الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شبكات التواصل الاجتماعي وأزمة فيروس كورونا المستجد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثارت تعليقات غير المختصين على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك وتويتر وغيرها، حول تطور الأحداث في انتشار فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، حالة من الذعر والخوف والارتباك بين المواطنين، وأحدثت آثارًا اجتماعية واقتصادية خطيرة. وفى هذا المقال نرصد خطورة الانسياق وراء الشائعات المغرضة، والآراء المغلوطة، الصادرة من غير المختصين، وإغفال آراء العلماء والخبراء والمنظمات الدولية والجهات العلمية المتخصصة، حول موضوع هو في الأساس علمى وطبي، وأثر ذلك على الحياة اليومية للملايين من البشر.
وخطورة تعليقات غير المختصين، هى الوصول إلى أعداد كبيرة من المواطنين، وخلق رأى عام، وإحداث حالة من البلبلة والارتباك، وتضخيم للآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد، دون أساس علمى أو دراسة متخصصة في مجال الفيروسات التنفسية. وبنظرة عامة على تاريخ معاناة الإنسان مع الفيروسات خلال القرن العشرين، والعقدين الماضيين من القرن الحادى والعشرين، نجد أن التقدم العلمى قد نجح في التقليل من خطورة الميكروبات بصفة عامة، والفيروسات بصفة خاصة. ففى عام ١٩١٨، قتلت الإنفلونزا الإسبانية أكثر من خمسين مليونًا من البشر. وفى عام ١٩٥٧، قتلت الإنفلونزا الآسيوية مليونين اثنين من البشر، وفى عام ١٩٦٨، قتلت قرابة مليون واحد من البشر. وخلال القرن الحالي، حدثت جائحة سارس (SARS) في ٢٠٠٢، وفى سنة ٢٠٠٩، حدثت جائحة إنفلونزا الخنازير (H1N1)، والآن، ومنذ ديسمبر ٢٠١٩، وحتى اليوم، يتعرض العالم لموجة جديدة من فيروس كورونا المستجد. ونحمد الله أن الوفيات في كل الجائحات التى وقعت في القرن الحالي، كانت عدة آلاف فقط، وهى أعداد محدودة بالمقارنه بالأعداد التى حدثت في القرن الماضي.
وإذا كنا لاندعو إلى التهويل والتضخيم وترهيب المواطنين، فإننا أيضًا لا نشجع على الاستهانة بالموجة الحالية من فيروس كورونا المستجد، بل يجب المتابعة اليومية، وإعطاء المعلومات الدقيقة بشفافية كاملة، واتخاذ كل الإجراءات الوقائية التى تنصح بها منظمة الصحة العالمية.
وفى هذا السياق، فلا بد أن نثمن مجهودات وزارة الصحة المصرية، والتى اتبعت كل الإجراءات الوقائية التى تطلبتها الأزمة. ولقد أحدثت زيارة الوزيرة د.هالة زايد للصين، ونقلها لرسالة دعم من الرئيس السيسي إلى رئيس الصين، دويًا إعلاميًا إيجابيًا يحسب للقيادة المصرية. وبحق فقد قامت الصين بمجهودات محمودة للحد من خطورة انتشار المرض، وسخرت كل إمكانياتها المادية والبشرية، بل واستعانت بالجيش الصينى لإنشاء مستشفيات لعزل المصابين، مما استوجب توجيه الشكر لها والاستفادة من خبراتها.
ولقد أحدثت الضجة الإعلامية، في الصحف العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي، حالة من الذعر غير المبرر، أدت إلى حدوث ردود أفعال من بعض الدول لاتتناسب مع الحقائق العلمية التى تنشرها الجهات العلمية مثل المركز الأمريكى للحد من خطورة ومنع انتشار الأمراض المعدية (CDC)، وغيرها من الهيئات العلمية المتخصصة. 
وعلى سبيل المثال، لايوجد علميا ما يستدعى طلب بعض الدول الشقيقة، لوقف الرحلات القادمة من مصر، أو لطلب تحليل PCR للمصريين الراغبين في السفر، أو غيرها من الإجراءات التى تحد من حرية السفر والانتقال للمصريين. حيث إن مصر ليست هى مركز المرض، وليست من الدول ذات المعدلات العالية الانتشار، مثل كوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا. وأن كل الإصابات وحتى الوفيات كان مصدرها أجانب جاءوا من مناطق ذات معدلات انتشار عالية. 
وبحق، فقد كانت مواقف الحكومة المصرية وخطة الطوارئ التى ترأسها رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولي، ووزراء الصحة والتعليم والتعليم العالي، في غاية التعقل والموضوعية والهدوء، وتعاملت مع الأحداث بأسلوب علمى دون تهويل أو تفريط.
ولقد أحدثت الضجة الإعلامية المبالغ فيها آثارًا جانبية على الحياة اليومية لملايين البشر في معظم دول العالم وأحدثت آثارًا اقتصادية سيئة على معظم البورصات والأسواق العالمية، حيث خسرت البورصة المصرية قرابة العشرين مليار جنيه، يوم الاثنين ٩ مارس. وتهاوت أسعار النفط في الأسواق العالمية، وسادت حالة من الذعر في كل الأوساط المالية الدولية. وفى تقرير لمجموعة مكنزي
McKinsey and Company
تحت عنوان «تأثير مرض كوفيد ١٩» على المخاطر التى تواجه ريادة الأعمال، وضعت الدراسة ثلاثة احتمالات للمرض، وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي، بطريقة علمية.
الاحتمال الاول: هو انتهاء انتشار المرض مع مجئ أشهر الصيف أو ظهور طُعْم جديد للفيروس. وعندها سوف يتعافى الاقتصاد العالمي. وهذا الاحتمال هو الأغلب، حيث إن هذا ما حدث مع إنفلونزا الخنازير عام ٢٠٠٩.
الاحتمال الثاني: وهو استمرار انتشار المرض بنفس الوتيرة خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٠، وسوف يصاحب ذلك حدوث تباطؤ للاقتصاد العالمي.
الاحتمال الثالث: وهو الأخطر، ولكنه الأقل في نسبة الحدوث، وهو انتشار الفيروس على نطاق واسع واستمراره إلى النصف الثانى من العام، ويتحول إلى جائحة عالمية (Pandemic) تشمل الدول الأكثر فقرًا في أفريقيا وأمريكا الجنوبية والهند وجنوب شرق آسيا، وعندها سوف يحدث ركود في الاقتصاد العالمي.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن تنتهى الموجة الحالية من فيروس كورونا المستجد بأقل الخسائر، وأن تنتعش السياحة، وأن تنعم بلادنا بالرخاء والاستقرار. كما أهيب بكل المصريين أن نتحرى الدقة في المعلومات التى ننقلها أو نكررها، وأن نثق في المعلومات والإجراءات التى تتخذها الحكومة المصرية. وأن نتوقف عن نشر كل مايسبب الضرر لمصر، سواء كان عن قصد أو عن غير قصد، وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي.