تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يتابع عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا المصرى الراحل دكتور محمد حافظ دياب فى كتاب «نقد الخطاب السلفى»، الصادر مؤخرا عن دار «رؤية» للنشر بقوله: وحيثما نجد أنفسنا مواجهين برؤية عقيدية مثل النزعة السلفية، فإنها حين تدخل حلبة التاريخ، تضحى خطابا يثير إشكالية أيديولوجية، يزداد وضوحها اعتبارًا من كون هذه النزعة لا تمثل معرفة متعالية خالصة، أو مجرد توجهات تنشد الترشيد العقائدى والتعبدى- بل شأنا يندمج فيه النظر بالممارسة عبر تحالف موصول بين الأنظمة الحاكمة والفقة السلفى، فيما يقوم بتأطير ذلك المجموع المتناسق من صور النزعة السلفية وأفكارها ومفاهيمها أو معاييرها، كمنطلق لصوغ رؤيا للعالم، كما يتولى إعادة إنتاج أنماط المعرفة وأساليب الممارسة وأنواع النشاط، بشكل يسعف فى عملية التعبئة، بما يتقاطع ضمنة من أشكال كثيرة لصيغ التعبير وإرادة التغيير، وما يعنية من دخول فى إطار الأيديولوجيا بكل ما تحمل من يقين جازم ومنطلقات جامدة، وما تؤول إليه من إفقار ذات الإسلام.
إن امتداد المنهج السلفى إلى مجال الممارسة، جعل المتكلمين باسمه ليسوا فقط أصحاب رؤية عقيدية بالمعنى الحصرى للكلمة، إنما أصحاب مواقف وردود على واقع الممارسة التعبدية، ومن ثم يكمن اعتبار السلفية نزعة احتجاجية على التطورات التى طرأت على المستويين الفكرى والتعبدى للدين:
فعلى المستوى الأول، يمكن النظر إلى السلفية كنمط يقتصر على استخدام المعجم الإسلامى الأصلى، ويتخذ من قيم الإسلام المعنى الذى يحدده هذا المعجم، كمعيار وحيد فى النظر والحكم، ومن النص الأصلى مرجعه النهائى فى التدليل والإثبات، دون أن يستوفى عناصر فكرية مستقلة من خارجة فى الغالب.
وعلى المستوى التعبدى، تروم السلفية إعادة تقنين الشعائر الدينية، بتوحيد نماذجها وكلماتها وإشاراتها وإجراءاتها، لكى تحافظ على النشاط الشعائرى الأصلى فى مواجهة البدع المستجدة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار المعنى الاجتماعى للعبادة، الذى لا يحصرها فى مجرد وسيلة يعبر بها المتعبدون عن علاقاتهم بالمعبود، ولكن فى الأساس إظهار للمشاعر وتعبيرًا جماعيا عن الموقف من الكون والحياة والعلاقات الاجتماعية، أمكن اعتبار السلفية توجها اجتماعيا يحاول من خلال عقيدته، رسم صوره مجتمع آخر أساسه التضامن العقيدى الذى يجعل الأمة جسدًا واحدًا يتضامن الكل فيه مع الجزء، ويدين كل جيل لسابقة برابط معنوى متصل، ويحمل على عاتقه أمانة نقلها إلى الجيل التالى، هو مجتمع أهل السنة والجماعة بأساسه القائم على الثبات على الإيمان كما أوجبت التعاليم النصية، وفهمها السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية.
وعلى المدى، تولت السلفية استحضار وتوظيف عقيدتها وتحويلها إلى أيديولوجيا، حين توسع أنصارها فى الشق السياسى لمفهوم التوحيد من خلال مفهوم الحاكمية، وفى الشق الاجتماعى من خلال مفهوم الجاهلية، ومن الناحية الحركية العملية عبر مفاهيم: الجهاد، والجماعة، والطليعة وغيرها من المفاهيم التى أسست لخطاب جماعات العنف الإسلامى فى التاريخ المعاصر، مثل الطاغوت والولاء والبراء والشرك والبدعة والكفر، وجعلوه حاكمًا على سعة مفهوم التوحيد، وتشددوا فى أمور نسبوها للشرك والكفر والبدعة، وقسموا لذلك التوحيد أقساما تتطابق مع نظرتهم للشرك والكفر والبدعة.
