الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كتاب ربيع النساء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ساعة ضممت حواراتى معهن في السنوات (2011 وحتى 2019) في كتابى عنهن (نساء الربيع العربي) كقياديات مُلهمات،وكن خمسون سيدة من ليبيا، والعرب، والعالم، وبَوَبْتُهُ في عناوين مرتبطة بموقفهن من الحياة: رائدات،سجينات، سياسيات، باحثات، حقوقيات، ناشطات المجتمع المدني، وفى الفنون والرياضة، في متن الحوار يبرز مُنتج الذات الفاعلة، هو خطاب نسوى حمال رسائل، يعتمد سرد السيرة «كشف وقول الذات»، وفى دراسات (مفهومات مابعد البنيوية) تحليل الخطاب النسوى يجرى التركيز على علاقة الخطاب (شفويًا أو مكتوبًا) كبُنية لُغوية بكل ماهو اجتماعي،أيديولوجي، وعلاقة السلطة الخاصة بالنوع، وفيها أسئلة مبحوث فيها ظاهرًا أو ضمنًا مثالُها: كيف يمكن للنساء أن يتحدن ويتضامن من أجل معارضة أشكال التمييز ؟ كيف يمكن للنساء أن يعملن ويبرزن ذواتهن في بيئة تهيمن عليها الثقافة المتمركزة حول الذكر؟ كيف يمكن إحداث تغيير اجتماعي من خلال ضرورة الوعى بالتغيير في المواقف عند الرجال والنساء؟ 
وقد حقق الاشتغال النسوى على صعيد عالمى منذ منتصف القرن الماضى حلحلة ظاهرة، ويصعب إنكارها في إحداثها تغييرًا في أوضاع النساء، فاضطلاع المنظمات الدولية، (الأمم المتحدة ولجانها - هيئة الأمم المتحدة للمرأة- لجنة وضع المرأة - قرارات مجلس الأمن المرأة والسلام والأمن)، بمعالجة قضايا التمكين السياسى والاقتصادى للمرأة، عبر إلزام بالتوقيع أو المصادقة أو بمواثيق وعهود (مؤتمر المكسيك 1975م، مؤتمر كوبنهاجن، مؤتمر نيروبي، بكين). وتوالى الضغط، وطلب تقديم التقارير لأجل تحقق تلك المساعى من كل دول العالم نامِيها ومتقدمها، ما يثبتُ عمليًا بأن جهودًا تقدمت لخطوات لأجلهن، فاليوم لم تعد آليات المنظمات تصارع كما سبق بدعواتها الملحة لأجل مبدأ تعليمهن (محو الأمية، التعليم الإلزامي)، وتوظيفهن في سوق العمل، (إعلاميات، ممرضات، معلمات، مهندسات، قانونيات)، يوازى ذلك نضال الحركات النسوية، التى انطلقت بأهدافها التحررية وبمشروعها الحداثوي، وبِمُنظراتها وفاعلاتها منذ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين الذى زخر بنساء رائدات سياسيًا، مثلما أنديرا غاندي، وحكمت أبوزيد، نفيسة الأمين، فاطمة المحمود، وأيضا كان لنساء العرب صولاتهن «المدنية» من أجل التغيير في وسط مجتمعاتهن، كهدى شعراوي، نبوية موسى، مليكة الفاسي، راضية الحداد، وحميدة العنيزي، وفيهن المتجاوزة لقيود الحجر على الفكر والثقافة والأدب: ليلى بعلبكي، نوال السعداوي، آسيا جبار، فاطمة المرنيسي، غادة السمان، مرضية النعاس، ولاحقًا مع الثمانينيات والتسعينيات، جرت مراجعة نقدية على مستوى تاريخ موجات النسوية، مثّل صراعًا بين توجهات الراديكاليات، وبين الاشتراكيات، ومؤخرًا بين اللاتى يذهبن إلى أهمية «الفردانية النسوية»، والطابع الأوتوبيوغرافى (السير ذاتي) لنضال كل امرأة، نسوية «الفتيات» بمقابل نسوية «الأمهات» المؤسسات، بأن تكتسب المرأة مكانتها الذاتية بالتعددية والاختلاف، وليس بالبحث عن المطابقة والتشابه. ولعلنا ونحن المنضوون، ضمن مظلة هذا العالم في يومنا هذا، نرقب مجتمعاتنا العربية، وهى تعبر مخاضًا عسيرًا وموجة هادرة، بجغرافيا تتوزع بين واقع الُمنتفض، والمتأثر بارتدادات الانتفاضات، نبحث عن ظلال النسوية العربية، المعبر عنها في خطابها، وانشغالها الأهلى / المدني/ الثقافى.
تواجه وتقاوم النساء اليوم - خطابا نكوصيا يتقصدهن - بمحاولة المسير مع مبتدأهن النهضوى لنصف قرن (ما بعد الاستعمار)، وإعادة ربطه اليوم مع متغيرات تعيشها مجتمعاتنا، بالتفاعل المدني، والحوار، وإعلاء الصوت، فيما يتعلق بالحق الانتخابى والتمكين، والحق في العيش دون عنف. 
وفى كتابى الحوارى مع خمسين سيدة،الذى بُحن فيه وفى تاريخ مفصلي،حيث أصواتهن التي تحضر متوثبة في سيل ردودهن على الأسئلة بلاموانع، أو وهن ينسبن متدفقات في سرد حكاياهن المستعادة بروح اللحظة، وسردية فعل الأنا عبرت: طفولة وتاريخ عائلة، مكان ومحيط نشأة، رفاق درب وجيران عمر، وأمكنة تعلم وممارسة وظيفية، مواقف وأحداث جسام شكلت إرادة الفعل في مشوار الحياة. ولعل من يدرس ويتمعن في متن حوار يمثل مسارات ذاتية، وخصوصية مفارقة، له أن يبحث في أصل، ومبعث كل نجاح لهن قطع طريقه، أيا كانت ظروفه وسياقات حياته، إذ نؤرخ بالحوار للمرحلة بكل مخاضاتها، ولوجودهن الفاعل فيها.