منذ عهد مينا، توجد ثمة ثلاثية مقدسة تمثل الحماية الكاملة والأمان الدائم والدرع الواقية لأقدم دولة في التاريخ وهى الدولة المصرية، وتتجسد هذه الثلاثية المقدسة في التلاحم والاصطفاف الوطنى بين مثلث يتكون من ثلاثة أضلاع بارتفاع وشموخ الهرم الأكبر؛ القائد والجيش والشعب الذين خاضوا كل المعارك، وتخطوا كل الأزمات، وعبروا المعارك الفاصلة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر، منذ توحيد القطرين مرورًا بدحر الهكسوس والرومان والتتار والمغول والفرنسيين والإنجليز، وانتهاءً بعبور أكتوبر العظيم وتفكيك الحلم الإخوانى في 30 يونيو 2013، ومواجهة جائحة «كورونا».
وكما قصصتُ لكم في الجزء الثانى من هذه السلسلة كيف كان الجيش وقوات البوليس يقومون بمواجهة انتشار «الكوليرا» في مصر في العام 1947، فما أشبه اليوم بالبارحة؛ حيث تقف القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى خلف القائد لمواجهة جائحة «كورونا» كما ينبغى أن تكون المواجهة، طبيًا من خلال توفير الأسّرة في المستشفيات وإنشاء مستشفيات ميدانية وتخصيص مستشفيات لعزل الحالات المصابة وتوفير الإمكانات والأجهزة الطبية من كماماتٍ ومطهرات ومواد تعقيم وواقيات للأيدي، واقتصاديًا من خلال توفير السلع والأغذية للمواطنين في كل مكان، وربما تكون مصر هى الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى لم تعانى من نقصٍ في الغذاء والدواء.
إن الكيمياء التى تجمع بين القائد والجيش والشعب، وتنتج الحب بأعظم صورة وأرقى معانيه وأطهر مركباته هى الناتج الطبيعى لهذه المعادلة التى تدخل في تركيب السبيكة المصرية العصيّة على التفتيت أو الانفصام. وكأن الله خلق هذه التركيبة المفعمة بإكسير الحب بين مكونات السبيكة المصرية لكى تستمر منذ عهد مينا إلى عهد عبدالفتاح السيسي. إن هذه الأمة كما بشرنا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه في رباطٍ إلى يوم يُبعثون. ولعل هذا الرباط الذى يقصده رسولنا الكريم هو رباط الحب ووشائج القربى والوطنية والانتماء لهذه الدولة.
لقد بلغ حب الرئيس السيسي للشعب مبلغًا لا أعتقد أن أى رئيسٍ سابق أو حالٍ في مصر أو خارجها قد بلغه، لقد تحدث الرئيس السيسي إلى الشعب ظهر الثلاثاء الماضى قبيل كتابة هذا المقال، وأقول لكم قولة الحق إننى لم أسمع الرئيس بأذنى بل أحسست بنبضات قلبه وهو يوجه حديثه إلى المصريين الذين أعتقد أنهم أحسوا بتلك النبضات، ألم تسمعوه وهو يقول للمصريين «أنا خايف عليكم».. مين رئيس في العالم قال كده لشعبه.. إنها مصر التى في قلب قائدها.
مشهدٌ آخر لم أسمع ما يشابهه منذ عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب، وهو حرص الرئيس على تفقد أحوال المصريين ليعلم عن أحوال البلاد والعباد، ويوجه لهم نصائحهم لكى يقيهم الله شر الوباء وللأخذ بالأسباب في مواجهته رغم أنه متأكد من حماية الله لمصر وشعبها وجندها. ولعل هذا الإحساس بأحوال الناس هو ما جعل الرئيس يوجه بإعانة للعمالة غير المنتظمة قدرها 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر، وتوزيع الكمامات مجانًا على المواطنين لمراعاة المعايير الصحية العالمية في الحد من انتشار الفيروس.
إن المصريين في وقت الشدّة والأزمات تشرئب أعناقهم انتظارًا لظهور الرئيس السيسي لكى يستأنسوا بحديثه، ولكى يشعروا بالأمان، وهذه إحدى السمات الأساسية في الشخصية المصرية، وأنا من بين هؤلاء الناس، وقد شعرت بالاطمئنان والاستقرار والراحة النفسية عندما قال الرئيس للمصريين «متخافوش» و«احنا مستعدين لمواجهة الفيروس وقادرين على الانتصار عليه وسنحتفل قريبًا بالقضاء عليه»، إن صناعة الأمل المرتكزة على مقوّمات النجاح والاستعداد واستباق الأزمات بخطط مواجهتها، هى كلها بعض مقوّمات شخصية الرئيس الذى كان من الأقدار السعيدة التى ساقها الله إلينا ليقود سفينة الوطن وسط كل هذه الأهوال والصعاب التى ما نكاد نخرج من إحداها حتى تجابهنا غيرها، ورغم كل ذلك نلمس إدارةً حكيمة سلسة قوية من ربّانٍ ماهر يستطيع أن يُمسك بالدفة ويوجهها بعقلية خبير ولمسات حساسة تعرف كيف تعبر بالسفينة وسط كل الأنواء.
وإيمانًا بالعمل الجماعى وروح الفريق، نجد الرئيس لا ينسب كل إنجاز لنفسه، فقد وجه الشكر لمن وقفوا إلى جانب الدولة المصرية في مواجهة أزمة «كورونا»، وعلى رأسهم القوات المسلحة المصرية ورجالها المخلصون، والشرطة المصرية التى تحملت عبء تطبيق قرار الحجر الصحى الجزئى من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا في عموم البلاد، وأطباء مصر الشرفاء والأطقم الطبية التى لم تأل جهدًا في مواجهة الوباء في عموم البلاد، ليضرب الجميع أروع مثال للعمل الجماعى الذى يليق بدولة كبيرة وقوية وقادرة على تخطى الأزمات.
الحب الكبير الذى يجمع الثلاثية المصرية المقدسة.. القائد.. والجيش.. والشعب.. هو كلمة السر التى تجمع كل عناصر هذه الثلاثية التى ترفرف فوقها راية هذا الوطن.