الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

واحة الخميس.. مبارك.. فصل من التاريخ (7)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا في المقال السابق عند رواية مبارك لما حدث صباح يوم الخامس من يونيو 67، حيث كان يقود طائرته محلقًا بها فوق سحاب منخفض لم يتجاوز ارتفاعه ثلاثمائة متر،في طلعة تدريبية مع خمسة من طيارى قاعدة بنى سويف الجوية،وعن هذه الحادثة كتب مبارك يقول يقول في كتابه الوحيد كلمة السر "بعد خمس دقائق إهتزت أجهزة اللاسلكى في طائرتى بخبر وقع علىً كالصاعقة،حيث تم إبلاغى بأن القاعدة الجوية التى أقلعتُ منها منذ لحظات قد هوجمت..فعلتها إسرائيل إذن..قاعدتى الجوية تضرب وأنا معلق في الجو،عاجز عن صنع أى شيء،وقاذفتنا الثقيلة التى يعرف العدو جيدًا قدرتها الرهيبة تدمر الآن وهى جاثمة على الأرض لا حول لها،وأبشع من هذا،تلك الصفوة من خيرة الرجال الذين أجهدت نفسى وأجهدوا أنفسهم معى في تدريبهم تدريبًا متواصلًا للارتفاع بمستوى قدراتهم القتالية إستعدادًا للحظة اللقاء بالعدو،وها هى اللحظة قد حلت،ولكن في غير وقتها المناسب وفى الظروف التى اختارها العدو ورتب لها،ترى:ما مصير هؤلاء المقاتلين الشجعان الذين فاجأتهم طائرات العدو وهم على الأرض ؟"ويتساءل مبارك: لماذا أضاع مركز العمليات الرئيسى كل هذا الوقت دون أن ينذر باقى المطارات،فقد إهتز جهاز اللاسلكى الخاص به بعد بدء المعركة بنصف ساعة أو يزيد،وأخذ مبارك يستغيث طالبا العون والمساعدة،ولكن دون جدوى،فأبراج المراقبة لا ترد ومركز العمليات لا يرد،وأصبح الصمت المخيف مسيطرًا،وإكتشف مبارك أنه وباقى السرب يطيرون بلا هدف،ولايعرفون أين وجهتهم،فما سمعه عبر اللأسلكى يجعله لايفكر في العودة إلى بنى سويف،حيث تم نسف ممرات الهبوط،وبعد لحظات حسم مبارك الأمر، فقد جعل غايته الآن الحفاظ على الطائرات الخمس برجالها،ولذا قرر أن يكون مطار الأقصر هو وجهته وذلك لإمداد الطائرات بالوقود ومعرفة الموقف على الأرض بعد الاتصال بالقادة،ثم الاشتراك في المعركة،وتنفيذ المهام القتالية التي سيكلف بها،ولكن ما أن هبطت الطائرات الخمس حتى تعرض المطار لغارة جوية أودت إلى تدمير كل شيئ،وفى هذا يقول مبارك "إن الحرب عمل مرير،مختلفة في واقعها عما يمكن أن يقرأه عنها إنسان في كتاب أو يشاهدها في فيلم سينمائى،لقد عشت الحرب في تلك الساعة الكئيبة من صباح 5 يونيو الحزين بطريقة سلبية بشعة على نفسى كطيار مقاتل،رأيت بعينى طائراتى الخمس وهى سلاحى في الحرب تدمر أمامى على الأرض وأنا عاجز عن استعمالها،عاجز عن حمايتها من الدمار،كانت لحظة رهيبة لا تنسى"..وبدا لمبارك وهو قائد المجموعة أن يكتم أحزانه أمام الطيارين وأن يشعل فيهم نيران الثأر وذلك بأن يحول الحزن إلى غضب،وقرر مبارك ألا يستسلم لأحزانه - حتى بينه وبين نفسه - وذلك لكى لا تتولد بداخله طاقة سلبية كفيلة تزرع اليأس على أفعاله وأفكاره وكان يردد في لقاءه الصباحى بالضباط والجنود الذين يعملون تحت قيادته"عليكم أن تعلموا أن التاريخ البشرى ملئ بالأمثلة الحية على إنهيار الأمم عند أول نازلة تلم بها،ولكن يكفى أن نذكر شعوبًا كاليابان والألمان إجتازت أخطر ما يواجه الشعوب من محن واستطاعت أن تتجاوز أحزانها لتبنى حضارها"وبدأ مبارك في عملية حصر الخسائر وتحديد حجمها بناء على تكليف من القيادة الجديدة للقوات الجوية،ولكنه أثناء ذلك فوجئ بقرار تعيينه رئيسًا للجنة التحقيق العسكرية لمعرفة ما حدث في قاعدة أنشاص الجوية،حيث إنتشرت رواية مثيرة بين أفراد الشعب حول الحفل الفنى الساهر الذى أقيم مساء يوم الأحد 4 يونيو،أى قبل وقوع الكارثة بساعات،وقيل أن هذا الحفل قد أقيم بتدبير محكم من المخابرات الإسرائيلية التي دفعت تاجرًا عميلًا لها بالتودد والتقرب إلى القادة في هذا القاعدة وذلك لإقناعهم بإقامة هذا الحفل ووعدهم بتحمل كافة التكاليف وإحضار أشهر المطربين والمطربات لإحياء هذا الحفل،وعلي القادة أن يوجهوا الدعوة لزملائهم من قادة القواعد الجوية،وبالفعل أقيم الحفل وسهر الجميع حتى الصباح،ولم يكن أحدهم يعرف أن الساعات القادمة تحمل كارثة تاريخية،ولم يكن مبارك قد حضر هذا الحفل،وبدأ مبارك يحقق في الواقعة،وتم استدعاء واحدة من المطربات لسماع أقوالها والتي تحدثت بإنفعال شديد ملقية اللوم على بعض القادة الذين لم يتحملوا المسئولية ومن بين ماقالته"ويكفى أن تعرف ماحدث في قاعدة بنى سويف"فإندهش مبارك وسألها:ماذا حدث؟فأجابته بمفاجأة..وللحديث بقية.