الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الوجه الآخر للحضارة الغربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحضارة الغربية التي نجحت في ابتكار وتصنيع أحدث الاسلحة الاشد فتكا بالانسان تقف الان عاجزة عن توفير كمامات لحماية شعوبها من العدوي والامراض . حضارة صنعت احدث صاروخ وأقوي مدافع وأضخم قنبلة وتنافست في انتاج ابشع اساليب القتل والحرق الجماعي بالدمار الشامل وألتفتت عما يوفرحياة آمنة للانسان حتي ولو كان من بني جلدتها .
نعم كشف فيروس "كورونا" عن الجانب الحقيقي لأخلاقيات الحضارة الغربية التي ضحت بالاباء والاجداد من اجل ان ينعم الشباب القادرين علي العمل والبناء فقط بالصحة دون غيرهم. وشاهدنا منذ زمن كيف قامت دولهم بترك كبار السن الذين تجاوزوا ال 65 عاما عندما يمرضون ليواجهوا الموت دون علاج لينعم بالعلاج الشاب الذي يستطيع ان يعمل ويبني وهو نفس منطق التعامل مع حيوانات المزرعة التي يجب ان يتم التخلص من كبيرها ومريضها من اجل اتاحة الفرصة للاكثر قوة و انتاجا !.
ومنطق التخلص من كبار السن هو منطق يجانبه الصواب والفكر السليم ،فاذا كان يجوز ان يسري هذا في قوانين الحيوانات والغابات فانه يأبي أن يسري بالضرورة في قوانين الانسان ،لأن عطاء الانسان لا يتوقف فقط علي العطاء العضلي والبدني المحض ..ولكن العطاء الاهم للانسان هو عطاء ذهني وعقلي ..وكلما ازداد تقدم الانسان في العمر كلما ازدادت خبراته العلمية والثقافية والاجتماعية أما العطاء البدني فيستطيع ان يقدمه أي انسان يملك القوة حتي ولو كان جاهلا ، كما يقوم بها الحيوانات التي تجر الالات. بل ان اي آلة ميكانيكية او روبوت صناعي يستطيع ان يقوم بما تعجز عنه العصبة ذي القوة من الرجال .ولكنك لا تستطيع في الوقت نفسه ان تنتج آلة مبدعة تحمل خبرات عمرية مديدة كما الانسان.
لم يستطع عالمنا الكبير أحمد زويل الحصول علي نوبل الا بعد ان أصبح في سن الكهولة وظل عطاؤه قائما حتي اصابه المرض ومات في محراب علمه بينما بصمات اصابعه كانت لا تزال في معمل بحثه .كما أن اديبنا الكبير نجيب محفوظ ظل عطاؤه خصبا طازجا حتي بعد ان اقترب من التسعين .
المفارقة تكمن في ان الدول الاوربية التي تخلت عن علاج كبار السن فيها هي نفسها الدول التي يحكمها معمرين تجاوز بعضهم العقد السابع من العمر فعمر دونالد ترامب 76 عاما وانجيلا ميركل 66 عاما وبوريس جونسون 56 عاما.هم يقودون أمما وشعوبا بالملايين .
ولعل نظرة موجزة علي التاريخ الدموي الاوربي القديم تكشف بعضا من سلوكيات المعاصرين منهم فمشهد حلبة الموت "الكولسيوم" التي احدثتها الامبراطورية الرومانية هو مشهد موحي بما كانت تحمله ثقافة أكبر امبراطورية في عصرها والاطول عمرا في التاريخ فقد كانت حلبة "الكولسيوم" هي المتعة الاساسية التي كانت تسعد الاسر الرومانية وهم يشاهدون الاسود والحيوانات الجائعة وهي تلتهم اجساد الاسري هم وزوجاتهم واطفالهم .وسط ضحكات وقهقهات ترتفع عندما تخور قوي الاسري امام شراسة الاسود التي تفوز بالتهام اجساد هؤلاء المساكين واطفالهم وزوجاتهم ..وهي المتعة الاساسية التي كانت تحرص الاسر الرومانية علي حضورها وسط مدرجات ما زالت اثارها موجودة حتي الان بعد ان غيروا مسماها!! 
