السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التنافسية الدولية وتدريب المستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد قضية تطوير التدريب من القضايا المهمة التى فرضتها تحديات القرن الحالى وما صاحبه من ثورات معرفية، وتكنولوجية، ومعلوماتية، ورقمية، وحيث إن النجاح في مواجهة هذه التحديات لا يمكن أن يتم بمعزل عن وجود مدرب كفء وفعال، فإن إجماع المتخصصين يكاد أن ينعقد على أن التحول نحو تدريب المستقبل لا يمكن أن يتحقق بدون تنمية مهارات المدربين في التعامل مع الحاسب الآلى، والشبكات، والإدارة الإلكترونية، وبرامج التدريب الإلكترونى، وتخزين المعلومات والبيانات واسترجاعها، وأمن المعلومات وسرية البيانات.
وفى ضوء التطور الهائل الذى فرضته الثورات سالفة الذكر في عمليات التدريب، ظهرت الفصول الافتراضية، والتدريب الإلكترونى، والتدريب الافتراضى، والإدارة الإلكترونية، وجميعها تتجاوز طبيعة التدريب التقليدى القائم على اللقاء المباشر بين المدرب والمتدرب في توقيتات محددة، كما أنها تركز على طرائق وآليات حديثة تساعد على: توفير الاحتياجات الواقعية للمتدربين، والحد من الفوارق الاجتماعية والثقافية بينهم، وتباعد الفترات الزمنية بين برامج التدريب، وتخطى قيود الزمان والمكان، وندرة الموارد البشرية في بعض الأحيان.
وقد ورد في تقارير التنافسية الدولية أن جودة التعليم والتدريب تمثل محورًا مهمًا من المحاور التى تقاس بها تنافسية الدول، وفى هذا السياق وجدت مؤسسات التدريب نفسها مضطرة للتعامل مع أمور جديدة كى تضمن لنفسها الاحتفاظ بميزات تنافسية أمام مواطنيها في الداخل، وأمام العالم في الخارج، الأمر الذى فرض على المدربين ضرورة الإلمام بكثير من المهارات الجديدة مثل: العمل الجماعى، والتواصل وتكوين العلاقات الاجتماعية، واتخاذ القرار، ونقد الذات، وتعـزيز الذات، وتحديد الأهداف، والتوافق النفسى، وإدارة الوقت، والمرونة، وفن الحوار، والتفاوض، والإقناع، وكبح الغضب، وتقبل الآخر، وتنمية مهارات التفكير العليا لدى المتدربين، وإكسابهم المهارات الحياتية بطريق غير مباشر، وهو ما يطلق عليه التعلم المصاحب، أو المنهج الخفى، الذى يركز على ما يكتسبه المتدرب بعيدًا عن البرنامج المعلن.
وفى ضوء ما تقدم، ولمواجهة ما أنتجه العصر الحالى من تحديات في مجال التدريب، ولتحقيق ميزة تنافسية في هذا المجال على المستوى المحلى والإقليمى والدولى، نرى أن الأمر يقتضى منا:
- التحول التدريجى من التدريب التقليدى إلى التدريب الإلكترونى؛ حيث إن الأخير يسمح بتحديث المحتوى، وزيادة أعداد المتدربين، وتكرار الأنشطة التدريبية، والاستفادة من المواقع الإلكترونية المعنية بالتدريب، والاشتراك بالبرامج التدريبية في أى وقت وفى أى مكان.
- ضرورة استحداث آلية محايدة لقياس أثر التدريب وتحديد القيمة المضافة التى تنتج عنه.
- ضرورة التعاون مع المنظمات المحلية والدولية، والكليات والشركات المتخصصة، بهدف تدريب المدربين على التكنولوجيا الرقمية والتطبيقات التى يمكن استخدامها في التدريب بواسطة الهواتف الذكية والحواسب المحمولة والحواسب اللوحية.
- تجميع مراكز التدريب في كل وزارة تحت مظلة واحدة، تجنبًا لازدواج التدريب، وإنشاء شبكة داخلية للتدريب الإلكترونى تربط جميع المراكز بتلك المظلة.
- الحرص على إيجاد ميزة تنافسية في كل مركز من مراكز التدريب، والعمل على استمراريتها لأطول فترة ممكنة، والسعى إلى إيجاد ميزات تنافسية جديدة تحل محل التى كادت أن تفقد تأثيرها.
- سرعة الاستجابة للتغيرات الخارجية، واستغلال ذلك في خلق فرص تنافسية، أو على الأقل مواجهة الميزات التنافسية لدى الآخرين. 
- التحديث المستمر للمواد التدريبية، مع التركيز على الخبرات العملية للمدربين، وإجراء التقييم المستمر للمتدربين، وتقديم التغذية الراجعة لهم، وتشجيعهم على الاستكشاف والتحليل والتطبيق والتقويم والنقد والإبداع. 
وباعتبار أن المعلمين يمثلون أكثر من ربع الجهاز الإدارى في الدولة، فإننا نرى ضرورة إنشاء جهاز للتدريب الإلكترونى يشارك فيه متخصصون من كليات التربية ومسئولون من وزارة التعليم، يكون مسئولًا عن رسم السياسة العامة للتدريب الإلكترونى للمعلمين، ووضع الخطط اللازمة، وتقدير الاحتياجات الحالية والمستقبلية الحقيقية لهم، وكذا توفير بيئة تدريب تفاعلية، تجذب اهتمام المعلمين وترفع كفاءة نظم التدريب من خلال تسهيل إجراءات التسجيل للمعلمين الراغبين في الالتحاق، وتوفير التوجيهات والإرشادات التى يحتاجون إليها.
*أستاذ تخطيط التعليم بجامعة المنصورة، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق