الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إلى أبي أحمد.. المياه ليست إرث أبيك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا غابت الحكمة حلت النقمة.. هذا هو حال الموقف الرسمي الإثيوبي فيما يتعلق بملء خزان سد النهضة من أجل مشروع يوفر طاقة كهربائية يحقق المال، في المقابل فمصر لا تمانع فى الخير لإثيوبيا وتمد يد العون في بناء نهضتها التي ستعود بالنفع عليها في ظل الشراكة الأفريقية. يأتي هذا في الوقت الذى يسعى فيه المصريون إلى مخاطبة الإثيوبيين، شعبا وقيادة، أننا معكم فكونوا معنا دونما ضرر، وذلك من خلال الاتفاق على تنفيذ مدة ملء الخزان وفقا لما يحقق المصلحة للجميع، ولعل حكماء العالم وفى إثيوبيا الذين يقبعون خلف الكواليس يعلمون جيدا أن الأمور التي تعقدها الحكومة الإثيوبية - بهدف كسب شعبية زائفة وحشد الجماهير من أجل تقوية حكمها – يجدونها أمورا أبسط مما نتصور، وهو الإتفاق بملء السد  بمدة في عمر الزمن قصير سواء 5 سنوات أو أكثر أو أقل مقابل عدم تعريض حياة 100 مليون مصري لخطر التعطيش وتبوير الأرض وقتل النبات والحيوان، فأين الإنسانية؟ وأين السلام وجائزته التى حصل عليها رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد؟
يقول المثل: عندما تغيب الحكمة فعلينا بالحكيم، ومن ثم فعلى الحكماء في القارة الأفريقية والعالم التدخل لكسر التعنت الإثيوبي الذى ارتضى من البداية بالوساطة المحايدة والتى تمثلت في أمريكا والبنك الدولي، واستمرت لعدة جولات تم الاتفاق من خلالها على العديد من النقاط، فعلى أي أساس وافقوا بالوساطة ثم ما أن لبثت لاتهامها بعدم الحيادية نظرا لعدم سريان الحلول وفقا لرغبات الأنانية والمكاسب التى تريدها الحكومة الإثيوبية، فهناك عدة تساؤلات نوجهها للحكومة الإثيوبية: هل ترون أن دبلوماسيتكم ضعيفة لذا لا تستطيعون الصمود في المفاوضات؟ أم أنكم أصبحتم أمام واقع حقيقي لا يمكن لأي عاقل قبوله وهو الإضرار بشعب كبير له بصماته التاريخية في النهوض بالأمم ولم يسع يوما إلا لتنمية الشعوب والشراكة معها غير طامع في ثرواتها وخيراتها، لذا فضلتم العنترية في تصريحات وزير الخارجية جيدو أندارجاشيو الذى تناسى الدبلوماسية وأعتقد أنه مناضل سياسي يلهب حماسة الجماهير بالخطابات النارية ولم يفكر لحظة في القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في المياه والحياة التى بحكم مهنته يفترض أنه قرأ عنها أو أجبرته المهنة لحضور جلسات لها في الأمم المتحدة.
فذهب ليقول: الأرض أرضنا، فنعم صدقت أنها أرضكم ولم ننكر ذلك، ولكن خلط كلام صحيح بآخر سيئ عندما قال إن المياه مياهنا، فهل أنت منزلها من السماء ومتحكم فيها، إنها عطية من الله مثل الهواء الذى يتنفسه البشر، فكيف لك أن تتحكم في منعه عن الآخرين الذين هم شركاء فيه على مدى القرون الغابرة، فالمياه ليست إرث أبيك وأمك.
وللحقيقة فإننا رغم هذا التعنت في الموقف الإثيوبي وإلباس الباطل ثوب الحق ومحاولة خلق اصطفاف أفريقي لمساندة الباطل واستغلال مقر الاتحاد الأفريقي على أرضها في تصوير حاجتها للدعم الأفريقي في مواجهة مصر وتناست أن مصر تربطها بكل القارة الأفريقية أواصر متينة، فمصر لم تتخل عنهم لأنها جزء أصيل منهم، بل إن حرص مصر على إثيوبيا وأفريقيا جعلها تشارك أشقاءها العرب في دعوة إثيوبيا للالتزام بمبادئ القانون الدولى وعدم الإقدام على أى إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية، وهذا أمر دبلوماسي لا غبار فيه، وليعلم الإثيوبيون والأفارقة أن كون مصر حلقة الوصل للشراكة الأفريقية العربية لو تعرضت إثيوبيا للضرر من أى دولة لاتخذت نفس النهج في القيام بدعوة الدول لمساندتها والحفاظ على شعبها ومقدراتها.
ولعل ما يؤكد أن مصر حريصة كل الحرص على علاقاتها مع إثيوبيا ما جاء في بيان خارجيتها الذى يحمل الأمل بأن الباب لا يزال مفتوحًا أمام حل متوازن يؤمن المصالح المشتركة لكل الأطراف ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشتركة في النيل الأزرق، وهى الفرصة التى يجب اغتنامها لمصلحة ٢٤٠ مليون مواطن في مصر والسودان وإثيوبيا، فعلى جميع هذه الدول الانحياز لعدم الإضرار بحق مصر في العيش، فشجعوا قيادتكم على الانحياز للحق الظاهر لكل البشر.
نعم فلتشجعوا قيادتكم على الشراكة والتنمية من أجل حاضرنا ومستقبل الأجيال القادمة ومن أجل النهوض بالقارة الأفريقية، فمعًا ننهض بأفريقيا ونرتقي بها.