الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كتاب ربيع النساء 3-3

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حديث النساء في ربيعهن هُنا، وفى لحظة تاريخية مفارقة، أتيح لى أن أوثق وأؤرخ فيها لأصواتهن المكاشفة، ولمنجزهن الطالع من رحم النضال والتغيير، هن اليوم بنسب تتصاعد وينتبه إليهن كعضوات برلمان، وكوزيرات، وكممثلاث لمجالس وعميدات بلديات، كما محاولتهن في مسارب الاقتصاد والعلوم، والثقافة والأدب والرياضة حاولت أن أبوب كل ذلك في كتابى «ربيع النساء العربي»، والذى يصنف كتابا سيرويا في مسارب المسألة النسوية، إذ هو كتاب حوارات ينبض بتاريخهن في الزمان والمكان ويضيء على معافرتهن وشجاعتهن، وقد طالعت كتبا حولهن تذهب أكثر باتجاه التعريف والإحاطة المبتسرة، فتبدو كبطاقة شخصية للقيادية الملهمة التى ناضلت وسجلت اسمها في سبق ما، إصدارات تقارب لتوثق كأطلس، ولا تذهب لحوارات تنحت في التجربة بشكل موسع، ما يجعلها فضاء رصد وبحث للمنشغلين والمهتمين بالنبش وطرح الأسئلة في مدى مقاومتهن لتيار نكوص وردة أيًا ما كانت تلك التيارات المعوقة للمسير والإنجاز، الذى يسهم في حركة وتقدم أوطانهن، وفى الكتاب «الحوارات» مسألة مغايرة أخرى حصلت في تاريخ شعوبنا، فالانتفاضات شاركت فيها النساء وتحملت ودفعت أثمانا غالية، مهما كانت ارتداداتها في يومنا هذا لكنها متغير يُنتبه له، حديثهن في ملامح سيرتهن عن الإجابة عن الأسئلة التى في بعضها وصل إلى خمس عشرة صفحة، جرى عقب المتغيرات الكبرى في أوطانهن، البوح الشفاف دون محظورات في لحظة تاريخية مفصلية، أكسجينها شغفهُ الحرية والمسئولية، والذى شُغل حيزهُ دون مختنقات القهر والحجب والإقصاء ولو لحين، سجلتُ رفقتهن حوارات في أوطانهن وخارجها، بوحهن بما هو كائن، وأمل أن يكون، ولم يكن ليتاح قبل هذا، ساعة أن أوطانهن عادت إليهن.
ما يقارب الخمسين سيدة فاعلة، قابلتهن عبر سنوات تتالت، في ليبيا، مصر، تونس، المغرب، قطر، لبنان، الأردن، جلسات حوارية منسابة معهن، ما لم أنجزهُ قبلا- وأنا بالصحافة منذ منتصف التسعينيات- بمحمول الشغف بمعنى الحرية في انسياب أسئلتي، ومثلهن من مثّلن مادة صحفية لجريدتى الخاصة، وهذا أيضا ما كان ليتاح لي، أن تكون لى جريدة «ميادين- تأسست بمدينة الثورة بنغازى مايو 2011 م»، وملحقها (تالة) ميادين المرأة، في بلد لعقود تأممت الصحافة فيه، وصودر الرأى والمنتج الخاص، أن أنشر فيها دون رقيب يُشهر بمواجهتى سيفه القاطع، وأن يُسمع صوتهن، كينونتهن، دون أن تكون مقترنة بسلطة تمنحها صك اعتراف، وتوقيع عبور لحياضه ولا حضور عندهن لغير شخصه الحاكم معلنا حالة عيش النفير والطوارئ من تشكيلات ثورية إلى حارسات مُسلحات!. وكنتُ أصدرت كتابين عن رائدات النهضة الليبية: نساء خارج العزلة، وليبية في بلاد الإنجليز. خديجة عبدالقادر، لكنهن لم يحظين بأى إشارة أو تقدير وقتها، ورحلن عنا دون اعتراف! عشنا في ليبيا نظاما شموليا، أعتبر أن تاريخ فاعليتهن بدأ فقط حين تسلط وحكم، وغير ذلك لاغٍ مقصي!.
قراء الحوارات بالكتاب سينصتون لِوقع حضورهن: أول لقاء موسع مع أول سجينة سياسية ليبية «فاطمة التايب» تُهمتُها ممارسة العمل السياسى بالانضمام لحزب معارض، في نظام ادعى تحرير المرأة، وقد جرم التحزب وضمن عقوبته قانونا بالإعدام، سالمة البويه، السجينة السياسية المغربية تخرج من سجنها متصالحة، لتقود حملة مؤزارة لأطفال السجينات وضمان حقوقهن قانونا، ورفقة زملاء تتبنى مشروع المشاركة في المصالحة والعدالة الانتقالية، سوريات الداخل والمنفى يحققن المستحيلات متابعات لقضايا المهمشات المعنفات، عبير السعدى من مصر تسجل كأول مراسلة حربية في تايلاند وكوسوفو واليمن وليبيا، زهيرة كمال أول امرأة فلسطينية منتخبة تقود حزب «وفاء»، وفى حياتها نضال التهجير وعيش المخيمات، أنيك كوجان رئيسة قسم التحقيقات في مجلة اللموند الفرنسية أول صحفية أجنبية تدخل وكر القذافى في تحقيق استقصائى عن «حريمه» ستنجزهُ كتابا «طرائد القذافى»، المراسلة ماسيمو أوكتافيا الإيطالية الفاتنة رفقة الثوار بقلب معركة تحرير طرابلس والجنوب 2011م. وتطلق لغة جسدها، المسرحية الأردنية أسماء كمال، وتقاوم عِلتها ومثيلاتها بالعمل كفراشة ضوء بين مسارح العُرب والعالم.
اليوم عالم متغير، العولمة، عالم الرقمنة والاتصال، تجعل النساء في خضم الحاصل، لا استثناء فيه عنهن، ولا مفر من أن يتقدمن لإحراز موقعهن، في خارطة الزمن الضاج بالمتغيرات، والذى يُيُسر ويُعلى الإعلان عن الذات، ما عليها إلا أن تُظهر ذاتا فاعلة، وليست ذاتا تابعة.