للكتابة فعل السحر أليس كذلك يا سيد جينفر.. ألست أنت القائل" حين لا أكتب، يجتاحني شعور بفقد شيء ما، إذا طالت بي الحال، تزداد الأمور سوءا، وأصاب باكتئاب، حينها، أمرٌ مصيريُ يكف عن الحدوث، عطب بطيء يشرع في التكون، كما لو أنني أهبط من تلة، بفعل الجاذبية وحدها، لبعض الوقت، لكن بعد ذلك، تصاب أطرافي بالخدر، أمر سيئ يحدث، أعرفه. وكلما طال انتظاري، صعب على البدء بالكتابة مجددا"؟
وكان "ماركيز" لا يكتب الا عندما يشعر بالحزن. والصداع وحده كان قادرا على إجبار "نيسين" على المكوث أمام طاولة الكتابة بالساعات.
واستعان "الماغوط" على وحدته وعزلته أيضا بـ"حزن في ضوء القمر" و"العصفور الأحدب" وغيرهما.
وها هو أنطوان تشيخوف يكتب على حافة النافذة في منزل يشاركه فيه آخرون، وكان "ليرمونتوف" يدون أشعاره في أي شيء يعثر عليه أمامه، ولم يكن "تولستوي" يجلس للكتابة إلاَّ بعد أن يكون على مكتبه رزمة من الورق الجيد.
ليس مهما أين تكتب ما يهم هو أن تكتب حتى ولو كان ذلك في مقهى بائس ورخيص ففي مثل هذه المقاهي كتب الشاعر الفرنسي "برانجيه" قصائده، واتفق معه "إهرنبورج" على أن أجواءها مناسبة جدا للكتابة وكتب "زولا" على نور شمعة وحيدة، وطاولة الكتابة التي امتلكها فكتور هوجو كانت قديمة ومتواضعة.
وبما أن مكان الكتابة لم يشغل بال الكثيرين فالوقت أيضا لم يكن عائقا أمامهم لذا لا يجب أن تكترث للوقت كثيرا فـ" تولستوي" و"ديكنز" و"جان جاك روسو" و"سيمون دي بوفوار"، و"هيمنجواي" كانوا يكتبون في الصباح، بينما كتب "دوستويفسكي" و"بايرون" ليلًا أما "بوشكين" فلم يكن يكتب إلا إذا أتى فصل الخريف، ومارك توين الذي كان ينتظر فصل الصيف ليمارس الكتابة عند كل صباح.
قف على الناصية وانتظرها فهي الجليلة وأنت العاشق الذي يقدرها فإذا أتت فاقبض على معصمها ولا تفلتها اكتب واقفا إجلالا لزيارتها فهي الكتابة التي كانت تمارسها فرجينيا وولف واقفة ومن أجلها حبست أنفاسها تحت نهر أووز. وهي الوصفة السرية لـ"فيليب روث" لمواجهة الشيخوخة والوحدة بعد أن ودعه أصدقاؤه واحدا واحدا وعلى مهل وبمنتهى القسوة.. وهل هناك قسوة يحملها لك قلب أحدهم أكبر من أن يتركك وحيدا ويموت!
وهي شافية لويس كارول من الاضطراب والصداع النصفي والهلوسة ومنحته من فرط سخائها "أليس في بلاد العجائب" ليرسم شخوصها "دالي" ولا تتركه هذه الباهرة قبل أن تجود عليه "من خلال الزجاج" ومحبة الصغار الذين لن يكبروا أبدا.
على سرير في غرفة دافئة أدار مارسيل بروست بأطراف أصابعه "الزمن المفقود" وعلى أريكته الوثيرة وضع وودي ألين ملامح باريس في منتصف الليل وبدأ إيديث وارتون "عصر البراءة" متكئا على جانبه الأيمن، وشيد جورج أورويل "مزرعة الحيوانات" متوسدا وسادته المحشوة بريش النعام. استلق أنت أيضا واكتب كما شئت.
لا تنشغل إلا بالكتابة.. فبها وحدها تستطيع أن تتخلص من الحزن والوحدة والعزلة ومواجهة أيامك البائسة عليك أن تكتب دون توقف أو اكتراث بقيمة ما تكتبه كما قال تولستوي: "يجب أن أكتب كل يوم بلا فشل، ليست الجودة ما يهمني بقدر ما يهمني الالتزام بالروتين".
وعليك أن تعلم أن "الكتابة قد تكون جحيمًا، إن لم يثبطك هذا، فاستمر بالكتابة وحث نفسك على الاستمرار حتى لو شعرت أنك ستنهار. اعمل بجد ولكن كن صبورًا " أو كما قال "ستيف بوست" واستعن عليها بالقراءة أو كما قال بيث كيفارت: "اقرأ أكثر مما تكتب، بل عش أكثر مما تقرأ، ولا تقارن نفسك بالآخرين.
وفي النهاية" انسَ الجمهور العام أثناء الكتابة، لأنه يخيفك حتى الموت التفكير بهؤلاء الذين لا أسماء ولا وجوه لهم، لقد وجدت أنه من المفيد أن تختار شخصا معينا في ذهنك وتكتب وكأنك تتوجه بكتابتك إليه تحديدا، أو كما قال جون شتاينبك.
اكتب من أجل البهجة هكذا فعل ستيفن كينج: "كتبت من أجل البهجة الخالصة للكتابة، فإن استطعت أنت فعل ذلك من أجل البهجة، فإنك ستفعله للأبد".