الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رسائل من كورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما يمر به العالم ليس امتحانا عاديا ينجح فيه من اجتهد ويسقط فيه المهمل الفاشل. الفيروس عابر الحدود استطاع أن يضع الجميع في سلة واحدة. لم يعد للدولة اعتبار، صار اسمنا الأسرة الإنسانية، صارت المساواة فرضا إجباريا على البشر.. الفيروس الذي تسلل إلى قصور الحكام وإلى عشش العمال يقول في بلاغة فصيحة: لا عاصم لكم مني إلا باتحادكم.
رأينا الشركة التي أنتجت جهازا للتنفس الصناعي تتنازل طواعية عن حق الملكية الفكرية وتنشر التفاصيل الفنية للجهاز بل وتطلب كل من له القدرة على إنتاجه أن يبدأ فورا في التصنيع.. رأينا أطباء من الصين ومن كوبا يغامرون بالسفر إلى مناطق الوباء لعلهم يكونون سببا في إنقاذ مريض هنا أو هناك.. رأينا في واقعنا المصري كيف انتفض المصريون لمساندة عمال اليومية وتدبير قوتهم الذي انقطع بسبب التعطل عن العمل.. فهل كنا في حاجة إلى كورونا لكي يكشف الإنسان عن أجمل ما فيه؟ يكشف عن إنسانيته ومحبته للآخر واحترامه لحق الحياة؟
الإجابة هي نعم.. كنا في حاجة إلى ذلك وبالرغم من كونه وباء إلا أنه سوف يعيد ترتيب العالم من جديد.. الوباء الذي قبض الثمن مقدما بإصابة أكثر من مليون إنسان ومازال عداد الإصابة في صعود ينظر إلينا في شماتة، معلنا الحقيقة الغائبة وهي أنه كلما افتقدنا التضامن والتعاون وضرورة العيش المشترك سوف يزورنا كورونا آخر لكي نستيقظ من النوم في بحور الكراهية والحروب والاستغلال. 
إن إحساس العجز الذي نعيشه ونحن نواجه هذا الفيروس يعلمنا فضيلة التواضع، ويكشف ضرورة البحث العلمي لإنتاج العلاج الذي يعين الإنسان، ويدعم قدرته على مواجهة المجهول.. سنوات طوال مضت ومافيا شركات الدواء تتلاعب بالبشر.. نهرا من الأموال يتدفق إلى تلك المافيا بسبب التجارة في الأمراض وفي صحة الناس والتحكم في حياتها.. واليوم جاء ذلك المستجد كورونا بمثابة الصدمة ولم يعد إحصاء الأرصدة في البنوك هو الشغل الشاغل لشركات الأدوية ولكن السباق مع الزمن لإنقاذ الجنس البشري من الفناء بإنتاج العلاج المناسب لتدمير كورونا صار هو الأولوية الأولى لكل العاملين في هذا المجال.
هي معركة جادة وجديدة علينا سوف نخوضها للنهاية.. سلاحنا واضح هو الأمل في النجاة لكي نوقد الشموع للضحايا الذين رحلوا في مختلف أنحاء العالم.. لكي ننشر الزهور في مواجهة القبح … ولكي نغني للحياة التي نريدها.. المعركة جادة وكل عيون العالم مصوبة على المختبرات العلمية لكي تخرج علينا بالبشارة والانتصار على الفيروس اللعين قابض الأرواح من الرئتين.
لن ينقطع الأمل طالما يرافقه الإيمان بالله.. التعليمات الطبية في كل الدنيا تقول: إن الوقاية تبدأ بالعزل المنزلي وأن النظافة ضرورة.. العزل والنظافة هما أدوات المواطن العادي في تلك المرحلة لتقم بدورك في حماية نفسك، وهذا هو أبسط الأدوار في تلك المعركة المصيرية.. لننشر التفاؤل في محيطنا ونزرع الابتسامة على وجوه المرهقين.. ليتوقف خطاب الإحباط والهروب من المسئولية والبحث عن أسباب لانتقاد الدولة.. مصر ستنجو بإذن الله وشعبها سينتصر.. الإجراءات التي تم اتخاذها تدعو للفخر ولم يتبق لاكتمال المعادلة سوى ترسيخ قيمة المشاركة الشعبية التي هي طريقنا للتغيير.