أرجوك عزيزى القارئ لا تأخذ هذه السطور على محمل الهزل، وتعتبرها مجرد فضفضة كاتب فرضت عليه ظروف الحظر تغيير نمط حياته المتسمة بالحركة الدائمة بحكم عمله الصحفى.
الحصار المفروض علينا جميعًا بالبقاء في المنزل لفترات طويلة وعدم سماع شيء سوى أنباء كورونا التى لا يحمل أغلبها ما يطمئن على المدى القريب أو المتوسط؛ يدفعنا دفعًا للتفكير في ذلك المجهول الذى ينتظرنا في المستقبل، وكيف سنستطيع الاستمرار في أعمالنا والتعامل مع تأثيرات حرب كورونا على أرزاقنا؟! وإلى التساؤل عما إذا كنا سننجو من ضربات ذلك العدو الخفى؟
ذلك النوع من التساؤلات المقلقة لم تجعل البقاء في المنزل أمر جيد طوال الوقت لأنها تخلق نوعًا من التوتر والاضطراب، صديقى الكاتب الصحفى بجريدة الأهرام محمد شعير يقول على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: قد نحتاج جميعًا إلى العلاج من متلازمة كورونا بعد زوال الوباء.
في المرات السابقة التى كان يفرض فيها المجلس العسكرى حظر التجوال زادت أعداد المواليد طبقًا لبعض الإحصاءات، هذه المرة لا أعتقد أن القلق على الحياة والتوتر بسبب تأثر الدخل أو العمل سيوصلنا إلى ذات النتيجة.
على العكس تمامًا قد تزداد حدة الخلافات الأسرية بين الزوج والزوجة، وقد رأينا بعض النساء يعلن عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن ضجرهن من تدخل أزواجهن فيما لا يعنيهم خاصة أعمال المطبخ ناهيك عن الأشياء الجديدة التى أتاح لهم البقاء في المنزل اكتشافها ورغبة الأزواج في معرفة كل تفصيلة مهما كانت تافهة عنها.
في رأيى أن الاستغراق في مخاوف حرب كورونا قد يدفع غالبية الناس إلى أحد أمرين، الأول قد حدث بالفعل وهو أن يقرر إنسان ممارسة حياته بشكل طبيعى تماما والخروج إلى الشوارع والتزاحم في الأسواق والمواصلات العامة غير عابئ بانتقال العدوى إليه.
الأمر الثانى وسيكون سببه الاستسلام لمشاعر الخوف والفزع مما يصيب الإنسان بنوبة اكتئاب حادة ونوع من اللوثة العقلية التى تدفعه لحمل أقرب سلاح ولو كان سكينة مطبخ ويخرج إلى الشارع ويطلب فيروس كورونا للمنازلة ولسان حاله يقول أنا اليوم قاتل أو مقتول.
ولإدراكى أننى كبقية الناس لست بعيدًا عن ذلك المصير خاصة مع قلة نصائح علماء النفس والاجتماع حول سبل التغلب على مشاعر الخوف والملل والتعايش مع أفراد الأسرة دون نقل مشاعر سلبية لهم، قررت تغيير نمط الحياة داخل منزلى الصغير الذى أعيش فيه مع قطتىّ مشمش ولوزة فكورونا منعتنى من الذهاب إلى منزل والدتى.
تجربتى بسيطة جدًا لكنها قد تنفع الطالبين للنجاة من كآبة كورونا، في هذه الفترة تعلمت طريقة صنع الشاى والتعامل مع تكنولوجيا "الكاتل" ذلك أمر عظيم بالنسبة لى لو تعلمون فلم أعد بحاجة لانتظار أحد حتى أفوز بكوب شاى أو ينسون، وتعلمت طريقة غسل الخضروات وتقطيع البصل ووضعه في إناء يختلط فيه الماء بالخل مع ملعقة سكر صغيرة فالبصل يزيد المناعة ويحمى من نزلات البرد.
الأهم من ذلك توطدت علاقتى بقطتىّ مشمش ولوزة القوية أصلًا ومع طول العِشْرة سارت بيننا لغة مشتركة يفهماننى تمامًا كما أفهمهما وأيقنت أنهما كائنان عاقلان ناطقان ولكن بلسان آخر.
إنهما يشاركانى كل شيء حتى فرحة إعداد الشاى وحفلة تقطيع البصل والخضروات يتحركان حولى وكأنهما يهللان لشئ جديد يصنعه صديقهما.
تلك الأمور كسرت الملل وأمدتنى بخبرات جديدة؛ وللزوجات أقول: دعوا أزواجكن يشارككن أعمال المطبخ وتسامحن مع أخطائهم وخذوا الأمر على محمل الدعابة ولا تضجرن من أسئلتهم في أدق التفاصيل واحرصن على أن يقف مؤشر الراديو عند إذاعة الأغانى فذلك يبدد الكآبة ويشيع البهجة.