لم يكن محمود رياض الصحفي "41 سنة" الذي توفي متأثرا بإصابته بفيروس كورونا المستجد القاتل منذ أيام، مجرد زميل لنا في مهنة الصحافة، بل كان محبوبا بدرجة كبيرة لكل من لا يعرفه بمجرد الجلوس معه منذ الوهلة الأولي ، فهو من الصحفيين القلائل الذين لديهم قناعة ورضاء بالمكتوب بالرغم من اعلان غلق الصحيفة التي يعمل بها وهي جريدة الخميس لظروف مالية شأنها في ذلك شأن العديد من الصحف الخاصة والحزبية التي تشهد فترة غير مسبوقة في تدني التوزيع والاعلانات ، ومن ثم كان محمود يحصل علي بدل بطالة شهريا من النقابة وهو لا يكفي المعاش ومتطلبات الحياة بشكل او بآخر خاصة انه متزوج ويعول اطفال ولكنه كان لديه قناعة غريبة ورضا بقبول الامر الواقع وكان عفيفا لا يسأل الناس شيء ولم يسع لنفاق احد من أصحاب المناصب الكبيرة حتي يحصل علي مكانه او وظيفة كبيرة تدر عليه عائدا يساعده علي العيش بعد توقف صحيفته الخاصة، حيث كان يعمل رئيسا لقسم الرياضة بها والتي حصل علي تكريم نقابة الصحفيين لافضل مقال صحفي رياضي لمدة دورات متتالية.و جوائز رابطة الصحفيين الرياضيين.. محمود رياض خريج اداب فلسفة ويعد من المحللين السياسيين البارعين بشهادة الكثيرين ولكنه لم يكن يهتم بنشر اراءه السياسية منعا للجدال البيزنطي! ويكتفي فقط بنشر اعماله الصحفية في الرياضة فقط وكذلك في كتابة المقالات وكان دمث الخلق وعلي درجة عالية من التدين والاخلاق والتواضع .
وعندما اصيبت للبلاد والعالم بفيروس كورونا المستجد شعر محمود بالتعب الشديد وظهرت عليه اعراض الفيروس اللعين الذي اختاره بجانب الالاف من الأشخاص لكي يودعون العالم بكل مساوئه وشروره ومحاسنه ، ويعد محمود العائل الوحيد للاسرة ، فهو متزوج ولديه اربعة ابناء ومنهم طفل حديث الولادة منذ بضعة اشهر ، و حينما تتقابل مع محمود تشعر وكأنه لا يحتاج شيئا ولديه رضاء بكل ما يأتي به الخالق عز وجل وكثيرا ما جمعتنا جلسات في النقابة نحتسي القهوة معا ونتحدث في امور الحياة والصحفيين.
علي كل حال شعر محمود قبيل وفاته _كما يقول في البوست الذي نشره علي صفحته الفيس بوك _ قبل وفاته بايام ، بتعب متواصل وحرارة مرتفعة جدا وجسمه نار لمدة ١٤ يوم وخلال تلك الفترة تواصل مع وزارة الصحة من خلال الرقم المعلن ١٠٥ من اجل الذهاب للعلاج او انتظار التعليمات في البيت ولكنه لم يتلق أى رد، فلم يجد مفراً من الذهاب الي مستشفي الحميات هو واسرته بالعباسية لكي يستطلع حقيقة الامر ليتواصل العذاب والمرض معه بشكل كبير علي حد قوله، فقد قضى محمود رحمه الله 7 ايام بالتمام و الكمال من اجل الكشف والتحليل وهو اسبوع كافي لموت اي شخص علي حد وصف محمود في البوست الاخير .!!
شعر محمود بالتعب الشديد والمتزايد وعدم القدرة علي النطق والكلام والرد علي هاتفه المحمول ودرجة حرارته وصلت فوق الاربعين ثم فقدان النطق والتعب وعدم القدرة علي التنفس ..فخرجت روحه الي خالقها ،ومات محمود في هدوء..وكتب محمود بوست قبل وفاته بساعات قائلا فيه :" يا احبابي واصحابي ، محدش يتصل بي انا مش قادر ارد، كل اللي عايزنى يدعو لي".