رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نصر عبده يكتب: يد تبني.. ويد تحمل السلاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لماذا تحب سيناء؟ لماذا كلما ذكر اسم أرض الفيروز اقشعر جسمك، ونبض قبلك، وجاءتك قوة من حيث لا تدري، لتردد بداخلك وتهتف، أنا ابن مصر، أنا فداء لمصر وفداء لسيناء؟
يحدث كل هذا لأنها العشق والهوى، لأنه الكرامة والعزة، لأنها الأرض المقدسة ومقبرة الغزاة، على أرضها سار الأنبياء، وبين جنباتها قضينا على كل من سولت له نفسه الاقتراب منها.
عرفت سيناء من أبي عليه رحمة الله، ومن الأبطال الذين عاصروا حروب أرض الفيروز ومعاركها؛ دفاعًا عن الوطن وكرامته وعزته ونصرته.
خاضوا أقوى الحروب التي عرفها العالم، تسلحوا بالإرادة والقوة والعزيمة، أخذوا من إصرارهم سلاحًا، ومن إيمانهم عتادًا، ومن وحدتهم درعًا، ومن تماسكهم وحبهم لوطنهم سيفا، يقطعون به أعناق كل من يعتقد ولو للحظة أن أرض مصر مستباحة، ويشهرونه في وجه كل معتد آثم. 
كان أبى لا يمل ولا يكل من الحديث عن بطولات الجيش المصري، وعن المعارك التي خاضوها لتحقيق نصر أكتوبر والثأر لكرامة العرب عامة وليس للمصريين فقط، فكلما سنحت الفرصة يستطرد في الحكي عن زملائه، وكيف عاشوا تلك الفترة؟، وما تحملوه من صعاب من أجل يوم النصر، ولهفتهم وانتظارهم لقرار الحرب، وفرحتهم والسعادة التي غمرتهم عندما صدر قرار العزة والقوة والنصر.
رجال صدقوا الله ما عاهدوا الله عليه، أقسموا على الشهادة أو النصر، حلموا طويلا بعبور قناة السويس، ورفع علم مصر على أرض الفيروز، عاشوا من أجل تلك اللحظة فقظ، وتمنوا أن يروها حتى وإن كانت حياتهم ثمنًا لذلك.
رجال عشقوا هذا الوطن، أحبوا ترابه وأهله، ضحوا من أجلهم بالغالي والنفيس، حملوا أرواحهم بين أيديهم ولم يخشوا الموت ولم يهابوا العدو، بل انقضوا عليه بجسارة الأسود، وعنفوان الأبطال، وبطش أصحاب الحق، فكبدوه ما كبدوه من خسائر، وحولوه لعبرة وعظة لكل من تسول له نفسه أن يمس تراب مصر.
حكى لي أبي عن بطولات أقرانه الذين عبروا القناة، وكيف حملوا القوارب؟ وكيف حطموا خط بارليف؟ وكيف كانت لهم الغلبة على عدو ظن وروج وأشاع أنه لا يقهر، وأن مصر لن تستطيع خوض أي حرب ضده مهما ملكت من إمكانيات. 
حكى لي أبي، عن رفقائه الذين كان يهرولون ويتسابقون لمواجهة العدو، فكل بطل منهم يدعو الله أن ينال الشهادة، وكل بطل منهم يريد أن يحمى زميله من رصاص الغدر حتى وإن استقبله هو في صدره، فحياة زميله أغلى من حياته، وهذا الشعور فطرى دون تلقين، فرضته قوانين ونواميس الجبهة والمعركة.
حكى لي أبي، عن رغيف خبز يتقاسمه الأبطال وسط ظلام دامس، إلا أنه يكفيهم ويسد جوعهم، لسبب بسيط لأن فرحتهم بما يصنعون جعلتهم لا يشعرون بجوع ولا عطش، وجعلت إحساسًا واحدًا يسيطر عليهم ورغبة واحدة تتملكهم ألا وهى تحقيق النصر.
حكايات الأبطال لا تنتهي، وقصصهم لا تمل من سماعها طيلة حياتك، فهؤلاء من صنعوا التاريخ، وسطروا بدمائهم نصرًا نتباهى به حتى الآن، وستظل الأجيال القادمة تفخر به وترفع رأسها في عنان السماء، فآباؤهم وأجدادهم هم صناع الفرحة، وهم من لقنوا العدو الإسرائيلي درسًا لم ولن ينساه.
وهم وأقرانهم من يبنون ويعمرون ويشيدون الآن مشروعات عملاقة لم تشهدها من قبل أرض الفيروز، مشروعات ستغير خريطة التنمية في سيناء وتغيير تضاريس الجبال فيها لتحولها إلى موارد جديدة تساهم في قوة الاقتصاد المصري.
افخروا بهؤلاء الأبطال، ارفعوا رؤوسكم في عنان السماء، استحضروا روح النصر من أجل مصر، ومن أجل أن تسير عجلة التنمية في مسارها الصحيح، اذكروا دومًا أن هناك من ضحى بنفسه حتى نحيا نحن، اذكروا دومًا أن هناك من سالت دماؤه على أرض سيناء حفاظًا علينا، واعرفوا جيدا أن على أرض الفيروز يد تبني .. ويد تحمل السلاح.. ورددوا دائمًا وأبدًا، تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.