وفى الوقت الحاضر، ترواح الأيديولوجيا السلفية بين توجهات ثلاثة رئيسية: السلفية العلمية، السلفية الإصلاحية، والسلفية الجهادية: فالسلفية العلمية هى المدرسة المنسوبة إلى «محمد أمان الجاص» و«ربيع المدخلى»، وتنحو إلى رفض كل أشكال التنظيم السياسى، والقبول بوجوب طاعة الحاكم ولو كان ظالما فاسقا، والانصراف إلى مهمة تحقيق النقاء العقيدى، وتقديم أولوية تحصيل العلم الشرعى والتربية على كل نشاط عام، ولا يعنى ذلك نفى انخراط هذه السلفية العلمية فى أعمال العنف، أما السلفية الإصلاحية، فمثالها حركة الصحوة والسرورية فى السعودية، وحركة عبدالرحمن عبدالخالق وجمعية إحياء التراث الإسلامى فى الكويت، وتسمى أحيانا السلفية التنظيمية، لأنها تعتمد العمل الجماعى سبيلا لتحصيل السلطة والنفوذ السياسى، كما أنها تنشط فى ساحات العمل الخيرى والمجتمعى من وعظ وإرشاد ودعوة وأعمال بر وخير.
وبجانب السلفية العلمية والسلفية الحركية الإصلاحية، تبرز السلفية الجهادية، وتعتمد مبدأ الحاكيمة لله وجاهلية المجتمع، مع مبدأ توحيد الألوهية عند «ابن تيمية»، وترفع راية الجهاد ضد كل حكومة لا تعلى من شرع الله. وتتكون الجماعة السلفية على أى حال، من دعاة محترفين وغير محترفين، يلعبون الدور الأساسى فى الحفاظ على التقاليد السلفية واستمرارها، وتابعين يتحلقون حول هؤلاء الدعاة، وهم الجمهور المستقبل هذه التقاليد.
وفى الوقت الحاضر، استطاعت السلفية أن تتحول إلى ظاهرة عالمية، حين أمكنها أن تجتذب أتباعا من خارج المحيط العربى المقترن بها تقليدية، وتجوس فى أنحاء عديدة من العالم (باكستان، إندونيسيا، إثيوبيا، المملكة المتحدة، فرنسا، هولندا..)، لدرجة تحولت فيها إلى حركة معولمة عابرة للقوميات، رغم ما صاحب هذا الانتشار من صعوبة فى التكيف مع اللغات غير العربية، خاصة أن هذه اللغات تقطع الصلة بين نسق المعتقد السلفى ولغته الأصلية العربية.
وللحديث بقية
يتابع عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا المصرى الراحل دكتور محمد حافظ دياب فى كتاب «نقد الخطاب السلفى»، الصادر مؤخرا عن دار «رؤية» للنشر بقوله: وحيثما نجد أنفسنا مواجهين برؤية عقيدية مثل النزعة السلفية، فإنها حين تدخل حلبة التاريخ، تضحى خطابا يثير إشكالية أيديولوجية، يزداد وضوحها اعتبارًا من كون هذه النزعة لا تمثل معرفة متعالية خالصة، أو مجرد توجهات تنشد الترشيد العقائدى والتعبدى- بل شأنا يندمج فيه النظر بالممارسة عبر تحالف موصول بين الأنظمة الحاكمة والفقة السلفى، فيما يقوم بتأطير ذلك المجموع المتناسق من صور النزعة السلفية وأفكارها ومفاهيمها أو معاييرها، كمنطلق لصوغ رؤيا للعالم، كما يتولى إعادة إنتاج أنماط المعرفة وأساليب الممارسة وأنواع النشاط، بشكل يسعف فى عملية التعبئة، بما يتقاطع ضمنة من أشكال كثيرة لصيغ التعبير وإرادة التغيير، وما يعنية من دخول فى إطار الأيديولوجيا بكل ما تحمل من يقين جازم ومنطلقات جامدة، وما تؤول إليه من إفقار ذات الإسلام.
إن امتداد المنهج السلفى إلى مجال الممارسة، جعل المتكلمين باسمه ليسوا فقط أصحاب رؤية عقيدية بالمعنى الحصرى للكلمة، إنما أصحاب مواقف وردود على واقع الممارسة التعبدية، ومن ثم يكمن اعتبار السلفية نزعة احتجاجية على التطورات التى طرأت على المستويين الفكرى والتعبدى للدين:
فعلى المستوى الأول، يمكن النظر إلى السلفية كنمط يقتصر على استخدام المعجم الإسلامى الأصلى، ويتخذ من قيم الإسلام المعنى الذى يحدده هذا المعجم، كمعيار وحيد فى النظر والحكم، ومن النص الأصلى مرجعه النهائى فى التدليل والإثبات، دون أن يستوفى عناصر فكرية مستقلة من خارجة فى الغالب.
وعلى المستوى التعبدى، تروم السلفية إعادة تقنين الشعائر الدينية، بتوحيد نماذجها وكلماتها وإشاراتها وإجراءاتها، لكى تحافظ على النشاط الشعائرى الأصلى فى مواجهة البدع المستجدة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار المعنى الاجتماعى للعبادة، الذى لا يحصرها فى مجرد وسيلة يعبر بها المتعبدون عن علاقاتهم بالمعبود، ولكن فى الأساس إظهار للمشاعر وتعبيرًا جماعيا عن الموقف من الكون والحياة والعلاقات الاجتماعية، أمكن اعتبار السلفية توجها اجتماعيا يحاول من خلال عقيدته، رسم صوره مجتمع آخر أساسه التضامن العقيدى الذى يجعل الأمة جسدًا واحدًا يتضامن الكل فيه مع الجزء، ويدين كل جيل لسابقة برابط معنوى متصل، ويحمل على عاتقه أمانة نقلها إلى الجيل التالى، هو مجتمع أهل السنة والجماعة بأساسه القائم على الثبات على الإيمان كما أوجبت التعاليم النصية، وفهمها السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية.
وعلى المدى، تولت السلفية استحضار وتوظيف عقيدتها وتحويلها إلى أيديولوجيا، حين توسع أنصارها فى الشق السياسى لمفهوم التوحيد من خلال مفهوم الحاكمية، وفى الشق الاجتماعى من خلال مفهوم الجاهلية، ومن الناحية الحركية العملية عبر مفاهيم: الجهاد، والجماعة، والطليعة وغيرها من المفاهيم التى أسست لخطاب جماعات العنف الإسلامى فى التاريخ المعاصر، مثل الطاغوت والولاء والبراء والشرك والبدعة والكفر، وجعلوه حاكمًا على سعة مفهوم التوحيد، وتشددوا فى أمور نسبوها للشرك والكفر والبدعة، وقسموا لذلك التوحيد أقساما تتطابق مع نظرتهم للشرك والكفر والبدعة.
وفى الوقت الحاضر، ترواح الأيديولوجيا السلفية بين توجهات ثلاثة رئيسية: السلفية العلمية، السلفية الإصلاحية، والسلفية الجهادية: فالسلفية العلمية هى المدرسة المنسوبة إلى «محمد أمان الجاص» و«ربيع المدخلى»، وتنحو إلى رفض كل أشكال التنظيم السياسى، والقبول بوجوب طاعة الحاكم ولو كان ظالما فاسقا، والانصراف إلى مهمة تحقيق النقاء العقيدى، وتقديم أولوية تحصيل العلم الشرعى والتربية على كل نشاط عام، ولا يعنى ذلك نفى انخراط هذه السلفية العلمية فى أعمال العنف، أما السلفية الإصلاحية، فمثالها حركة الصحوة والسرورية فى السعودية، وحركة عبدالرحمن عبدالخالق وجمعية إحياء التراث الإسلامى فى الكويت، وتسمى أحيانا السلفية التنظيمية، لأنها تعتمد العمل الجماعى سبيلا لتحصيل السلطة والنفوذ السياسى، كما أنها تنشط فى ساحات العمل الخيرى والمجتمعى من وعظ وإرشاد ودعوة وأعمال بر وخير.
وبجانب السلفية العلمية والسلفية الحركية الإصلاحية، تبرز السلفية الجهادية، وتعتمد مبدأ الحاكيمة لله وجاهلية المجتمع، مع مبدأ توحيد الألوهية عند «ابن تيمية»، وترفع راية الجهاد ضد كل حكومة لا تعلى من شرع الله. وتتكون الجماعة السلفية على أى حال، من دعاة محترفين وغير محترفين، يلعبون الدور الأساسى فى الحفاظ على التقاليد السلفية واستمرارها، وتابعين يتحلقون حول هؤلاء الدعاة، وهم الجمهور المستقبل هذه التقاليد.
وفى الوقت الحاضر، استطاعت السلفية أن تتحول إلى ظاهرة عالمية، حين أمكنها أن تجتذب أتباعا من خارج المحيط العربى المقترن بها تقليدية، وتجوس فى أنحاء عديدة من العالم (باكستان، إندونيسيا، إثيوبيا، المملكة المتحدة، فرنسا، هولندا..)، لدرجة تحولت فيها إلى حركة معولمة عابرة للقوميات، رغم ما صاحب هذا الانتشار من صعوبة فى التكيف مع اللغات غير العربية، خاصة أن هذه اللغات تقطع الصلة بين نسق المعتقد السلفى ولغته الأصلية العربية.
وللحديث بقية
يتابع عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا المصرى الراحل دكتور محمد حافظ دياب فى كتاب «نقد الخطاب السلفى»، الصادر مؤخرا عن دار «رؤية» للنشر بقوله: وحيثما نجد أنفسنا مواجهين برؤية عقيدية مثل النزعة السلفية، فإنها حين تدخل حلبة التاريخ، تضحى خطابا يثير إشكالية أيديولوجية، يزداد وضوحها اعتبارًا من كون هذه النزعة لا تمثل معرفة متعالية خالصة، أو مجرد توجهات تنشد الترشيد العقائدى والتعبدى- بل شأنا يندمج فيه النظر بالممارسة عبر تحالف موصول بين الأنظمة الحاكمة والفقة السلفى، فيما يقوم بتأطير ذلك المجموع المتناسق من صور النزعة السلفية وأفكارها ومفاهيمها أو معاييرها، كمنطلق لصوغ رؤيا للعالم، كما يتولى إعادة إنتاج أنماط المعرفة وأساليب الممارسة وأنواع النشاط، بشكل يسعف فى عملية التعبئة، بما يتقاطع ضمنة من أشكال كثيرة لصيغ التعبير وإرادة التغيير، وما يعنية من دخول فى إطار الأيديولوجيا بكل ما تحمل من يقين جازم ومنطلقات جامدة، وما تؤول إليه من إفقار ذات الإسلام.
إن امتداد المنهج السلفى إلى مجال الممارسة، جعل المتكلمين باسمه ليسوا فقط أصحاب رؤية عقيدية بالمعنى الحصرى للكلمة، إنما أصحاب مواقف وردود على واقع الممارسة التعبدية، ومن ثم يكمن اعتبار السلفية نزعة احتجاجية على التطورات التى طرأت على المستويين الفكرى والتعبدى للدين:
فعلى المستوى الأول، يمكن النظر إلى السلفية كنمط يقتصر على استخدام المعجم الإسلامى الأصلى، ويتخذ من قيم الإسلام المعنى الذى يحدده هذا المعجم، كمعيار وحيد فى النظر والحكم، ومن النص الأصلى مرجعه النهائى فى التدليل والإثبات، دون أن يستوفى عناصر فكرية مستقلة من خارجة فى الغالب.
