السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صومال المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"جبان واحد في جيشي، أشد خطرا عليّ من عشرة بواسل في جيش الأعداء".. نابليون بونابرت.
فترة حرجة من عمر وطن قدم شعبه الطيب الكثير من الدماء ودفع فاتورة الثورة ثم سقط في براثن تجار الدين، الذين نجحوا في إخراج ما يزيد عن المليوني مصري من الإيمان!، وقد فعلوا ذلك بفسادهم الذي شهد عليه القاصي والداني.. وبإساءاتهم للمسلم قبل المسيحي، وكأنهم وباء ابتليت به الأمة المصرية، لقد برهنت التيارات الدينية على أنها تيارات بلا دين ولا منطق، وأنهم جماعات أقل ما توصف به أنها "إرهابية"، تقتل وتسرق وتنهب باسم الدين، المسلمين قبل الأقباط، ولكن الأقباط كانت فاتورتهم أفدح لأنها كانت فاتورة الدم،  لقد قدموا شهداء روت دماؤهم أرض مصر، ودفعوا فاتورة التحول كاملة، ولم تسلم دور العبادة من بطش الإرهاب، فقدموا كنائس حرقت قاربت على الثمانين كنيسة، وما يقرب من 1000 منزل و37 صيدلية، وسفن سياحية ومحلات تجارية وصيدليات، دفعوا بحب لأجل الوطن، قدموا كنائسهم بخورا لأجل بلادهم، حسب كلمات قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كل ذلك على أمل الأفضل لبلادهم ولأبنائهم.
منذ سبعينيات القرن الماضي، عاش الأقباط مهددين من تنظيمات اختطفت الدين وسخرته لأجل أعمالها الإرهابية، فالسرقة والقتل حلال بفتوى شيخ ضرير القلب والرؤية الروحية علاوة على النظر، وها هو قابع في سجون أمريكا بتهمة الإرهاب - نسأل الله ألا يفك سجنه - لقد وقعوا فريسة سهلة للجماعات الإرهابية، وفي عهد الإخوان زاد عليهم الاضطهاد، وأصبحت السلطات في أيدي فئة قليلة إرهابية سلطت عليهم القوانين لخطف بناتهم ووضع ذويهم في السجون بقوانين سيئة السمعة "ازدراء الأديان" بدستور ينهي حق الآخر في الوجود عبر مواد عفى عليها الزمن، ولم يرحلوا إلا بالدماء فسرقوا وحرقوا ونهبوا ممتلكاتهم وكنائسهم ومصادر رزقهم.
وساهم الأقباط في ثورتين: الأولى انتجت عورة أتت بالإخوان والجماعات الظلامية لتحكم مصر عاماً كاملاً وتؤخر الوطن عقوداً طويلة، وخرجوا في ثورة 30 يونيو عن بكرة أبيهم استجابة لنداء الوطن، ليستهدفوا من جماعات الإرهاب الديني التي سرقت وحرقت ونهبت.
أقدموا بحب على تغيير، ليس النظام فقط، بل فكره وتعامله مع قضاياهم التي للأسف أثبتت أنها لم تتغير، بل قدموا من آن لآخر من النظام لنهش أجسادهم من تيارات دينية وبلطجية وسط صمت مسؤولي الأمن، من وزير الداخلية إلى مدير الأمن وضباط المراكز، تحولت قرى مصر إلى صومال أخرى، تنهي سطوة الدولة وسط عجز وتواطؤ أمني، وحكومة تتبع مبدأ "لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم"، ويقتل الأقباط في ساحل سليم وقرى أسيوط والمنيا، وتتحكم العصابات المسلحة في المراكز والقرى فتفرض إتاوات وتقتل وتسرق مع غياب الأمن - إن لم يكن تواطؤه - ليستمر الأقباط في دفع الفاتورة من أرواحهم وأموالهم ومصادر رزقهم.
ترى من المستفيد من تحول مدن وقرى صعيد مصر إلى النموذج الصومالي؟!، ترى هل فقد مسؤولو مصر الحس البشري؟!، ترى ألا يعلم أولو الأمر أن الأقباط دفعوا الفاتورة كاملة؟!.
وأخيرا، ألا يعلمون أن في صمتهم إدانة لهم وللنظام الجائر، ألا يعلمون أن أمل الأقباط هو التغيير، ليس في الأفراد، بل في السياسات؟!، ألا يعلم وزير الداخلية أنه المسؤول عن انتشار النموذج الصومالي في ربوع أسيوط وقرى المنيا، وأنه من الشرف أن يعتذر ويعتزل؟!.