الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كتاب ربيع النساء 2-3

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نساء الربيع العربي، ذاك ما جرى اعتماده عنوانا مبدئيا للكتاب «الحوارات» مع خمسين سيدة ملهمة قيادية قابلتهن كناشطات ورائدات في مجالات عدة، لما عبر عنه توقيت إجراء جُل هذه المقابلات، فزمنها عام 2011 وما بعده، وهو حدثٌ عربى مفارق ومفصلي، خرجت فيه شعوب صرخت بمطالبها،حقوقها، ودفعت أثمانا، أرواحا ودماء، وفقدا، وهجرة ولجوءا، وأتيح فيه أن تحضر الأنا الحرة مُزيحة بانتفاضتها الأنا المقموعة، وحيث شاهدنا كما لم نشهد المرأة العربية المقدامة في الُمقدمة، وكما لم نشهد رأينا عملا حثيثا لقمعهن، بحجبهن وتخميرهن في نفس الوقت، بل وجعلهن كبش فداء يطاردهن ملك الموت، المتطرف، عدو الحياة.
وكنت أهديت الكتاب إلى السيدتين: فريحة البركاوى عضوة البرلمان الليبى 2012، والتى قدمت استقالتها عندما انتهت المدة الدستورية المقررة له، هى الكشافة، والمبرزة في العمل التطوعى بمدينتها بنغازي، ثم درنة، وقد اغتيلت فيها يوليو 2014 من جماعة متطرفة. وفوزية خريبيش طالبة كلية التربية التى وقفت في وجه القذافى، وخاطبته بالمدرج الجامعى بطرابلس، حين قرر وقف عمل اتحاد الطلاب، وعسكرة الجامعة، وإدخال قوى لجان أمنية تكتب تقاريرها في الأساتذة والطلاب، لو فعلت ذلك فأنت لا تختلف عن أى ديكتاتور، فنالت عقابا بحرمانها من الدراسة، والعمل، والسفر لسنوات. وبالكتاب مقابلة موسعة معها، ولعلها وحيدة كاشفة لسيرتها بوقائع، ما أتيح أن تبوح به عقب ثورة فبراير 2011. وفى صفحة المفتتح،انتقيت جملة طالعتها في دراسة نسوية لمجلة الجامعة الأمريكية «ألف» الفصلية، للباحثة النسوية هلينا سيسكو، جزائرية المولد والنشأة، فرنسية الإقامة، صاحبة كتاب «أحلام المرأة الوحشية»،عُرفت بدعوتها: اكتبى نفسكِ، وكان قولها الذى يرى تكافؤ كينونة المرأة والرجل، وإن بدا قولا تقليديا لكنه في خلفيته يدعو إلى مراجعة تراث تاريخى / ديني، وأدبي/ أسطوري، أصدر أحكاما مطلقة عن المرأة، ودبج تراثه، مواده،التى جرى تداولها عبر حقب طويلة، بتوكيده رؤية كفيلة بإبقائها في مدى إقصائى مُصادر لحقوقها الإنسانية، كتبت هلينا: «..المرأة، التى هي، ليست دمية، ولا جيفة، ولا بلهاء، ولا ضعيفة، بل بهية، مهيبة، قادرة، بارعة، محبوبة».
وفى سياق الرد على التقليل (والإهمال) من أهمية التدوين للسيرة الإنسانية المفارقة في مكانها وزمانها، حاولت في مستهل كتابي، تقديم دفاعاتى عما انشغلت به منذ انتهجت طريقى في دراستى العليا بالعلوم الاجتماعية (1997)، وقبلها العمل الصحفى الإعلامي، كون كل من انشغل في تاريخنا بالحفظ والتوثيق، علمنا ما يمكن أن نتخذه دليلا، وإجابة عن مشروع جدير بأن تؤصل له مؤسسات حكومية وتجند له خارطة طريق وميزانية تشمل التنقلات، والحفظ والإتاحة عبر وسائط عدة مكتوبة، وسمعية بصرية، كما توظف الراصدين والملاحقين لمن وضعوا اللبنات المبكرة لمسارب عدة في أوطانهم، كانت عصية في محيطها، أو مبتكرة سابقة في تاريخها، لذلك يأتى الكتاب الخاص بسيرتهن، بكوننا نوثق حفظا في أضبارة وسجل التاريخ العام، ولِحقهن في ذاكرة أوطانهن وسجله الخاص، وهنا تنظيم الذاكرة وتعزيزها والدفاع عنها، وللتأريخ لمن تقدمن بخطوهن كمبتدأ طريق، وجسر عبور للآخرين والأخريات في مواجهة السياق الاجتماعي والسياسى والاقتصادى الذى أغلبه نابذ طارد، وعلى ذلك هن ملكن روح المقاومة لنزعات السيطرة والقمع والتهميش، وهنا السيرة وثيقة تاريخية، كما نوثق لخلق القدوة، والدفع بروح المبادرة والإقدام، ليكُن مشعلا ودليلا لكل من ينتهج مشروعا وتواجهه خطوب شتى، هن أحلّن صفر البدء إلى رقم، نوثق كى نبحث وندرس ماهيتهن، كيف ومتى ولماذا غامرن وأنجزن مشاريعهن؟، وهنّ الفاعلات في الميادين ومنها أمكنة الخطر، وبين الناس، لا الُمنَظّرات فوق المنابر !، هنّ المُشّكِلات ما بحاجة لنظر، وحتى من يكتبن، سيرتهن بحاجة لتوثيق، لمعرفة كيف تسن لهن ذلك؟، نوثق كى نقول للأجيال اللاحقة، هؤلاء كن بتعبهن ومعافرتهن للسائد، فأصبحن بمنجزهن أيقونة وعلامة، هن الُملهمات، كما صنوها، الُملهمون في مشوار الحياة، رفعا لقيمة ذواتهم بالسعى والعمل، وأدوارا مشتركة في بناء الوطن.