أول عهدي مع مبتدأ خبر وباء كورونا جرى مع الأسبوع الختامي لمعرض الكتاب الدولي بالقاهرة، قادتني قدماي إلى ما مثل مشاركة جمهورية الصين، الحكومي والخاص، كان جناح تجاري (مصري /صيني) لمصنوعاتها الفلكلورية، التذكارية، ثريات بألوان مبهجة، حروفيات ازدانت بها مذكرات ولوحات فنية، اكسسوارات وتحف منزلية بعضها يعلق على الحوائط، وبعضها يحتل ركنا على طاولة أو مكتبة، أو حديقة، انتقيت منها ماله علاقة بالتراث الشعبي الصيني، وجوه تقليدية معبرة، ولوحات بها كلمات دالة باعثة على الأمل والحياة، ثم زرت جناح الصين الحكومي، وكانت المطبوعات المعروضة قليلة على غير العادة (كانت الجائحة أول ديسمبر)، وأثناء توجهي إلى "ستاند" صفت فيه أعداد مجلة الصين اليوم باللغة العربية الشهيرة (1952م)، والتي عرفتها مكتبات وأكشاك ليبيا، قبل قرار النظام السابق، بوقفه جلب مطبوعات عربية ودولية، بادرني شاب صيني يتحدث العربية قائلا بلدي، ومدينة ووهان تعاني أزمة صحية كبرى هل أستأذنك في تسجيل دعوة وأمنية بالصحة والسلامة، وضعت المجلة بحقيبتي، ووقفت بمواجهة كاميرا الموبايل، وبدأت باسمي وبلدي، وأمنيات بنهوض شعب الصين الفاعل وخروجه من هذه الطارئة المفزعة، أعلمني أنه مباشرة سينزل في صفحة صوت الصين، وقبل تحية المغادرة، أبدى لي الشاب وهو يمنحني تذكارا رمزيا عن رموز حضارة الصين انزعاجه من تصريح "ترامب" بخصوص مُصاب الصين، واعتبره غير إنساني ولا حتى دبلوماسي، ابتسمت، وقلت هو كذلك ليس مع الصين وحسب فلا لوم، فضحك ورد هذا صحيح.. وفي طريقي لموعد مع زميلة صحفية شجعتني على زيارة جناح لمصورين شباب، يقدم عرض التقاط صور شخصية مجانية بمواصفات متقنة في مدخل الصالة الثانية للمعرض، وحين وصلته وجدت ديكورا صينيا يُطل بزهوة، دوائر حمراء مجوفة مزينة بورود صغيرة ذهبية تنزل منها أشرطة تجمع اللونين الأحمر والذهبي، معلقة بأعلى المكان، تظلل فضاء المصورين وجمهورهم، ما بدا لي ترويجا للنشاط التجاري المصري الصيني، ووجدتني أحكي للزميلة عن نهاري الصيني وهي تتفرج على ما اقتنيته.
ومن ذلك الأسبوع، ومع متابعة الأخبار ما حصل تجاوز المتوقع، النشرات التي صارت أرقاما متصاعدة لمصابين، وتحذيرات من عدوى بمجرد اللمس أو تنفس هواء! إذ لم نلتزم الاحترازات المُقلقة!، مع ما شرعت فيه منظمة الصحة العالمية في مؤتمرها الصحفي المفزع أكثر بمعلوماته الراصدة، اجتياح الفيروس لدول كثيرة من العالم، ونحن فيه، وإن تأخر ظهور الفيروس ببلاد العرب، حالة ما يشبه الهيستيريا، و(الهيصة)، والإرهاب المعنوي، أشهرت لسانها بمواجهتنا، وأفظعها مشاهد من عين المشافي وباحاتها تُظهر موتى بالجملة، ما شهدهُ العالم عابر القارات، فيروس مُستجد (كورونا) منطلقهُ ووهان الصينية، شبحٌ ملغز، فما أعقد مسألة أن حامل الفيروس لا تظهر الأعراض عليه لما يقارب الأسبوعين ويكون مُعديا!، غموضه حتى اللحظة، أعجز مختبرات متقدمة ولها تاريخها في مد الإنسانية بعلاجات ناجعة، منظمة الصحة العالمية لم تصادق على ما اخترعته بعض دول أوروبية من أدوية مضادة للفيروسات خوفا من مضاعفات قد تكون ضارية.
لكورونا وجه واحد، موحش قاتم كئيب لم يحصل قبلا، وفي بلدي حرب، أن تخلو الشوارع، وتقف عجلة العمل في كل الوظائف، ويفقد المهمشون الفقراء مصدر رزقهم، ويصير مشهد الموت وتوابيت الضحايا عنوانا يوميا، كتب أحدهم على صفحته بفيس بوك متغزلا بإيجابيات كورونا، من مديح لمة العائلة، (المحجوزة جبرا ببيوتها محملة بمخاوفها من بعضها البعض)، وعن بيئة خلت من التلوث، ولنشاط إلكتروني في التواصل المعرفي، والفرجة على الفنون لتمضية الوقت الطويل،( هل على الإنسانية أن تتقوت بالمصائب، لتدرك أهمية تفعيل الثقافة والفنون، والحفاظ على بيئتها)، سنتقبل الدفاع الإنساني بمواجهة كابوس أربك حياتنا، كجرعة تفاؤل وروح مقاومة، فالوحشة مُرة، ولزوم التعاطف والمساندة من دروس الجائحة لا مفر، ولن ننكر أدوار تضحيات عالية من سلك الصحة والطبابة، ومئات الآلاف من المبادرات المدنية/ الإنسانية التي نشط فيها وبشكل عاجل على مستوى العالم، متطوعون شباب في مجالات مختلفة، فيهم مبتكرون لأجهزة طبية، وفيهم موصلون للخدمات العاجلة من مأكل ومشرب، لكن ما بعد كورونا يطرحه غربا وعربا، كُتاب، وباحثون في السياسة والاقتصاد والاجتماع، من تغير لصورة العالم في مناحٍ عدة، ولن تقيل مصابنا القاصم للظهر لحصاد "كورونا"، هذه العولمة، التي وإن صيرت العالم قرية صغيرة، لكنها في لحظة بدت عاجزة عن بث بصيص أمل في الخروج من الوجه الواحد لها.
ومن ذلك الأسبوع، ومع متابعة الأخبار ما حصل تجاوز المتوقع، النشرات التي صارت أرقاما متصاعدة لمصابين، وتحذيرات من عدوى بمجرد اللمس أو تنفس هواء! إذ لم نلتزم الاحترازات المُقلقة!، مع ما شرعت فيه منظمة الصحة العالمية في مؤتمرها الصحفي المفزع أكثر بمعلوماته الراصدة، اجتياح الفيروس لدول كثيرة من العالم، ونحن فيه، وإن تأخر ظهور الفيروس ببلاد العرب، حالة ما يشبه الهيستيريا، و(الهيصة)، والإرهاب المعنوي، أشهرت لسانها بمواجهتنا، وأفظعها مشاهد من عين المشافي وباحاتها تُظهر موتى بالجملة، ما شهدهُ العالم عابر القارات، فيروس مُستجد (كورونا) منطلقهُ ووهان الصينية، شبحٌ ملغز، فما أعقد مسألة أن حامل الفيروس لا تظهر الأعراض عليه لما يقارب الأسبوعين ويكون مُعديا!، غموضه حتى اللحظة، أعجز مختبرات متقدمة ولها تاريخها في مد الإنسانية بعلاجات ناجعة، منظمة الصحة العالمية لم تصادق على ما اخترعته بعض دول أوروبية من أدوية مضادة للفيروسات خوفا من مضاعفات قد تكون ضارية.
لكورونا وجه واحد، موحش قاتم كئيب لم يحصل قبلا، وفي بلدي حرب، أن تخلو الشوارع، وتقف عجلة العمل في كل الوظائف، ويفقد المهمشون الفقراء مصدر رزقهم، ويصير مشهد الموت وتوابيت الضحايا عنوانا يوميا، كتب أحدهم على صفحته بفيس بوك متغزلا بإيجابيات كورونا، من مديح لمة العائلة، (المحجوزة جبرا ببيوتها محملة بمخاوفها من بعضها البعض)، وعن بيئة خلت من التلوث، ولنشاط إلكتروني في التواصل المعرفي، والفرجة على الفنون لتمضية الوقت الطويل،( هل على الإنسانية أن تتقوت بالمصائب، لتدرك أهمية تفعيل الثقافة والفنون، والحفاظ على بيئتها)، سنتقبل الدفاع الإنساني بمواجهة كابوس أربك حياتنا، كجرعة تفاؤل وروح مقاومة، فالوحشة مُرة، ولزوم التعاطف والمساندة من دروس الجائحة لا مفر، ولن ننكر أدوار تضحيات عالية من سلك الصحة والطبابة، ومئات الآلاف من المبادرات المدنية/ الإنسانية التي نشط فيها وبشكل عاجل على مستوى العالم، متطوعون شباب في مجالات مختلفة، فيهم مبتكرون لأجهزة طبية، وفيهم موصلون للخدمات العاجلة من مأكل ومشرب، لكن ما بعد كورونا يطرحه غربا وعربا، كُتاب، وباحثون في السياسة والاقتصاد والاجتماع، من تغير لصورة العالم في مناحٍ عدة، ولن تقيل مصابنا القاصم للظهر لحصاد "كورونا"، هذه العولمة، التي وإن صيرت العالم قرية صغيرة، لكنها في لحظة بدت عاجزة عن بث بصيص أمل في الخروج من الوجه الواحد لها.