عن منتجات الوقاية من فيروس كورونا مثل الكمامة والكحول وغيرهما. أصدر مجلس الوزراء قرارا مرفقا بجدول يحدد سعر البيع للمستهلك، وكذلك السعر الذي اشترى به التاجر ذات السلعة.. القرار جديد من نوعه يليق بمصر وقت الأزمات ولا توجد أزمة نواجهها بحجم أزمة فيروس كورونا القاتل.
وبمجرد إعلان القرار من خلال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء حتى اكتشف الشعب المصري كم هو ضحية للتجار وللوسطاء، وأن فيروس كورونا أكثر رحمة وأكثر شجاعة من الذين سيطروا على الأسواق وعلى احتياجات المواطن البائس.
الفيروس يعلن بوضوح أنه قاتلك.. أما من نسميهم في مصر برجال الأعمال أو رجال السوق والاقتصاد فالواحد منهم كما قال عنه الشاعر فؤاد حداد (يموتك.. ويبيع لك الأكفان)، لذلك يأتي تدخل الدولة واجبا وضرورة.. ولكي نتصور حجم البشاعة التي عاشها المواطن المصري مع التجار والوسطاء يكفي أن نرصد مثالا واحدا وسلعة واحدة وهي الكمامة، فقد أشار قرار رئيس الوزراء أن سعرها من المنبع هو جنيه وستون قرشا، وأن سعرها العادل للطرفين هو جنيهان فقط.. نتكلم هنا عن الكمامة العادية ذات الطبقتين والفلتر، وعندما نعرف أن البائع طوال الفترة الماضية يبيعها للمواطن ما بين سبعة جنيهات وعشرة جنيهات، عندما نتوقف عند هذا المثال سوف نتأكد أننا نعيش في سوق عشوائية لا يمكن التسامح معها، ولا يمكن غفران جريمتها.
لم تتوقف الانتهازية عند حدود أفراد هنا أو هناك، ولكن دخل على الخط مؤسسات ما كان لها أن تقع في هذا الفخ.. السلعة التي نتكلم عنها ترتبط بالمرض والصحة، وليست رفاهية كتذكرة في سينما أو حلويات بعد الغداء.. التجارة في مجالي التعليم والصحة هي أسوأ أنواع التجارة.. وعندما نصرخ مطالبين بتدخل الدولة، فإننا ننطلق في ذلك من حرصنا على بناء مستقبل لهذا البلد.. لسنا خصوما للبائع المجتهد العاقل، ولكننا أعداء لكل من يستغل ظروف الناس في محنة مثل التي نعيشها الآن في أزمة كورونا.
قرار مجلس الوزراء رقم ١٧ لسنة ٢٠٢٠ بشأن تحديد أسعار المنتجات الطبية والوقائية في مواجهة فيروس كورونا قال بشكل واضح إن جميع التجار ملزمون بتوضيح وإعلان سعر كل منتج للجمهور حسب الجدول المعلن.. وبصراحة أعجبني جدا لفظ "إلزام" المستخدم في القرار رغم رهان الكثيرين من أصدقائي على قدرة تجار مصر في تفريغ القرار من مضمونه، بل ذهب بعضهم إلى اتهام أجهزة حماية المستهلك بالتراخي حيث ينصرف تركيزهم على أمور تتعلق بصالحهم دون النظر لصلب عملهم.. لا أخفي عليكم أنني أصدق مسألة رخاوة حماية المستهلك، لأنني عشت في بلاد رأيت فيها أجهزة حماية المستهلك سيفا في مواجهة الغش والغشاشين.
نعود إلى قرار الدكتور مدبولي لنقرأ بوضوح أيضا عن معاقبة كل من يخالف هذا القرار بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة، وفى حالة العودة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وتضاعف قيمة الغرامة بحديها.
نتذكر أن من لم تردعه قواعد الأخلاق لن يردعه أي قانون. نعم هذه هي المسألة، الشعب المصري لا تخدعه كرتونة تموينات من محسن وهي جيدة بالمناسبة، وعن نفسي أقوم بذلك أحيانا، ولكن عندما تكون تلك الكرتونة أو مائدة الرحمن في شهر رمضان مجرد ستار خبيث لسلالة من التجار يعيشون حياتهم مثل مصاصي الدماء لا بد أن نقول وداعا للأخلاق ولا عزاء للقانون.