الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بدل السكوت .. مسئولية الرئيس القادم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفقر كافر ، ومجرم ، وقاطع طريق . الفقر أعنف مستبد ، وأسوأ ديكتاتور ، وأقبح طاغية ، شلال ظلام يهبط فوق سماواتنا الصافية ، وعكارة نهر متعطل عن التدفق ، وسلالم هابطة نحو الهاوية المجهولة . 
الفقر هو أخطر عدو ، وأقسى متآمر ، وأحد جلاد فى حياة المصريين ، مضوا أم مازالو يجرعون مرارة الأيام فى صبر معتاد ، ومتتالية يومية . 
لذا ، فإن على الرئيس القادم عبء ثقيل ، ومسئولية عظيمة فى مقاومة ذلك القبح الجاثم فوق دنيا المصريين منذ عقود ، إن الرئيس القادم لن يرفل فى ثياب الدعة والترف ، وإنما سينغمس فى هموم الناس ومتاعبهم ويتخيل آلامهم ويعيشها حتى يتمكن من علاجها . 
لقد صارت الرئاسة أمانة وحَمل ، لا مبتغى ومغنم ، قيد وتحدى ومهمة صعبة ، لا تشريف وترف ونفوذ ، ومن يرغب فى تحمل المسئولية عليه التركيز فى أمر واحد وأساسى هو الاقتصاد ، أكل العيش أولا وثانيا وثالثا ، هكذا يرى البسطاء وهكذا يتمنى الغلابة الذين دفعوا الدم والعرق والدموع عقودا من الزمان دون أن يجدوا مساندة أو اهتمام حقيقى . 
دائما كان الغلابة هم الرعايا ، وهم المحكومون ، وهم المضطهدون ، كانوا هم المواطنون المهمشون والمبعدون والمنسيون ، بينما كان أصحاب الاموال يستأثرون بالحلم والحكم ، ويلتفون حول الحاكم معضدين ومساندين ليفوزوا بالمال ، السلطة ، القوة ، القرار ، والحصانة . 
دائما كانت مصر لا تقبل القسمة سوى على هؤلاء الالف أو بضعة الآلاف من الرجال الكبار ، بينما هناك ثمانين مليونًا لا يحصلون على أدنى حق . 
إن أى قادم إلى مقعد الرئاسة مُطالب بتغيير حقيقى فى الخارطة الاجتماعية للناس ، عليه أن ينفض عنه "شلة " الكبار ، وحلقات رجال الاعمال ويضع نصب عينيه رجل الشارع البسيط ذا الجبهة السمراء واليد المتشققة ، عليه أن يخلع " النفورييش" من عنق الدولة ، وينزل إلى الفقراء والمعدمين ليأخذ بأيديدهم . 
إن أى محلل اجتماعى درس التاريخ المصرى يعلم جيدا أن أزمة المصريين الحقيقية هى العدالة الاجتماعية ، وأن الناس على استعداد ان تؤجل أحلامها فى حرية تامة ، ورخاء دائم إن كانت هناك عدالة فى توزيع الثروات وتكافؤ فرص فى الاستفادة بمختلف المشروعات . 
إن وضع الاقتصاد فى مصر يذكرنى بالمقولة الشهيرة للكاتب البريطانى الساخر برنارد شو عندما سئل عن صلعته ولحيته فأجاب : إنها مشكلة سوء توزيع ! 
وهنا فإن على الرئيس القادم أن يركز برنامج عمله ووقته وعقله وجهوده وتضحياته فى سبيل هدف أولى هو تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر . والله أعلم .