
لا بد بكل تأكيد أن يكون هناك تقص لمصدر الفيروس ورحلته، لكنها لن تكون تحقيقا بل بحثا عالميا مشتركا على الأقل لإنقاذ البشرية من الفيروس الذى تسبب في وفاة أكثر من ربع مليون شخص، وآلاف المصابين واقتصاديات عالمية على حافة الانهيار. 
الخبراء العسكريين على دراية بأن الصين ستخرج من أى حرب قادمة رابحة فليس من الحكمة إشعال الحرب في وقت حرج على جميع الأصعدة. 
في كتابه «فن الحرب» يقول صن تزو قبل 2500 سنة: «إذا كان هناك جنديان من ولايتين إقطاعيتين متحاربتين، وجدا أنفسهما في قارب يقطعان نهرا عريضا أثناء عاصفة. بدلا من أن يتقاتلا، تعاونا معا وبقيا على قيد الحياة». وترجمته هيلارى في مذكراتها «عندما تكونان في قارب مشترك، اعبرا النهر معا بسلام»، أتصور هكذا كانت هيلارى لتتصرف!!