الجمعة 07 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

بعد منعها بسبب كورونا.. تعرف على تاريخ الشيشة في مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتخوف الكثيرون من إمكانية نقل عدوى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" عن طريق تدخين الشيشة في المقاهي العامة، لذلك نال قرار منع تقديم الشيشة في المقاهي وتغريم من يخالف ذلك ترحيبا كبيرا لعدة أسباب أولها التوسع في الإجراءات الوقائية والاحترازية من أجل مواجهة احتمالية انتشار كورونا المستجد، ثانيها إعطاء فرصة للمدخنين للإقلاع عن تلك العادة السيئة التي تضر بالجهاز التنفسي وخاصة الرئة.
في السطور التالية نستعرض أجزاء مهمة من تاريخ تناول الشيشة في مصر وذلك وفقا لرؤية الروائي الراحل جمال الغيطاني الذي اعتبرها نوعا من التدخين سوف يندثر في السنوات المقبلة، ويتم وضع الجوزة والنرجيلة في المتاحف ليتعرف عليها الناس، وذلك وفق ما جاء في كتاب له بعنوان "ملامح القاهرة في ألف سنة".
يلتقط الغيطاني خيوط حديثه حول النرجيلة والتدخين بداية من معرفة الأمريكان لمادة التبغ، قائلا: "كانت البداية من أمريكا، عندما رأي البحارة الأوروبيون هنود القارة الجديدة يدخنون هذه المادة التي تبعث دوارا خفيفا، التبغ، ومنها انتقل إلى أوروبا ثم إلى الشرق، وظهر الدخان في مصر سنة 1012 هجرية، وأثار ظهوره خلافات حادة بين علماء المسلمين".
وقد صدرت قرارات بمنع تدخين الشيشة والنرجيلة لعدة أسباب منها الأسباب الدينية حيث تبنى كثير من المشايخ الرأي القائل بتحريمها، ومن مواقف المنع ينقل الغيطاني عن المؤرخ المتأخر عبدالرحمن الجبرتي " أن الوالي العثماني أصدر أمرا بمنع التدخين ونزل معه الأغا وتابع بنفسه المنع، حتى أنه كان يعاقب المدخن بإطاعمه الحجر الذي يوضع فيه الدخان بما فيه من النار".
ويتابع الغيطاني وصفه لهذا الآلة المستخدمة في التدخين: 'النرجيلة مشتقه من لفظ النارجيل، الاسم الذي يطلق على ثمرة جوز الهند، يمكن القول إن ترجمته الحرفية تعني الجوزة وهو الاسم الذي تعرف به النرجيلة الشعبية في مصر، لأنها كانت مكونة فعلا من ثمرة جوز هند مفرغة وتثقب مرتين ثقب يوضع فوقه الحجر وثقب تنفذ من خلاله أنبوبة خشبية يتم من خلالها استنشاق الدخان الذي يمر خلال الماء الموضوع في الجوزة نفسها".
وصف الرحالة والعالم الدنماركي كريستين نيبور _ وفق كتاب الغيطاني_ الجوزة المصرية التي لم تتغير ملامحها حتى أوائل هذا القرن وعندما ارتفعت أسعار ثمار الجوز فاستبدل به كوز صفيح فارغ أو زجاجي وهذا ابسط الأشكال الشعبية للنرجيلة، ويدهن بواسطته المعسل وهو الدخان الممزوج بالعسل ويعرف في المقاهي المصرية باسم البوري أو المصري، يقول كرستين نيبور إن العامة يدخنون الجوزة للتدفئة أيضا، ولكن النرجيلة الأنيقة التي تستبدل فيها الجوزة ببرطمان زجاجي فإن كرستين نيبور يطلق عليها النرجيلة الفارسية.
وينتقل الغيطاني إلى حديث الرحالة إدوارد لين الذي وصف وصفا أدق للنرجيلة في مصر، قائلا: "الشيشة كلمة فارسية تعني زجاج، وهو الاسم الذي تعرف به النرجيلة الآن في مصر، وهذا الاسم نتيجة الوعاء الزجاجي الذي يمليء بالماء إلى قدر معين ليمر الدخان من خلاله، ويقول لين إن التدخين يتم من خلال إنبوبة طويلة لينة "تسمى لي". 
عرض مؤلف "ملامح القاهرة في ألف سنة" لعدد من المقاهي التي اشتهرت بتقديم الشيشة في مدينة القاهرة في السنوات الماضية، فهناك مقهى عرابي في ميدان الجيش، ومقهى الفيشاوي في الحسين، ومقهى نوبار الذي يغني فيه عبده الحامولي، ومقهى الكتبخانة أمام دار الكتب، ومقهى الشيشة في شارع الجمهورية.
ويتحدث الغيطاني عن مقهى كانت تحمل اسم "الندوة الثقافية": وأشهر مقهى في القاهرة لتدخين النرجيلة مقهى الندوة الثقافية في ميدان باب اللوق تم بناؤه في سنة 1920 بشارع منصور بالقرب من مكان الغرفة التجارية الآن، ثم هدم في 1959، كان يجلس عليه عدد من الكتاب والأدباء.
ويلقي الضوء على تاريخ مقهى الفنانة الراحلة بديعة مصابني، قائلا: أهم المقاهي مقهى الأوبرا أو ما كان يعرف في الثلاثينات والأربعينيات باسم كازينو بديعة نسبة لصاحبته بديعة مصابني، كانت تقدم فيه النرجيلات للزبائن، كل زبون له "لي" خاص به مكتوب فوقه اسمه، لا يدخن به شخص آخر، وكان الحجر يقدم محفوفا بالزهور، وفي الماء توضع ثمرات من الكرز، وكان يجلس بالمقهى عدد من كبار رجال السياسة والاقتصاد والأدباء وأهمهم نجيب محفوظ.
يعتقد الأديب الراحل جمال الغيطاني أن السنوات القليلة المقبلة سوف تشهد تغيرا كبيرا في تعاطى الناس مع الشيشة قائلا: "على أية حال، فالنرجيلة ماضية في طريق الانقراض، ولن تمر سنوات طويلة قبل أن توضع في المتاحف.