الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سد النهضة مشروع شيطانى لتدمير التراث الإنسانى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لولا مصر لما كان العالم يعيش الآن في تحضر ومدنية، فمصر والحضارة المصرية هى منبت الحضارة الإنسانية منذ بداية، وجود الإنسان على هذه الأرض، والتى انتقلت عبر اليونان والرومان إلى أوروبا، ومرت الحضارة الإنسانية بمراحل عديدة وثقافات مختلفة، حتى وصلنا لما وصلنا إليه الآن في التحضر الإنسانى، ولن أتحدث كثيرًا عن عظمة الحضارة المصرية القديمة، وكيف كانت مصر أول دولة في التاريخ تأخذ شكل دولة حقيقية، ولها أنظمة سياسية ودبلوماسية وقضائية، وأسست قواعد العلم والمعرفة، وجعلت العالم يعرف ما هى الكتابة، وكما قال المفكر والمبدع الكبير جمال حمدان، إن مصر أعطت للعالم أكثر مما أخذت في مقياس الحضارات، وأن الحضارة المصرية عبر التاريخ أسهمت بالنصيب الأكبر مقارنة بجميع دول العالم في الحضارة البشرية بوجه عام عبر كل الأزمنة، فكانت مصر هى فجر الضمير، والتى أشرقت بنورها على العالم في الوقت الذى كان العالم أجمع يعيش في ظلام الجاهلية، والفضل في هذه الحضارة هى نهر النيل الذى كان حجر أساس الحضارة الإنسانية في التاريخ الإنسانى، فلولا هبة الله لمصر بنهر النيل لم يكن العالم يعرف ما هو التحضر والمدنية.
لذلك فأى مساس بنهر النيل هو تدمير للحضارة الإنسانية والتراث الإنسانى وفناء تاريخ وأصل الإنسان على هذه الأرض، لذلك أتعجب من الصمت الدولى على بناء سد النهضة الذى سيقضى على التاريخ الإنسانى والحضارة الإنسانية، أين المجتمع الدولى ومنظمة اليونسكو المنوط بها الحفاظ على التراث الإنسانى من هذه الكارثة الإنسانية والحضارية، لماذا الصمت على هذا المشروع الشيطانى؟ والذى سيدمر تاريخ الوجود البشرى وتحضر الإنسان، والذى هو ملك لكل الإنسانية وإرث للبشرية أجمع وليس لمصر فقط، مشروع سد النهضة ما هو إلا بداية تدمير ومحو التراث الثقافى والإنسانى للبشرية، والدليل على ذلك هو إصرار إثيوبيا وتعنتها في التفاوض الدبلوماسى، وكأنها تستهدف تدمير الحضارة والإرث الثقافى الإنسانى العالمى.
فلنتذكر المجهود العظيم الذى قامت به منظمة اليونسكو تجاه معبد أبو سمبل وآثار ومعابد جزيرة فيلة، من الغرق والتدمير في بداية ستينيات القرن الماضى، لإنقاذ التراث الإنسانى والمعروفة بحملة إنقاذ اَثار النوبة، وكان هذا الإنجاز والإعجاز العظيم التى قامت به اليونسكو في هذا الشأن هو انطلاقة مسيرة حماية التراث العالمى التى عملت عليه حتى يومنا هذا، حتى أصبحت حائط السد المنيع الذى يحمى كل ما يمس الإرث الثقافى البشرى.
لذلك أتعجب من صمتها وصمت المجتمع الدولى على مشروع تدمير الحضارة الإنسانية، هل هى لا تدرك تأثير هذا المشروع على الحضارة الإنسانية والتاريخ البشرى والإرث الثقافى، أنا أحاول أن أجد تفسيرًا على موقفها وموقف المجتمع الدولى تجاه هذا المشروع الشيطانى لكنى لا أجد أى تفسير لذلك!!
لماذا تصمت النخب الثقافية والمفكرون وعلماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا والباحثين وأساتذة التاريخ، ونخب علم الحضارات. لا أناقش ولا أرغب في نقاش فنيات بناء هذا السد وحصص المياه وحق مصر في مياه النيل وحق مصر في الحياة، أنا أتحدث هنا عن تدمير الإرث الإنسانى ومحو تاريخ وأصل الحضارة البشرية التى هى ملك للإنسانية أجمع، يجب التحرك فورا وحشد المجتمع الدولى، وتحرك النخب الثقافية والعلماء والباحثين لإنقاذ التاريخ والحضارة الإنسانية من التدمير، يجب علينا الاتصال فورًا بمنظمة اليونسكو وإشراكها معنا في إنقاذ التراث الإنسانى ووقف هذا المشروع الشيطانى.