ربما تعجلت بعض الشخصيات في مؤسسة الأزهر الشريف الترويج للحسم المبكر لمسألة فقهية تعد من الخطورة بمكان في ظل نازلة من النوازل كانت لها وقع كبير على عبادات ومسائل أكثر قدسية في شريعة أهل الأديان، فلم يكن عاقل يتخيل أن تغلق المساجد والكنائس والمعابد أمام عباد الرحمن _وإن قل عددهم؛ ليتوقف معها شعائر وفرائض غالية، من بينها صلاة الجمعة عند المسلمين حتى إشعار آخر ليتأثر معها ركن الإسلام الثاني وهو الصلاة.
الزكاة -الركن الثالث للإسلام - لم يسلم أيضاً من التأثر بفقه النوازل حيث أجازت المؤسسات الدينية تبكير إخراجها بما في ذلك زكاة الفطر التي اعتاد الناس على إخراجها فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان الذي لم يصمه المسلمون بعد دفعاً ودعماً ونجدة للفقراء والمحتاجين والمتضررين من الإجراءات الاحترازية الصحية التي دفعت الكثيرين وفي مقدمتهم العمالة الموسمية واليوميات إلى الجلوس في منازلهم كحجر وقائي من الإصابة، بل جاءت قرارات المملكة العربية السعودية لتضفي بظلالها على الركن الخامس فأرجأت موقف الحج إلى ما بعد رمضان وسط ميل كافة المؤشرات للتأجيل عن العام الهجري 1441، ليكون عاما بلا حج.
ومع اقتراب الصوم-الركن الرابع من أركان الإسلام-، الذي لم يتبق سوى أقل من أسبوعين، تفاوتت وتباينت الآراء حول تأثير الفيروس المستجد على الصائم خاصة أن هناك روايات تتعلق بخطورة تجنب شرب المياه لفترات طويلة، أمور وإن لم تكن صحيحة فيحسب لدار الإفتاء كمرجعية عالمية للفتوى أن بادرت باستشارة أولى الأمر والتخصص قبل البت في المسألة والجزم الأعمى، إلا أن محاولة التأثير وسد الطريق أمامها إما لرغبة البعض في الحفاظ على الواجهة وإما لحسن النية، يتبقى لنا أن نتساءل ماذا بقي للدار يا من خرجتم بالحسم المبكر؟!، وهل ستتحملون مضار صحية قد تترتب على فتواكم إن هلك على إثرها مريض؟!
وقبل أن اختم مقالتي أود أن أؤكد على أنني لست ممن يصادر على أحقية الأزهر في أن يدلو بدلوه في المسائل الفقهية بقدر ما هي دعوة لأن يكون هنالك تنسيق مع دار الإفتاء باعتبارها كيان اعتباري معتمد لذلك، وإن شئتم فاجعلوا من المفتي كمنصب عضواً في هيئة كبار العلماء ليكون مرافقاً للرأي الشرعي الذي يصدر عن تلك الهيئة كمرجعية عالمية يستاق منها الناس فتواهم، فليس ذلك بمزايدة على أحد وإنما هو نصح ورجاء لعلكم تتكاملون.