السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فيروس كورونا وعلي الكسار وغطرسة العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وأنا أتابع العالم وهو يلاكم هذا القزم، بعد كل تلك السنوات الطويلة التي قضيناها هنا.. بعد الحديث عن العلم والعلماء يأت "كورونا" ليضحكني كما أضحكني على الكسار في فيلم "سلفني ٣ جنيه"، أرى العالم يقف في الحلبة بكل قوته أمام عثمان عبد الباسط، الحكم يقول عن العالم: "حنفي محمد على هزم عشرة"، حديث عثمان مع حنفي، كحديث كورونا مع غطرسة العالم، وحديث الحكم مع حنفي لخص حكاية الفيروس: "يا حنفي صلح لعبك إنت ما تعرفش الأصول بعد كده هخرجك برة".
المدلكين كعادتهم سخروا من عبد الباسط:"إيه اللي هتلكموا ده".. يرد العالم بغطرسة: " أهو ده اللي فاضل خلينا نخلص عليه".
عثمان يصارح حنفي بأنه في حاجة إلى ثلاثة جنيهات ويشرح له أنه كان قد عقد اتفاقا مع ملاكم آخر فرتكه حنفي وضاعت الصفقة"، غطرسة حنفي اكسبت عبد الباسط دعما من الطبيعة فانتصر في غفلة، نصر لن يدوم ولن يجعل منه بطلا.. لكنه نصر أظهر ضعف هذا العالم المتغطرس.
فأهلا بكم في هذا العالم الذي فقد إزاره فتكشفت عوراته، هذا العالم الضعيف الذي أرهبه "فيروس"، فهرع سكانه للهروب من الموت.
مضحك ذلك الأمر أن يخاف الميت من الموت.. أن يفر العالم من نهايته.. كل هذا الرعب ليس من وباء، لكن لأن الغطاء انكشف عن الضعف.. نحن ضعفاء جدا.. ضعفاء إلى الحد الذي لم نعد معه قادرين على الاعتراف بضعفنا.
الناس يموتون في هذا العالم كل يوم، يموت البعض فلا ينشغل الآخرين، المرعب الآن هو أن الموت يوزع في كل البلاد دعوات إجبارية، قرر الموت أن يقيم احتفالا كبيرا يحضره مختلف الجنسيات، وبغطرسته التي اكتسبها من خشيتنا منه لم يكلف نفسه مشقة توصيل تلك الدعوات، فأرسل أضعف شخصا لديه ليتولى المهمة.
أهلا بكم أيها الخائفون.. أتعرفون حقيقة الأمر، العالم ليس فزعا من وباء.. لكنه فزع من ضعف.. فزع من موت ظنوا أنه بعيدا.. فزع لأن الموت الآن ليس بطولة.. ليس تخليدا ولكنه "موت فطيس".
فيا أيها المرتجف ما هو الدافع لأن تكمل مشوار الحياة الممل؟ ما هي جدوى ما تفعله؟ ماذا لو جمعت الكثير من المال وجوبت العالم كله؟ ما فائدة الركض؟ ما المجدي في لقاء يتبعه وداع؟ ما المغري في ضحكة زائلة وفي دمعة مسافرة؟ ما النفع في التشبث ببقاء في أرض قاحلة!.. أبعد ذلك كله يهددك "فيروس حقير"؟.. كم أنت ضعيف!
ألف سؤال يعتصر روحي كل ليلة وأنا أشيع يومي إلى مثواه الأخير، ولا أجد في تفاصيله الصغيرة ما يستحق له الدعاء بالرحمة وذكر محاسن موتانا، فمنذ أمدٍ طويل والأيام تتشابه، تنفض يديها عن الأحلام وتتكاسل على أن تؤتي بجديد، منذ أمد وأنا أقرأها تواريخ على الجدران بعبارات عن المجد للصابرين، حتى تغيير أرقام التواريخ لم يعد مجديًا.. ما الفرق في أن يصبح هذا اليوم هو الأمس والغد.. ما الفرق في أن تكون ثريا أو تكون فقيرا! عفيا أم مريضا؟!.
هذه ليست دعوة لليأس لكنها دعوة للحياة!.. كل هذه الأسئلة وغيرها قادتني لإجابة واحدة مقنعة بالنسبة لي، وهي التعامل مع كل الحالات بالوقتية، باقتناع أن الفرح لحظي والحزن لحظي والعافية لحظية والنجاح والانبهار والانكسار والانتصار والمرض مشاهد في عمل موقوت، الإفراط والتمني بدوامه أو بزواله يفسده.
لذا إذا واتتك الفرصة أن تضحك فاستغلها.. اضحك ملء قلبك وروحك.. اضحك إلى أقصى درجة تستطيع الوصول إليها ولا تنشغل بهذا الهلع من حولك. فلعل تلك اللحظة لا تتكرر.. إذا أهدتك الدنيا عن طيب خاطر حبًا فلا تحسب العواقب، لكن عليك أن تحب بشدة ولا تؤجل خطاباتك للغد، فلربما ساعي البريد لا يمر على دارك في الغد، وإذا حزنت فاحزن بتوأدة فلن يتكرر بريق الحزن في عينيك في الأيام التاليات، حتى الحزن لن يبقى كثيرا بجماله ورونقه فعما قليل سيصبح أمرا معتادا كتلك التواريخ على الجدران.
اترك كل شيء علق بك في مكانه، لا تصطحب شيئا معك في مكان جديد تذهب إليه، فبعض الأشياء إن أزلناها من مكانها لن تعد صالحة كما كانت.
لا تطارد ذكرياتك ولا تجعلها تطاردك حتى تتمكن من صنع غيرها.. ابكي وتألم واصرخ إن أحببت.. تلك ليس عوارات تحتم عليك مواراتها فضعفك جزء منك.. وأنت كما أنت خلقت وستمضي فكن كما تشاء دون حسابات وهمية.. باختصار يا صديقي إذا أردت أن تخرج من هذا السباق رابحا لا تفكر فيما أهو أبعد من موضع قدمك.
عش عمرك كأنه فقط تلك اللحظة.