الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل أغلق الله أبوابه في وجوهنا بكورونا؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الله أبدا لا يغلق الأبواب في وجه العباد، هؤلاء الذين جعلوا أنفسهم متحدثين باسم الله ويدعون أن الله أرسل كورونا ليغلق المسجد الحرام والمسجد النبوي في وجوهنا بسبب بعدنا عنه.. أقل ما يمكن وصفهم به أنهم لم يقرأوا يوما في دينهم فالله في كل آياته يدعو المسرفين في ذنوبهم إلى التوبة وأن أبوابه مفتوحة حتى يوم الساعة، وأن رحمته وسعت كل شىء، كما أن الفيروس لم يصب بلاد المسلمين فقط، أفيقوا من سباتكم وغيبوبتكم والتحقوا بركب العالم، لا بد أن نصارح أنفسنا الآن لقد وصل عالمنا العربي لمرحلة المشاهد "العبيط" فقط نشاهد وحتى لا نفهم ما نشاهده.. في وقت الرخاء نحيا بلا مبالاة ونصبح أساتذة في علوم الفتي والتنظير، وما دام الكل يتحدث ولا أحد يسمع إلا أن تأتي المصيبة للجميع وكالعادة نبدأها بتأخر معتاد في الإدراك ثم نبدأ في اتهامات سخيفة فيما بيننا بأن الشعب الفلاني لا يعرف عن النظافة شىء وسيتسبب في مصيبة ولا بد من طردهم من بلادنا، ثم تشتد المصيبة وندرك أن أكثر شعوب العالم تقدما تسقط فتبدأ عقولنا العربية في الشوشرة والتوقف عن ابتداع حجج وتدرك أن الكارثة لن تنفع معها علوم الفتي التي تعودنا عليها ليبدأ العالم في مشهد يبدو الأقرب لمشاهد الخيال العلمي حول نهاية العالم روما التي كانت تعج بالحياة مدينة للأشباح والموت وشوارعها أقرب للمقابر.. باريس عاصمة النور والحرية أصبحت ميادينها أقرب لصور تم التقاطها من كوكب تحطمت فيه الحياة لفيلم من أفلام هوليود الخيالية.. كل تلك المشاهد لم تؤثر في مشاعرنا المتبلدة ولم نعي أصلا لماذا يُخلى العالم مشاعر الحياة من شوارعه ليحفظها مؤقتا داخل منازله خيرا من أن يفقدها للأبد.. كل مشاعر عدم الإدراك لأغلبيتنا في العالم العربي لحجم الكارثة لم يكن غريبا وحتى مظاهر العودة الشكلية إلى الله كانت متوقعة رغم أنه من أمرنا بالعلم والعمل، إلا أننا حولنا قدسية الله إلى حجة التواكل وتفسير العجز واليأس بل وفي أزمة كورونا حولنا فشلنا وعجزنا على فهم ما يجري إلى التقول على الله كذبا بأن الله أغلق أبواب الحرم والمسجد النبوي في وجوهنا لأننا عصيناه وبعدنا عن طاعته ورغم أنه سبحانه وتعالى لم يترك لنا بابا للتقول على رحمته وفتح أبواب رحمته وأبواب التوبة في كل سور القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
إصرار غريب على الزج بالله سبحانه وتعالى لتفسير عجزنا عن الفهم وكسلنا عن العمل.. يا سادة لماذا نخجل بأننا استعنا بالعلم ونحن البشر من أغلقنا أبواب المسجد الحرام والمسجد النبوي وتقديم قاعدة شرعية بأن درء المفاسد مقدم على كسب المنافع وهي قاعدة أقرب للدين والعلم معا، وأن التاريخ الإسلامي به الكثير من المواقف المشابهة وانتشار للأوبئة أوقفت الحياة واتخذت قرارات أصعب مما نفعله الآن.. لماذا تملأون الدنيا بعويلكم وحديثكم نيابة عن الله بأن هذا غضبه علينا طردنا من بيوته ومساجده.. هل كان سيسمع أحد صوتكم لو أصاب الوباء مئات الآلاف من زوار بيته الحرام.. في الحقيقة ربما كنا نسمع منكم التشكيك في وجود الله وقدرته على حماية زوار بيته من الأوبئة، (حاشا الله) فعقولكم وإدراككم السطحي للأمور يمكن أن يقودكم لكل النتائج المضادة فالحقيقة.. وهل غضب الله على شعوب أوروبا وقرر حرمانهم من شوارع وميادين اللهو والمرح والفجور كما تعتقد شعوبنا العربية؟.
الحقيقة يا سادة أننا تأخرنا عن الركب العالمي تجاهلنا العلم لأزمان طويلة فأصبحنا في هذه الحالة من الغرق الفكري للبحث عن تفسير غير منطقي لأي كارثة ونتقول على الله كذبا ثم ننتظر الحل من أيدي بلاد الكفرة كما نصفهم.. كفانا غيبوبة فكرية وضعف إيمان بالله وادعاء عكسي بذلك لا بد أن نصارح أنفسنا كعرب بأننا في ذيل العالم.
الأمور الإلهية عظيمة، فكورونا هذا الفيروس التافه وسط القدرة العلمية والتكنولوجية الرهيبة التي وصل إليها العالم ضرب واحدة من أعظم آيات الله أوقف حياة البشرية في أكبر دول العالم ووحد الإنسانية وعلم الجميع أنه لا فرق بين دولة متقدمة وأخرى متخلفة عرف الجميع الآن إن تأخر إنسان عن ركب العلم في منطقة بالعالم قد يؤدي لنهاية العالم، وأعتقد أنه بعد هذا الدرس الإلهي الذي أدركه الجميع ستكون هناك مسئولية عالمية تجاه كل شعوب الأرض التي تحتاج إلى مساعدة.
شكرا كورونا أخلاق العالم ستكون مختلفة بفضل واحدة من آيات الله للبشر أجمعين.. فقط ما أخشاه أن نخرج نحن العرب بنفس العقلية التي لا تؤثر ولا تتأثر ولا تتفاعل مع أي مؤثرات.