كما أهل روما يجبرون اسراهم علي قتال بعضهم البعض في نفس تلك الحلبات حتي يقضوا علي أنفسهم بأنفسهم وسط ضحكات وسخرية المتفرجين الذي يستمتعون بقيام الاسري وهم يصارعون الموت ولو بضع ساعات قبل ان يأتي زميل لهم ليقتلهم بنفس الطريقة !!
وكان قتال الاوربيين مع بعضهم البعض متخما بالدموية والفجر في القتل وكانت الحروب بينهم يمكن ان تستمر لعقود بعضها وصل الي 30 عاما.
ولم تكن الحربين العالميتين الاولي والثانية سوي استمرارا لهذه الجرائم الوحشية التي ميزت الانسان الاوربي المتعطش دائما للسيطرة والدماء فقبلها بعقود بسيطة خرج الاوربي الي العالم لكي يوسع نفوذه ويستعمر الاخر واتخذ مسمي كاذبا وهو اكتشاف العالم فذهب الي امريكا لقتال سكانها الاصليين وكان عددهم يتجاوز ال 30 مليونا تم ابادتهم جميعا بوسائل عديدة منها نشر الفيروسات القاتلة بينهم "كانوا يقدمون لهم بطاطين وملابس مسممة بالجراثيم الفتاكة التي حصدت منهم الكثيرين دون ان يعرفوا لها سببا .
كما أغروا السفاحين والقتلة منهم بالجوائز المالية الضخمة اذا حملوا لهم أكبر عدد من رؤوس اهل البلاد الاصليين رجلا كان او امرأة او طفلا ولو كان رضيعا ..! وراح هؤلاء يجوبون الغابات والكهوف ليحصلوا علي الصيد الثمين الذي سيؤمن لهم ثراء فاحشا ووصل الفجر بهم الي قيامهم بصنع احذيتهم من فرو رؤوس ضحاياهم سكان البلاد الاصليين .!
كما كان الامريكيون سباقون دائما في صنع اسلحة الدمار الشامل واستخدامها بلا قلب علي اعدائهم وهو ما فعلوه في مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين وضربوهما بالقنابل الذرية التي لم تبقي في المدينتين حيا ولم تترك فيها حجرا علي حجر !.
فأمريكا التي تتاجر الان بحقوق الانسان هي اكثر بلاد العالم قهرا للانسان كانت وما زالت فلا يستطيع اي مثقف او كاتب او مفكر أمريكي او مقيم في امريكا ان يتحدث عن الاشتراكية او مبادئها المثالية علنا والا تعرض للمحاكمة والنفي بل والتدمير . كما ان الدولة التي تدعي الديمقراطية لا تسمح بأي حزب اشتراكي أو شيوعي من الظهور علي الساحة السياسية .بل انها لا تسمح بظهور اي حزب بالوصول للسلطة سوي الحزبين الجمهوري والديمقراطي وكلاهما وجهان لعملة واحدة ينفذان نفس السياسات ،رغم وجود عشرات الاحزاب الاخري المهمشة . لكن الديمقراطية لا تسمح سوي لحزبين فقط يحققان مصالح الرأسمالية وأصحاب الشركات العملاقة والنفوذ بالحكم وهما الحزبان اللذان يأتمران بأمر رجال الاعمال .
ولكن هذا الغرب الذي اذاق البشرية ويلات ضخمة استطاع ان ينتج لنفسه طابورا ضخما من المروجين لمزاياه وجماله الفتان يتغنون بمظاهره وبهرجته ويتغاضي عن سوءاته وشروره ويراهم المثل الاعلي الذي يجب ان نحذوه ونسير علي خطاه وهو أمرلا يصعب في الواقع تنفيذه لأن هذا الغرب استطاع ان يزين جرائمه باعلام وسينما ومثقفين يروجون له ويجملون قبحه ويزين للناس جرائمه. فستجده قادما من اقصي الغرب لأقصي الشرق خلف دباباته ومدافعه ليحتل وطنا مثل العراق يحمل في يده الملطخة بالدم وردة ولا فتة تدعي ان رسالتهم الديموقراطية لتحيل دولة مثل العراق كانت عزيزة في اقليمها الي شبه دولة تعاني الجهل والفقر والمرض .
هذه هي بعض ملامح الوجه الاخر القبيح للغرب بحضارته الدامية التي ما زلنا نكابدها وننتظر أفولها ..فهل سيطول انتظارالعالم !؟.