جميل أن يكون لدينا علاقة بأجدادنا، جميل أن نحيا في كنفهم، أن تشرب من ماء حكمتهم، وتستظل بحكمتهم. تمشى في الحياة رافعًا هامتك تدب على الأرض وأنت تكبر من عام لعام تنتقل من الطفولة إلى الشباب إلى أدوار جديدة في الحياة العملية وأنت تراهم يكبرون تتزايد السنوات على كواهلهم التى تضعف بينما يقوى كاهلك وتتزايد عليه الأحمال وكأنها صيرورة الحياة وديمومتها وعندما يرحلون لا يبقى منهم سوى الكلمات. المواقف التى رأيتهم فيها كبارًا حازمين بمعنى الكلمة والتى رأيتهم فيها ضعافًا أمام مشاعرهم صامتين أمام جلال الموت. جميل أن تزور قبورهم أن تقرأ بيتا من الشعر فيرن في ذاكرتك بصوتهم من بعيد كما لو كنت تسمعه في بيت واسع أبيض مضىء وخال من الأثاث. أسمع صوت جدى الآن (مشى الطاووس يوما باختيال - فقلد شكل مشيته بنوه/ فقال لهم علام تختالون؟ - قالوا بدأت ونحن مقلدوه/وينشأ ناشىء الفتيان منا - على ما كان عوده أبوه) وصوت جدتى الحنون وهى تضغط على كتفى في أحد المواقف التى خذلت فيها (بقرت شويهتى وفجعت قلبي - وأنت لشاتنا ولد ربيب /غذيت بدرها وربيت فينا - فمن أنباك أن أباك ذيب/ إذا كان الطباع طباع سوء - فلا أدب يفيد ولا أديب). كان جميل أن أتفقد بعض الكتب التى بقيت، آثارهم خطاباتهم المنمقة تلغرافات قديمة أظرف صغيرة مكتوب عليها بالحبر بعض أوراق مكتوبة بقلم الكوبيا البنفسجية أوراق أجندة قديمة بها رسم لأنواع مختلفة من الطفيليات وطريقة تمييزها تحت الميكروسكوب وطريقة علاجها بخطة المنمق الذى يشبهه خط أبي. كان جميلا أن أعثر على كتاب طبعته الأولى عام 1347 هجرية - 1928م. مكتوب عليها (مجموعة تشتمل على تأليفات للحسيب النسيب مولانا السيد عبدالمجيد الشهاوى حفيد سيدنا موسى بن عمران شقيق شيخنا السيد إبراهيم الدسوقى الحسينى نفع الله بها المسلمين) تحتها كتب تنويه أنقله كما هو (طبعت على نفقة السيد عبدالحميد الشهاوي - نجل المؤلف) طبع الكتاب في المطبعة الرحمانية بمصر لصاحبها عبدالرحمن موسى شريف. كان الكتاب مكتوبًا عليه بخط اليد أنه هدية من محمد محمد الشهاوى إلى الأخ عبدالحميد أفندى يوسف الحنفي. 28/12/1951. سألت نفسى وأنا أنظر إلى التواريخ ترى هل أهداه إلى جدى عبدالحميد عام 1952 تقريبًا ليقع في يدى وأكتب عنه في العام 2020؟ مكتوب في مقدمة الكتاب أنه لشيخنا وقدوتنا الحبر الإمام الجليل الفاضل الحسيب النسيب مولانا السيد عبدالمجيد الحسينى الشهاوى النبيل.نزيل نمرة البصل التابعة لمركز المحلة الكبرى غربية والمتوفى بعد فجر يوم الخميس غرة المحرم سنة ست وأربعين بعد ألف وتلات مائة من الهجرة النبوية عن نيف وسبعين سنة نفعنا الله به وجعلنا في الدارين من حزبه. الكتاب يجمع بين الشعر والنثر وهو لمولانا عبدالمجيد الشهاوى المدفون في بلدى ويوجد جامع يحمل اسمه كان جدى لأمى يؤم فيه الناس للصلاه ويخطب فيهم كل جمعة. لم أكن أعلم بعد كل هذه السنوات أننى سأعثر على مفتاح الباب وباب الحقيقة وأعثر على كنزه الصوفى هذا الذى بين يدي. أعرف نسبه المسجل بنقابة الأشراف المصرية ضمن أنساب السادة الشهاوية بتاريخ الحجة سنة 1320 - مارس 1903 يقول نجله عبدالحميد الشهاوى ناظمًا نسبه: ياطالبا علما بنسبة شيخنا - عبدالمجيد بن الشهاوى ذى الحسبْ/ هو نجل ذى الفضل الدسوقى الذي - للعلم والصوفية الفضلى انتسبْ/ وهو ابن أحمد نجل من يدعونه - عبدا لرحمن تعالى واحتجبْ/ وهو بن ذى الشيم الكريمة والتقى - عبدالمجيد وقبره بشها انتصبْ فهو الشهاوى نسبة لشها وقد- عرفت بنوه به فكان لهم لقب. يحتوى الكتاب على مفاتيح الفلاح وهى مقطوعات نثرية من الألف إلى الياء كل قطعة تختص بحرف أبجدى لصلوات على النبى المصطفى. ثم سراج الفؤاد في الصلاة على خير العباد. وبعدها يأتى الشعر في قصائد ممتدة تبدأ بـ - الشراب الأحلى في ذكر أسماء العلى الأعلى - القصيد الهائية - المنهل الوارد في أسماء الله الواحد - روح الأرواح في أسماء الفتاح - القصيدة العينية في التوسل بالأسماء العلية - الالتجاء والفرار للإله الواحد القهار - صافى الشراب في التوسل بالكتاب. يقول عالمنا الجليل عبدالمجيد الشهاوى في قصيدة الشراب الأحلى في ذكر أسماء العلى الأعلى: إلهى توجهنا إليك بذلة - لتعفو وترحم يا كريم مذلتي/ وفضلك يا مولاى توتيه من تشا - وأسماؤك الحسنى الجليلة عروتي/ فيارب يا الله ذا المجد والثنا - بفضلك فاسمح لى بمحو إساءتي/ وها أنت رحمن رحيم فاسقني - مصفى شراب الحب أحلى المدامة. كهذا غرقت في قصائد صوفية يناجى فيها ربه ويصلى على النبى الأمي. وتمنيت أن يقرأ أحفاده هذا الكتاب ليعيدوا طباعته ليصل إلى القراء من الصوفيين والقراء العاديين وبخاصة في شها حيث دفن. أنا فخورة بما عثرت عليه فخورة بتقديمه واكتشافه وسأواصل الجهد لتصل الرسالة على أكمل وجه في المستقبل القريب.
آراء حرة
مولانا عبدالمجيد الشهاوي في مكتبة جدي
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق