الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مبارك.. فصل من التاريخ "9"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى المقال السابق عند لقاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالمقدم طيار محمد حسنى مبارك فى الأول من نوفمبر١٩٦٧ وحواره السريع معه فى مطار غرب القاهرة والذى انتهى بقرار وتوجيه للقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول محمد فوزى بترقية مبارك إلى رتبة العقيد وتعينيه مديرًا للكلية الجوية ابتداء من اليوم التالى، وعن ذلك يقول مبارك «فى ذلك التاريخ الذى سيظل محفورًا فى ذاكرتى ماحييت، عينت مديرًا للكلية الجوية لأجد نفسى فجأة وجهًا لوجه أمام الحلم الكبير الذى كثيرًا ما داعب خيالى كطيار مصرى مقاتل، وهو العمل بكل الوسائل على إعداد جيل من مقاتلى الجو المصريين، يؤمنون بالعلم، ويتوقون للمعرفة التى لا تقف عند حد، بل تتجاوز حدود التمكن من أسرار المهنة إلى آفاق المعرفة الإنسانية الرحبة التى تصقل شخصية المقاتل".. ومن اليوم الأول لعمله الجديد بدا مبارك للجميع شخصية صارمة.. جادة.. فأمر تحويل المدنى إلى عسكرى ليس سهلًا كما يظن البعض وهو يحتاج إلى كثير من الحزم والحسم، وإعداد الطيار ليس بالأمر الهين، ولا شك ان مبارك قد إستطاع أن يجمع أفئدة الطلاب حوله لاسيما وأن حديثه اليومى فى الطابور الصباحى كان لا يخلو من التحفيز والتشجيع على القتال والثأر لمن استشهدوا، وكان يصف الطلاب بأمل مصر فى المعركة القادمة، وخلال مدة وجوده فى هذا المنصب إستطاع مبارك أن يخرج خمس دفعات كاملة من أجنحة مصر القوية، وقد إستحدث مبارك موادًا للدراسة البحثية والنظرية وهى التى وجدها أثناء بعثته الأخيرة فى موسكو، والتى تمكن الطيار من معرفة خصائص الطائرات والأسلحة والقفز بالمظلات وكيفية التعامل مع الأحوال الجوية المختلفة، وفى هذه السنوات لم يكن هناك متسع وقت أمام الطيار المقاتل، فبمجرد تخرجه كان يشارك فى عمليات حرب الإستنزاف، هذه العمليات التى أرهقت إسرائيل وكبدتها خسائر فادحة وأكدت لها أن المصريين لن يستسلموا للهزيمة وأن حرب ٦٧ ليست آخر الحروب، وفى يوليو عام ١٩٦٩ زار الرئيس جمال عبد الناصر الكلية الجوية وحضر حفل تخرج دفعة جدية من الطيارين، وفى ذلك اليوم أطلع الرئيس عبدالناصر على الإنجازات التى حققها العقيد حسنى مبارك فى الكلية، وكيف أنه ضاعف ساعات التدريب ليقوم بتخريج أكبر قدر من نسور الجو فى أقل وقت ممكن، وشاهد ايضا القدرات القتالية العالية التى تميز بها طلاب الكلية، وفوجئ بالدراسات النظرية الجديدة وبالأبحاث التى قام بها الطلاب، وهنا التفت ناصر للقائد العام للقوات المسلحة الفريق اول محمد فوزى مطالبًا إياه بضرورة الإستفادة من مبارك داخل صفوف الجيش، وبالفعل حصل مبارك على ترقية استثنائية جديدة، حيث رُقى إلى رتبة العميد وأصبح رئيسًا لأركان القوات الجوية وذلك فى الثالث والعشرين من يوليو ١٩٦٩ وكان اللواء طيار مصطفى الحناوى هو قائد القوات الجوية آنذاك، وهكذا فقد عهد عبد الناصر إلى مبارك فى نوفمبر ٦٧ بمهمة تدريب الطلاب الجدد بالكلية الجوية ثم عهد إليه فى يوليو ٦٩ باستخدام هؤلاء الأبطال الذين تخرجوا على يديه لإعادة بناء القوات الجوية بعدما حصلت مصر على طائرات جديدة من الاتحاد السوفيتى، وقد تولى مبارك هذا المنصب الجديد وأتون حرب الاستنزاف على أشدها، ويكفى القول أن خلال ستة أشهر فقط من تولى مبارك رئاسة أركان القوات الجوية إستطاع سلاح الجو المصرى من القيام بثلاثة آلآف ومائتى طلعة جوية، ويكفى القول أيضًا أن فى التاسع من ديسمبر ٦٩ استطاع الطيار أحمد عاطف أن يسقط سبع طائرات إسرائيلية من طراز الفانتوم بطائرته الميج ٢١ وكان ذلك بأوامر مباشرة وبمتابعة من العميد حسنى مبارك، وفى ليلة ٢٣ و٢٢ يناير ٧٠ اشتركت طائرات اليوشن ٢٨ فى قصف جزيرة شيدوان ونجحت القوات الجوية فى تكبيد إسرائيل خسائر فادحة، وإستمر الحال حتى وافقت مصر على مبادرة روجرز فى أغسطس ٧٠.
وللحديث بقية..