وعلى المستوى التعبدى، تروم السلفية إعادة تقنين الشعائر الدينية، بتوحيد نماذجها وكلماتها وإشاراتها وإجراءاتها، لكى تحافظ على النشاط الشعائرى الأصلى فى مواجهة البدع المستجدة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار المعنى الاجتماعى للعبادة، الذى لا يحصرها فى مجرد وسيلة يعبر بها المتعبدون عن علاقاتهم بالمعبود، ولكن فى الأساس إظهار للمشاعر وتعبيرًا جماعيا عن الموقف من الكون والحياة والعلاقات الاجتماعية، أمكن اعتبار السلفية توجها اجتماعيا يحاول من خلال عقيدته، رسم صوره مجتمع آخر أساسه التضامن العقيدى الذى يجعل الأمة جسدًا واحدًا يتضامن الكل فيه مع الجزء، ويدين كل جيل لسابقة برابط معنوى متصل، ويحمل على عاتقه أمانة نقلها إلى الجيل التالى، هو مجتمع أهل السنة والجماعة بأساسه القائم على الثبات على الإيمان كما أوجبت التعاليم النصية، وفهمها السلف الصالح المشهود لهم بالخيرية.
وعلى المدى، تولت السلفية استحضار وتوظيف عقيدتها وتحويلها إلى أيديولوجيا، حين توسع أنصارها فى الشق السياسى لمفهوم التوحيد من خلال مفهوم الحاكمية، وفى الشق الاجتماعى من خلال مفهوم الجاهلية، ومن الناحية الحركية العملية عبر مفاهيم: الجهاد، والجماعة، والطليعة وغيرها من المفاهيم التى أسست لخطاب جماعات العنف الإسلامى فى التاريخ المعاصر، مثل الطاغوت والولاء والبراء والشرك والبدعة والكفر، وجعلوه حاكمًا على سعة مفهوم التوحيد، وتشددوا فى أمور نسبوها للشرك والكفر والبدعة، وقسموا لذلك التوحيد أقساما تتطابق مع نظرتهم للشرك والكفر والبدعة.
وفى الوقت الحاضر، ترواح الأيديولوجيا السلفية بين توجهات ثلاثة رئيسية: السلفية العلمية، السلفية الإصلاحية، والسلفية الجهادية: فالسلفية العلمية هى المدرسة المنسوبة إلى «محمد أمان الجاص» و«ربيع المدخلى»، وتنحو إلى رفض كل أشكال التنظيم السياسى، والقبول بوجوب طاعة الحاكم ولو كان ظالما فاسقا، والانصراف إلى مهمة تحقيق النقاء العقيدى، وتقديم أولوية تحصيل العلم الشرعى والتربية على كل نشاط عام، ولا يعنى ذلك نفى انخراط هذه السلفية العلمية فى أعمال العنف، أما السلفية الإصلاحية، فمثالها حركة الصحوة والسرورية فى السعودية، وحركة عبدالرحمن عبدالخالق وجمعية إحياء التراث الإسلامى فى الكويت، وتسمى أحيانا السلفية التنظيمية، لأنها تعتمد العمل الجماعى سبيلا لتحصيل السلطة والنفوذ السياسى، كما أنها تنشط فى ساحات العمل الخيرى والمجتمعى من وعظ وإرشاد ودعوة وأعمال بر وخير.
وبجانب السلفية العلمية والسلفية الحركية الإصلاحية، تبرز السلفية الجهادية، وتعتمد مبدأ الحاكيمة لله وجاهلية المجتمع، مع مبدأ توحيد الألوهية عند «ابن تيمية»، وترفع راية الجهاد ضد كل حكومة لا تعلى من شرع الله. وتتكون الجماعة السلفية على أى حال، من دعاة محترفين وغير محترفين، يلعبون الدور الأساسى فى الحفاظ على التقاليد السلفية واستمرارها، وتابعين يتحلقون حول هؤلاء الدعاة، وهم الجمهور المستقبل هذه التقاليد.
وفى الوقت الحاضر، استطاعت السلفية أن تتحول إلى ظاهرة عالمية، حين أمكنها أن تجتذب أتباعا من خارج المحيط العربى المقترن بها تقليدية، وتجوس فى أنحاء عديدة من العالم (باكستان، إندونيسيا، إثيوبيا، المملكة المتحدة، فرنسا، هولندا..)، لدرجة تحولت فيها إلى حركة معولمة عابرة للقوميات، رغم ما صاحب هذا الانتشار من صعوبة فى التكيف مع اللغات غير العربية، خاصة أن هذه اللغات تقطع الصلة بين نسق المعتقد السلفى ولغته الأصلية العربية.
وللحديث بقية