يأتى شهر رمضان الكريم هذا العام.. في ظروف استثنائية.. بسبب اجتياح فيروس كورونا جميع بلدان العالم.. وتقييده حركة البشر.. وإجبار معظمهم على المكوث في منازلهم.. وفرض الحكومات إجراءات احترازية ووقائية على مواطنيها لمواجهة الوباء القاتل والقضاء عليه.. وفى مصر والدول الإسلامية.. تم اتخاذ إجراءات استثنائية.. منها إغلاق المساجد وعدم إقامة صلوات الجماعة والجمع بالمساجد.. ويمتد ذلك إلى الصلوات والسنن المرتبطة بالشهر الكريم.. كالتراويح والاعتكاف والتهجد.. بعد قرار وزارة الأوقاف.. تمديد تعليق إقامة الصلوات بالمساجد.. مع غلقها غلقًا تامًا.. لحين زوال علة الغلق.. لأن الحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الشريعة.
كما أصدرت منظمة الصحة العالمية بعض النصائح والإرشادات المتعلقة بشهر رمضان والمناسك المصاحبة له.. في ظل انتشار الفيروس.. حيث طالبت بإلغاء بعض العادات الاجتماعية والدينية.. ومنع تجمع أعداد كبیرة من الأشخاص في الأماكن المرتبطة بالأنشطة والطقوس الرمضانية، مثل الإفطار الجماعى والولائم وأماكن الترفيه والأسواق والمحلات التجارية.. وإذا حدث أى تجمع.. يجب الالتزام الصارم بترك مسافة لا تقل عن متر واحد بين الأشخاص.. وتقليل وقت هذا التجمع قدر الإمكان.. واستخدام التحية المقبولة ثقافيًا ودينيًا بدون تلامس.. مثل إلقاء السلام من بعيد.. أو التلويح باليد.. أو الإيماء بالرأس أو وضع اليد على القلب.. أو أى تحية عن بعد.
وشهر رمضان عند المسلمين عامة والمصريين خاصة.. شهر ليل وسهر وسمر.. ففى نهار رمضان.. يكون الجميع صائمون.. ومنهم من يذهب لعمله.. ومنهم من يعد طعام إفطاره.. وعقب الإفطار تخرج الأسر لصلاة التراويح.. ثم السهر في الحسين والسيدة زينب وغيرها من المساجد والمزارات الدينية والمقاهى الشعبية.. ويستمر السهر حتى السحور.. وتتبادل الأسر دعوات الإفطار فيما بينها.. وكالعادة لا يتناول الزائرون الإفطار ويغادرون.. وإنما يمتد بهم السهر لساعات متأخرة من الليل.. كل ذلك لن يحدث في رمضان المقبل.. بسبب حظر التجول طوال ساعات الليل.. وغلق المساجد والمقاهى ومحلات السهر والترفيه.
ونظرًا لعدم زوال خطر انتشار فيروس كورونا القاتل.. يجب على المصريين أن يتخلوا عن استهتارهم وعدم التزامهم بالتدابير والإجراءات الاحترازية.. التى فرضتها الدولة لحمايتهم من هذا الخطر الداهم.. وأن يتحملوا هذه الظروف الاستثنائية.. إلى أن تزول الغمة وتنقشع بعيدًا عنا.. لأن الدين الإسلامى يأمرنا بالأخذ بالأسباب وتوخى الحيطة وعدم إلقاء أنفسنا إلى التهلكة.. خاصة وأن انتشار الفيروس يزداد في جميع أنحاء العالم.. وأعداد ضحاياه تتضاعف.. ولم يتم التوصل حتى الآن لدواء أو علاج لهذا الفيروس الفتاك.
وتخلينا عن العادات والتقاليد المرتبطة برمضان.. من سهر وتزاور وتجمع.. لا يبطل الصوم ولا ينقص من الأجر.. والتزامنا بالإجراءات والإرشادات والتدابير.. يجنبنا مخاطر المرض والموت.. ويبلغنا رمضان العام المقبل والأعوام التى تليه.. ونحن في أتم صحة وأفضل حال.. ونعود لعاداتنا وتقاليدنا.. بدلا من أن يكون هذا آخر رمضان لنا.. إذا استهترنا بالخطر ولم نلتزم بتعليمات السلامة والوقاية.. حفظ الله جميع المسلمين وغير المسلمين من هذا الوباء القاتل.. وأختم بدعاء نبينا عليه الصلاة والسلام.. «اللهم إنى أعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيئ الأسقام».