يموج الحال مكانًا وزمانًا بمتغيرات عاصفة لثوابت راكنة قدم الزمان، وتفرض كل الاحتمالات وجودها لتملى على قلم التاريخ محوًا للثابت وتثبيتًا للمتغير.
ولأن الثقافة المكتوبة هى أول اختراح علمته الحضارة المصرية لغيرها من الحضارات.. استوجب علينا اللجوء إلى الكتابة لاستدعاء انتصارات المصريين منذ التاريخ، تلك الانتصارات لم تكن طمعًا في أراضى الغير أو جورًا على حقوقهم، إنما حفاظًا على الحق ودعمًا للعدل، هكذا – دائمًا – كان جيش المصريين ابن حضارة السبعة آلاف عام من الأخلاق...
الواقع – الآن – في عوز لإعادة استدعاء قيم وأخلاق من أجل الحق والعدل للحفاظ على ما تبقى للإنسان من إنسانيته.
ستنتقل عبر جولات جيشنا تاريخًا ومكانًا نخلق من تلك الحلقات المتوالية جسرًا موصولًا بين فرساننا على مدى التاريخ وشبابنا الحالى ساعد هذه الأمه وعقلها وصانع مستقبلها.
...........................................................................................
قبل صلح كوتاهية إنجلترا تفجر مفاجأة تاريخية وتتحالف مع روسيا وفرنسا
أمام التفوق النوعى والكفاءة القتالية العالية للجيش المصرى المرابض أمام مدينة الاستانة في انتظار تعليمات مصر له بالزجف على تركيا، استعر الجحيم أمام إنجلترا وفرنسا خشية اقتسام مصر الأراضى التركية والاستيلاء على ولاياتها والسيطرةعلى طرق تجارة إنجلترا للهند – مستعمرتها الكبرى – لذا كان اتفاق الأخوة الأعداء بين انجلترا وفرنسا لوقف تقدم الجيش المصرى من جانب والحيلولة دون تمدد الحلم الروسى على الأراضى التركية.
لذا ارسلت فرنسا لمصر مندوبها المسيو بوكلت ليتفاوص مع والى مصر على الجلاء عن الأناضول، ومن جانب إنجلترا كانت التعليمات من اللورد بالمرستون إلى البحرية بتعزيز الأسطول الإنجليزي بالبحر المتوسط، وتحركه أمام شواطئ الإسكندرية، ليكون على أهبة الاستعداد بالتدخل لدعم الموقف الإنجليزي المتمثل في سفيرها كامبل بالقاهرة حال رفض والى مصر الصلح مع تركيا، ورويته.للأسطول الإنجليزي من الصلاحية في قطع الإمدادات عن الجيش المصرى عبر البحر المتوسط المتجهة إلى الأستانة، ولم يتوقف الأمر عند حد الضغط السلبى – دون تدخل بالحرب المباشرة – بل تعدى ذلك لوصول التعليمات للأسطول الإنجليزي بالتعاون مع الأسطول الفرنسى – عدوه التاريخى – إنما هى الحاجة للتعاون لمنع قيام المارد المصرى بدولته العربية المزمع إنشاءها، وتجاوز الأمر أقصى مداه في تخلى أوروبا عن عدائياتها البينية إلى حد توجيه التعليمات للأسطول الإنجليزي في ضبط النفس حال ظهور الأسطول الروسى في مياه البحر المتوسط أمام شواطئ تركيا أو الشام أو مصر وتجنب الصدام معه بل ومعاملته معاملة الصديق لإنجلترا، ودعوته للاشتراك في الضعط على القرار السياسى المصرى للتخلى عن الحلم العربى!.
ويفند وزير خارجية فرنسا سبب تصالح إنجلترا مع فرنسا وروسيا هو خوفها من تمدد الدولة العربية من مصر حتى العراق ويذلك تقطع مصر طرق موالات إنجلترا للخليج العربى والهند، كما جاء في رسالته إلى الأميرال روسين.
ومن جانبه أعلن والى مصر لسفير فرنسا بالقاهرة تعلمه الدرس الذى جاء متأخرا حتى انه تمنى لو عاد الزمن فاستمع لنصح ابنه القائد إبراهيم في فرض الأمر الواقع على أوروبا والاستيلاء على الٱستانة وخلع السلطان، وربما كان لقراره السياسى حينها فاعلية أكثر من تقويضه بأساطيل فرنسا وٱنجلترا وروسيا، حيث قال:" تعلمت من أوروبا أن الخضوع لا يكون لغير القوة"
وفى المقال التالى إن شاء الله سنوالى استعراض موثق قائد الجيش المصرى أمام السلطان التركى.